صلاح ود أحمد يكتب :
مجتمعنا وللأسف الشديد ناقد من الدرجة الأولى ولا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب.. ونحن بطبيعة تركيبتنا النفسية لا ننظر الى العمارة ذات العشرة طوابق ولا نشيد بهذه البناية الضخمة، ولكننا ننطر إلى الشباك المفتول أو المفندر كما يقولون ونركز على هذه السلبية ولا نرى في الوجود شيئاً جميلًا
هذا ما يحدث بالضبط لحكومة الفترة الانتقالية الحالية، فنحن ننتقد بس ونتفرج ولا نشكر الناس فتأملوا معي ما كان يتقاضاه حمدوك رئيس الوزراء إبان عمله في الأمم المتحدة والعيشة الرغدة والراحة التامة التي كان يرفل فيها.. وقس على ذلك كافة الوزراء الذين كانوا يعملون كخبراء بالمنظمات الإقليمية والدولية ورغم كل هذه الامتيازات إلا أنهم آثروا العودة للوطن لانتشاله من الهوة السحيقة التي يعيش فيها وذلك على حساب صحتهم وأسرهم وراحتهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا قدمنا لنجاح الحكومة الانتقالية لم نقدم لها سوى اللايفات والنقد والتنظير وأحياناً البجاحة والتطاول على المسئولين ما هكذا يكون تسامح وتساهل الحكومة مع هذه الفوضى الضاربة أطنابها، والتطاول والبعض يوجه الإساءات على عينك يا تاجر دون خوف، وهذا من تساهل الحكومة مما يضعف هيبتها ويجب تفعيل القوانين وأي إساءات أو تجريحات أو المساس بأمن البلاد أو إثارة الفتنة يجب أن يتم حسمه بالقانون والديمقراطية لها أنياب.
إن ملايين الدولارات واليورو وكافة العملات الصعبة خارج نطاق الجهاز المصرفي بل مكدسة في المنازل والجيوب
والمصارف وبنك السودان المركزي خالية من هذه العملات ونحن نقف في الصفوف ونملأ سياراتنا بالوقود ونعود للمنازل ونحلب السيارات ونعود مرة أخرى للطلمبات لنبيع البنزين والجازولين في السوق الأسود..
ماذا قدمنا ونحن نستمتع بتهريب السكر والدقيق والوقود لخارج البلاد عبر حدودنا الشاسعة.. ماذا قدمنا وسبائك الذهب التي تقدر بالمليارات في المنازل ونتفنن في تهريبه للإمارات والسعودية.. ماذا قدمنا والدقيق المدعوم يستهلك جزء منه في المخابز والنصف الآخر من نصيب ناس الباسطة والحلويات.. ماذا قدمنا ونحن نتمشدق بحب الوطن ونعمل لهدمه بإصرار،
ماذا قدمنا والخدمة المدنية همها الكلمات المتقاطعة وهلال مريخ والزوغان المبكر.
ماذا قدمنا للوطن والغالبية اتجهت للبيع. والسمسرة وتلاحظ أن الأعداد الكبيرة من الشباب يبيعون الفواكه والخصروات والمنقة بالشطة والتبش وناس الصحة بالمحليات يغضون الطرف كأن صحة المواطن لا تهمهم.
ماذا قدمنا للوطن وأصحاب المركبات العامة يجبرون المواطنين بكل بجاحة وصفاقة ومشادات كلامية عنيفة ويصرون على تعريفتهم التي وضعوها حسب مزاجهم والجهة المسئولة عن إصدار تعريفة المواصلات، ففي السابق كانت إدارة المرور هي المسئولة عن هذا الأمر، ولكن تم تحويلها لوزارة البنى التحتية التي بها إدارة كاملة للنقل والمواصلات، ولكنها ظلت صامتة لا حس لا خبر كأن الأمر لا يعنيها والسؤال المطروح هل هنالك تخصيص للوقود المدعوم لوسائل المواصلات بالكروت الذكية فالآراء متضاربة حول هذا الأمر، وأصحاب المركبات العامة يقررون التعريفة حسب مزاجهم، هل هنالك فوضى أكثر من ذلك، ويعملون بلا رقيب أو حسيب في ظل صمت الجهات الرسمية ولا أدري الى متى تظل صامتة.
مرة أخرى نسأل الله أن يوفق د. حمدوك ورفاقه في قيادة هذه السفينة وبإذن الله سيكون التوفيق حليفهم طالما نيتهم خالصة لخدمة الوطن.. يا أهلنا ساعدوا الحكومة بالقول الطيب إذا عجزتم عن الفعل ونأمل من الجميع أن يضعوا الوطن فوق حدقات العيون فالأمم تتقدم بوعي شعوبها وحسهم الوطني العالي وإخلاصهم وحبهم للوطن، ولكن النقد والوقوف في صفوف المتفرجين بدون تقديم حلول إيجابية لا يبني وطناً ولا يعمره ما لم تتغير مفاهيمنا تجاه الوطن فسوف نظل محلك سر.
مرة أخرى التحية للدكتور حمدوك ورفاقه الذين تبرعوا وتطوعوا لقيادة هذه السفينة في ظل هوج الرياح والبحر المتلاطم، ويقيني أن التوفيق سيكون حليفهم بإذن الله لأن النية زاملة سيدا.
ولله دركم حمدوك ورفاقه.
آخر الأشتات
تعجبني هذه الأغنية الرائعة التي تقول
بلادي يا سنا الفجر وينبوع الشذى العطر
وملهمة أناشيدي وأبيات من الشعر
سلام أنت ألحاني وحلمي بالهوى العذري