ملامح الفوضى بالخرطوم
مواطنون يحكون لـ(الصيحة) كيف وقعوا في مصيدة التفلتات
مباحث بحري تعتقل اثنين من معتادي الإجرام قاما بنهب وقتل مواطن
باحث تربوي يطالب بمؤسسات تربوية ورياضية لتهذيب السلوك
مصدر شرطي: لهم أساليبهم الخاصة ويشبهون عصابات المافيا
تحقيق: عديلة إبراهيم
رصدت (الصيحة) العديد من التفلتات الأمنية والاعتداءات على المواطنين خلال الفترة الحالية بعد انتشار جائحة كورونا والحظر المفروض، حيث انتشر النهب والسلب بشكل مريع في أرجاء العاصمة الخرطوم مما أدى الى انعدام الأمن وزرع الخوف في قلوب المواطنين خاصة القاطنين في أطراف الولاية، فيجد المجرم المواطن فريسة له ويأخذ كل ما يحمله (هواتف … نقود… أمتعة) كما تعرضت بعض الصيدليات والمخازن والبقالات والاكشاك للسرقات .. وازدهرت سرقة الأحذية من المساجد، وعادت ظاهرة خطف حقائب السيدات بواسطة المواتر والركشات للظهور من جديد، وانتشرت عمليات شلخ الجيوب .. وحسب متابعات الصيحة فقد لاحظت انتشار عمليات النهب في الميادين والشوارع الرئيسة والمظلمة .
نهب وسرقات
رصدت الصيحة العديد من الجرائم التي تم ارتكابها بصورة تدل على عدم الإنسانية والضمير، وفي هذا السياق تحكي لـ (الصيحة) المواطنة مي محمد بزيادة السرقات بعد الحظر بشكل متزايد وأفادتنا بأن العصابات أصبحت تختبئ بجوار المصانع خاصة في الشعبي أمدرمان لخطف الهواتف وأشارت إلى خطف جوالها في هذا الطريق بالقوة، وقالت إن اثنين من الشباب عند خروجها من العمل تابعاها وتحدثا معها وطلبا منها أن تعطيهما هاتفها والنقود فرفضت وتم ضربها في يدها وأخذا منها حقيبتها، وقالت إن عمليات السرقة تتم للنساء أكثر من الرجال لأنهن ضعاف، ولا يمكن لفتاة الوقوف أمام الرجل وإن السرقات تتم في المساء دائمًا.
وأشارت المواطنة فدوى جامع أنها رأت بعينها سائقاً مطعوناً في بطنه أتى إلى المستشفى حوالي الساعة 9 مساء، وعلمت أن عصابة حاولت نهب نقوده ولما رفض أعطاءهم النقود قاموا بطعنه في بطنه فقام بربط بطنه وقاومهم إلى أن وصل الى المستشفى.
في صف المجرم
وفي ذات السياق ذكرت الشابة منى الفاتح أنها تعرضت للسرقة في موقف مواصلات واندهشت من تعاطف بعض الناس مع المجرمين، وقالت أحياناً نقف في صف المجرم بدل أن نقف صفاً واحداً لمنع المجرم من ارتكاب الأخطاء، وناشدت الجهات الشرطية بمراقبة مواقف المواصلات لوضع حد لهذه التفلتات، وقالت: نحن في عهد الثورة وتتم سرقتنا بهذه الصورة المريعة.
وبمنطقة السوق المحلي كثرت جرائم نهب المواطنين ونهب بضائع التجار المحملة في العربات من قبل شباب صغار السن تتراوح أعمارهم ما بين 12 إلى 20 عاماً تبدو سحناتهم أنهم من دولة أفريقية مجاورة.
وأشار أحد التجار لـ (الصيحة) لتواصل عمليات نهب البضائع رغم إبلاغهم الشرطة.
في حين كشف رجل أعمال لـ (الصحيفة) أن شقيقته تعرضت للنهب داخل سيارتها بالسوق المحلي حينما قام أحدهم بسرقة حقيبتها وبداخلها مبلغ كبير من المال والجوال الخاص بها.
وإبان مواكب 30 يونيو أعلنت الشرطة عن إصابة مواطن من قبل متفلتين في السوق المحلي.
سعد قشرة
وكانت شرطة محلية بحري برئاسة العميد محمد سيد أحمد تمكنت من احتواء عملية للسرقة والنهب بسوق سعد قشرة وذلك على إثر قيام بعض المتفلتين بالدخول لسوق سعد قشرة في محاولة لنهب السوق.
وتمكنت القوة المكونة من مدير شرطة محلية بحري ورئيس قسم المدينة وعدد من ضباط القسم والجنود من منع تنفيذ العملية الإجرامية والسيطرة عليهم والقبض على عدد من المتهمين وبحوزتهم مواد بترولية حارقة.
ورغم قلة أعداد أفراد الشرطة إلا أنهم تمكنوا من الثبات لمدة 4 ساعات كان المتهمون يرشقون الشرطة بالحجارة إلى أن تمت السيطرة عليهم.
وأصيب في هذه العملية رئيس شرطة المحلية ورئيس القسم الأوسط وعشرون من الرتب الأخرى.
سوق ليبيا
وفي 16 / يوليو دونت مباحث شرطة الخرطوم فرعية أم بدة كما جاء في الموقع الرسمي للشرطة عدة بلاغات نهب وسرقات ليلية وابتزاز، فضلاً عن جرائم الخطف بالمواتر بقسم شرطة سوق ليبيا وتوقيف أكثر من 10 متهمين بينهم معتادو إجرام، حيث بلغت قيمة المسروقات المستردة 4 مليارات جنيه، وطالبت الشرطة المواطنين بالإبلاغ الفوري.
ميدان عقرب
فيما ضبطت مباحث الخرطوم بحري اثنين من معتادي الإجرام قاما بنهب وقتل مواطن ببحري
بالشارع العام بقشلاق ميدان عقرب وكان المواطن قد خرج من منزله مساء لصيانة مكيفه وطعناه ونهبا هاتفه الجوال.
حملة نوعية
وللحد من تلك الجرائم قامت شرطة الخرطوم بتدشين حملة نوعية لمخالفات الحظر الصحي ومعتادي الإجرام بتسيير قوات جوالة محمولة على 70 عربة بمشاركة كل فصائل الشرطة وقامت تلك القوات بالقبض على كاسري الحظر والمتفلتين.
عصابة سواطير
تحفظت شرطة دائرة العمليات بالطوارئ في منطقة شرق النيل على أكثر من”500″ لاجئ بالجريف شرق الخرطوم، وذلك منعًا لأحداث دامية بين لاجئين من رعايا دولة جنوب السودان وأهالي منطقة الجريف شرق.
وحسب مجريات الأحداث من شهود عيان أن عصابة مسلحة بالسواطير من رعايا دولة جنوب السودان هاجمت شباباً من أبناء الجريف محاولين نهب ممتلكاتهم وقاومهم أبناء الجريف وبعدها بدأت مطاردة العصابة واحتمت العصابة بالرواكيب الموجودة على شريط النيل وقامت بقذف الشباب بكمية كبيرة من الحجارة مما أدى إلى إصابة شابين من أبناء الجريف.
أسباب نفسية اجتماعية
يرى الدكتور والباحث الاجتماعي عبد القادر عبد الله استاذ علم الاجتماع بجامعة امدرمان الإسلامية أن ممارسة التفلتات بمختلف أنواعها من سرقة وتعدٍّ علي ممتلكات الناس لها جوانب نفسية متعلقة بالتنشئة الاجتماعية، وقال لـ (الصيحة) إذا كانت الأسرة تنشئتها سلبية تكون الطاقة السلبية مؤثرة على الشخص في مجتمعه، وتكون هذه الطاقة ناتجة عن ظروف غير عادية متمثلة في الخلل التربوي (الخلل التنشئي) كتقمص شخصية ما أو تقليد سلوك مشين، وهذا التقمص يقود أو يدفع بالشخص لممارسة سلوك شاذ يكون على حساب المجتمع وبالتالي يحدث شرخ في المجتمع علماً بأن أي أثر سالب للفرد يؤثر سلباً في المجتمع، وإذا كانت الطاقة والتربية إيجابية وسليمة يكون الشخص سلوكه إيجابياً ومفيداً للمجتمع وإذا كانت التنشئة النفسية سالبة وفيها خلل يكون سلباً على مجتمعه.
وطالب بقيام مؤسسات تربوية ورياضية في المجتمع حتى لا يسيطر على الشباب جماعات ورفاق سالبون، ويكون هذا خصماً وسلباً على المجتمع لأنهم يمارسون أشياء لا يرضى عنها المجتمع يكون مجتمعاً به هزة أمنية.
وأضاف: من الجوانب الاجتماعية، المجتمع الصغير وعلاقاته المختلفة، فالأسر إذا كان بها خلل اجتماعي مثل الطلاق والمشاكل والمشاكسات يكون له الأثر في ممارسة التفلتات كالسرقة وارتكاب الجرائم وغيرها فتكون ناتجة عن الخلل الاجتماعي الذي يعيشه، وأيضاً المجتمع المحلي وعلاقاته المختلفة وخاصة إذا كانت المنطقة ينظرون لها كمنطقة بؤر جريمة كما نراه الآن من تعدٍّ على الناس ليلاً وعمليات الخطف للأمتعة ليلاً وغيرها من الظواهر السالبة.
جوانب اقتصادية
وأكد خبراء في علوم الصحة النفسية، أن العامل الاقتصادي من العوامل المؤثرة وتلعب دوراً كبيراً في ارتكاب العديد من الجرائم مثل السرقة والنشل بمختلف أنواعه نتيجة لعدم الإشباع الاقتصادي، وأفصحت المواطنة ليلى محمد أن الوضع أصبح أكثر صعوبة خاصة بعد انتشار الكورونا وفك الحظر جزئياً حيث أصبح الخطف نهارًا جهارًا ولا يوجد أي ردع من قبل الجهات المسؤولة فأصبح المجرمون لا يهابون الدولة ويرتكبون الجرائم على عينك يا تاجر خاصة السرقة وخطف الحقائب النسائية عن طريق المواتر والركشات، وذكرت أنها رأت بعينها طفلاً لا يتجاوز عمره 13 عاماً ينهب رجلاً يحاول ركوب المواصلات في وسط الزحام ينقض على كيس به مواد تموينية، وأضافت: هذا أكبر دليل على أن الجوع قد يدفع للسرقة بأنواعها.
أدوار تكاملية
وأكد الخبير الاجتماعي عبد القادر، ضرورة أن تكون المؤسسات متكاملة ترعى قيم المجتمع، ومؤسسات الأمن الضبطية يجب عليها وضع عقوبات رادعة لأن عدم الردع يؤدي إلى الانحراف وانعدام الأمن، كما يجب على المؤسسات ذات الصلة كوزارة الرعاية الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني أن تتفقد الأسر وترعاها، فالدور تكاملي ما بين المجتمع والجهات المسؤولة، وبالتالي الضبط الاجتماعي الرسمي حينما يتوفر نجد هذه الظاهرة تنحسر ويرعى القانون قيم المجتمع، وأيضاً جوانب الضبط غير الرسمية إذا لم تكن موجودة في مؤسسة الأسرة حسب ما ذهب علماء الجريمة تؤدي الى خلل سلوكي تنعكس ظلاله على المجتمع.
ويرى علماء الاجتماع وعلوم الصحة النفسية أنه كلما تشرب الشخص بالقيم والعادات والتقاليد والأعراف الإيجابية يكون أفضل ويؤدي دوره في المجتمع بصورة تقلل من حدة الجريمة لأن الأدوار تكاملية، على حد قولهم.
غياب العقاب
تحدث لـ (الصيحة) المواطن حافظ محمد، أنه خلال فترة عمله بالسوق الشعبي أمدرمان تعرض العديد من المواطنين لسرقات بشكل متكرر بواسطة مواتر بلا لوحات وغير مطابقة للقوانين، وقال: تلك المواتر يتم في الغالب استئجارها لفترة مؤقتة، ويتم استخدامها لعمليات السرقة أو الخطف والذين يقودون هذه المواتر أعمارهم ما بين 18 إلى 21 سنة تقريباً ويمتطي الموتر شخصان ليتمكن الآخر من عملية الخطف. وأضاف: أنا أيضاً تعرضت للسرقة بواسطة موتر بدون لوحة وتم ضربي وأخذ أمتعتي، وأوضح في حديثه أن السبب الرئيسي وراء هذا الإجرام الذي أصبح يهدد أمن المواطن وسلامته غياب العقاب وانعدام تام للرقابة من قبل الجهات المسؤولة خاصة المرور، لأن هذة المواتر المفروض يتم حصرها ومعاقبة من يقودها، ولكن المرور أصبح متساهلاً. وقال: عبر الصيحة أناشد الجهات المسؤولة بضرورة الاهتمام بأمن المواطن لأن انعدام الأمن يؤدي إلى عدم ثقة المواطن في الدولة، مضيفاً: التفلت موجود على مستوى عالٍ في جميع النواحي لذا يجب وضع الأمن من الأولويات.
التفلت يتدرج
أفادنا مصدر شرطي بأن التفلت يبدأ غالبًا بأسباب مرتبطة بالأسرة مثل التشرد الجزئي بسبب تفكك الأسرة ومن هنا يبدأ الطفل في ارتكاب بعض الأخطاء مثل السرقة وشرب الخمر والسلسيون، ويبدأ في التعرف على أصحاب السوء وهم كثر في شكل مجموعات فهم عصابات منظمة وبمسميات يعرفونها، ولكل عصابة مهمة محددة فهم مثل عصابات المافيا فقط ليس لديهم إمكانات مثل المافيا، ويستخدمون السلاح الأبيض مثل السواطير والسكاكين، وهم حسب تخصصاتهم منهم نشالون وآخرون شلح جيب، والخطف مثلاً الذي يقوم بشلح الجيب لا يكون بمقدرته أن يخطف أبداً والذي يتمكن من الخطف لا يمكنه شلح جيب، وقال: لهم أساليب شتى لتنفيذ السرقة، فمثلًا في الحدائق يذهب المجرم للعب مع الأطفال بجوار أسرهم وعند اندماجهم مع الطفل الأسر تتعاطف معهم ويقوم المجرم بشغلهم وشد انتباههم مع الطفل ويتمكن من سرقتهم، وكذلك الأمر في المواصلات النشالون يلفون حول مناطق الازدحام وعند وقوف عربة المواصلات يشكلون حواجز للركاب ويقوم بإدخال يده في جيب البنطال لأخذ النقود أوالتلفون، وهكذا فهم بسبب عدم التوعية وعدم الحاضن السليم يلتفون حول بعضهم ويرتكبون هذه الجرائم التي تنعكس بظلالها على المواطن.