مع اقتراب بداية العام الدراسي الرسوم الدراسية: شبح يقض مضاجع أولياء الأمور
إدارة التعليم الخاص: كل مدرسة تضع رسومها المناسبة مع مراعاة أوضاع أولياء الأمور الاقتصادية
أولياء أمور: التعليم الخاص لا قانون له والحكومة بعيدة عن التعليم
القطاع الخاص: نتوقع زيادات في الرسوم الدراسية لهذه الأسباب
صاحبة مدرسة أجنبية: الوزارة موقفها ضبابي ومنعتنا من فتح باب التسجيل
أصحاب مدارس: الضرائب وإيجار العقارات من أكبر المعوقات
تحقيق: أم بلة النور
منذ أكثر من عشرة أعوام اتجه أولياء الأمور إلى التعليم الخاص بعد انهيار التعليم في القطاع الحكومي وفشل الحكومة في إعادته إلى سيرته الأولى، إلا أن المواطن ظل يعاني في السنوات الأخيرة من الزيادات المضطردة في الرسوم الدراسية في كل عام دون الالتزام بقانون التعليم الخاص الذي يشير الى عدم زيادة الرسوم إلا بعد مرور ثلاث سنوات للتلميذ داخل المؤسسة التعليمية، على أن تكون الزيادة للتلاميذ الجدد في كافة الفصول الدراسية وخاصة للصف الأول سواء كان بمرحلة الأساس أو الثانوي, إلا أن أصحاب المدارس لا يلتزمون بتلك الموجهات ويرجعون ذلك للزيادات في مدخلات الإنتاج من كتب وإجلاس وزي مدرسي, إلا أن هذا العام يأتي مختلفاً عن بقية الأعوام, نسبة للتضخم الذي وصل إلى أكثر من 135% الى جانب الوضع الاقتصادي للأسر، فضلاً عن زيادة أجور المعلمين بالقطاع الحكومي والذي انعكس على الرسوم الدراسية بالقطاع الخاص لمطالبة المعلمين بزيادات كبيرة إن لم تكن بنفس القدر أقل بقليل، وكل تلك الإشكالات نتناولها في سياق التحقيق التالي.
تخوف
هناك تخوف كبير من أولياء الأمور من فرض رسوم عالية على أبنائهم في المدارس الخاصة هذا العام، ويزداد الهلع عند الآباء الذين لديهم أكثر من طفل في المراحل الدراسية الأساسية والثانوية، وحمل أولياء الأمور الحكومة مسؤولية هذا الواقع المتخضم بسبب إهمالها التعليم الحكومي كما أنها تتجه للضغط على القطاع الخاص في تعبئة خزانتها على حساب المواطن البسيط بعد أن فشلت في مشروعها الحكومي، ونادوا بضرورة تفعيل دور وزارة التربية والتعليم في كبح جماح الأسعار وفرض سيطرتها على القطاع الخاص والذي أصبح لا قانون له والحكومة بعيدة عن التعليم.
أطراف الولاية
وفي جولة (للصيحة)- في وقت سابق- داخل أطراف ولاية الخرطوم والتي يعاني قاطنوها من وضع اقتصادي سيئ الى جانب تعليم حكومي منهار، تلمست تكدس ما لا يقل عن 100 تلميذ داخل الفصل الواحد، الأمر الذي يجعل الأهالي يلجأون للمدارس الخاصة وإن لم تكن بمستوى المدارس الخاصة بقلب العاصمة حتى يجد أبناؤهم قسطاً من التعليم، وقال عدد من اولياء الأمور إنهم يتوقعون زيادات تقدر بأكثر من 150% بحسب حديث عدد من أصحاب المدارس بأمبدة دار السلام غرب سوق ليبيا، وكشف مديرو المدارس عن مطالبات كبيرة في أجور المعلمين خاصة المرحلة الأساسية والتي تحتاج من المعلم التفرغ التام للتدريس داخل المدرسة عكس التعليم الثانوي، وأضاف أستاذ خالد عبد الله، أن الرسوم كانت في العام الماضي عبارة عن 5 آلاف جنيه، ويتوقع أن تصل هذا العام الى ما لا يقل عن 12 ألف جنيه نسبة للزيادات في كافة المدخلات، وأشار الى أن المعلمين طالبوا بزيادات كبيرة في المرتبات واعتبر أن هذا من حقهم إلا أن هذا الأمر سوف ينعكس بصورة واضحة على الرسوم، واتهم وزارة التربية بعدم الاهتمام بالقطاع الخاص.
توقع وإرجاء
فيما قال مدير إحدى المدارس الشهيرة بأمدرمان إن الرسوم الدراسية لم تقرر بعد، وتوقع أن يتم البت فيها الخميس المقبل بعد اجتماع مجلس الإدارة، وأضاف أن الوزارة أصدرت منشوراً عاماً، ولكنها لم تحدد فيه سقفا معيناً للرسوم، لأنها لا تملك الحق في ذلك نسبة لعدم تنازلها عن ضرائبها وجباياتها، إلا أنه وبحسب المنشور على أصحاب المدارس مراعاة الوضع الاقتصادي وأن لا ترهق كاهل أولياء الأمور، إلا أنه توقع أن الزيادات ستكون بحسب التضخم وسوف تتعدى الزيادات أكثر من 135%.
خروج وخسائر
فيما أكد عضو سابق باتحاد المدارس الخاصة بشرق النيل وصاحب إحدى المدارس بمحلية شرق النيل إبراهيم الشعراني، أن الوزارة لم تحدد أي مبلغ للرسوم الدراسية، لأنها ليس لديها الحق في ذلك، نسبة لعدم اهتمامها بالقطاع الخاص بل أنها تفرض رسوماً وجبايات على المؤسسات الخاصة والتي اعتبرها الشعراني أحد أسباب ارتفاع الرسوم الدراسية، إلى جانب أنها عبارة عن تراضٍ بين ولي الأمر وإدارة المدرسة، وتوضع حسب الخدمات التي تقدمها المؤسسة التعليمية, وتوقع إبراهيم إن تصل زيادات هذا العام الى أكثر من 200% في بعض المدارس، وتقل في الأخرى والتي سوف تلجأ إلى سحب بعض الخدمات الأساسية حتى تحافظ على طلابها, وعن زيادة المرتبات بالقطاع الحكومي، قال الشعراني: وحتى وإن لم توضع تلك الزيادات سوف يكون هناك ارتفاع في الرسوم الدراسية، وأرجع ذلك إلى الارتفاع الكبير في أسعار إيجار العقارات والذي أصبح هاجساً كبيرًا لأصحاب المؤسسات التعليمية الخاصة وأكثر من 90% منها عقارات مستأجرة، متوقعاً توقف العديد من المدارس الخاصة لذلك السبب، إلى جانب وجود خسائر كبيرة في نهاية العام الدراسي لعدد أكبر من تلك المؤسسات.
شأن خاص
وفي حديثه للصيحة قال محمد جمعة، مدير إحدى المدارس الخاصة بمحلية شرق النيل وحدة الحاج يوسف الإدارية، إنه قد تم الاتفاق بين لجنة التسيير الولائية ووزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم على أن تحدد تلك اللجنة الرسوم الدراسية للعام الدراسي الجديد، إلا أن اللجنة خرجت بأن الرسوم شأن خاص بأصحاب المدارس وليس الوزارة مع مراعاة الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد، وأسند أمر حل الإشكالات بين أولياء الأمور ومؤسسات التعليم الخاص إلى لجنة رباعية، اثنان من لجنة التسيير بالمحلية واثنان من مكتب التعليم الخاص بالمحلية، وأشار الى أن كل ما فعلته الوزارة هو الفصل بين التعليم الخاص والتعليم الأجنبي، الى جانب وعد الوزارة بدعم التعليم الخاص بالمناطق الطرفية والتي لا توجد بها مدارس حكومية بالتعاون مع لجان المقاومة والخدمات.
غير واضح
فيما قالت مديرة إحدى المدارس الأجنبية بالخرطوم ياسمين كمال عباس مدرسة “لتل هاند”، للصيحة إنهم كمدارس أجنبية قاموا في العام السابق بوضع ميزانية خاصة بكل مدرسة وتم تقديمها لوزارة التربية والتعليم لاعتمادها، إلا أن الوزارة لم تعتمدها حتى قبيل العام الدراسي السابق مما جعلهم يقومون بفتح التسجيل وفرض الرسوم الدراسية، إلا أن ذلك تسبب لهم في إشكالات مع أولياء الأمور خلال العام الماضي، والذين اتجهوا للوزارة والتي بدورها استمعت لهم دون أن تستمع لأصحاب المدارس الأجنبية أثناء تقديمهم لميزانياتهم، بل لم تنظر فيها الوزارة بالرغم من الاتصال المتكرر بهم، وقالت إن المدارس الأجنبية تستورد أدوات التشغيل من الخارج وهناك ضرائب وجمارك تفرض على تلك المدخلات إلى جانب نسبة 2% من رسوم كل طالب تذهب إلى وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم، وأضافت ياسمين أن الوزارة في وقت سابق قد تحدثت لهم عن إنشاء مجلس آباء لتحديد الرسوم الذي تم رفضه من قبل أصحاب المدارس لأنه غير موجود في قانون التعليم الخاص للعام 2015م كما أنهم ليس لديهم علم بميزانيات المدارس ومدخلاتها، وأضافت أن دور وزارة التربية والتعليم تحصيلي فقط وليس لديها أي نوع من الإشراف والمتابعة على تلك المدارس, وترى أن هناك غياباً تاماً من قبل الوزارة كما أن موقفها تجاه الرسوم ضبابي وغير مفهوم، لأنها لا تريد أن تخسر أي شيء مقابل التخفيف عن المواطن، ولم يحدث أن قام مسؤلو الوزارة بتسجيل زيارة للمدارس والوقوف على الخدمات التي تقدمها رغم لجوئهم لها لمناقشة قضايا التعليم الأجنبي .
عدم مقدرة
وقالت ياسمين إنهم وحتى كتابة هذه السطور لم يتم تحديد موعد للتسجيل أو فرض قيمة الرسوم الدراسية للعام الجديد، كما أنها فشلت في دفع إيجارات المدرسة وصيانتها واستيراد المدخلات من الخارج نسبة لمنع الأهالي من التسجيل من قبل الوزارة رغم اقتراب العام الدراسي، وتساءلت عن الأمر الذي تنتظره الوزارة حتى تسمح لهم بالاستعداد للعام الجديد.
حلول متكاملة
ووضع جميع المتحدثين (للصيحة) جملة من الحلول لتخفيف العبء على المواطن وتقليل الرسوم الدراسية بأن يتم تخفيض الرسوم الجمركية إن لم يكن الإعفاء كاملاً على الأدوات المدرسية ومدخلات الإنتاج للتعليم الخاص والأجنبي التي تأتي من الخارج, إلى جانب تخفيض الضرائب وتأجيل دفع الزكاة إلى نهاية العام الدراسي حتى يتضح موقف المؤسسة ما إذا كانت هناك أرباح أم خسائر، فضلاً عن إعفاء المدارس من نسبة 2% من الرسوم الدراسية لكل طالب مع بيع الكتاب المدرسي بسعر التكلفة حتى تتمكن المؤسسات الخاصة من تخفيض الرسوم والاستمرار في العمل.
منشور وزاري
ولرفع يدها عن مسألة الرسوم الدراسية اكتفت إدارة التعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم بإصدار منشور وزاري بتاريخ 6/8/2020م أشارت فيه في البند رقم واحد بأن تضع كل مدرسة رسومها الدراسية المناسبة مع مراعاة أوضاع أولياء الأمور الاقتصادية، وأشار البند رقم (2) إلى تشكيل لجنة رباعية بكل محلية للنظر في أي خلاف يطرأ بين أولياء الأمور والمدرسة فيما يتعلق بالرسوم والعمل على حلها، وتضمن البند رقم (3) حصر المدارس الطرفية بالمناطق التي لا توجد بها مدارس حكومية وتحتاج إلى إعانة في تسييرها بالتعاون مع لجان المقاومة بالمحلية.