مُستشفى نيالا والكهرباء.. هل ينجح موسى فيما عجز عنه مَن سبقوه؟
تقرير- حسن حامد
والي جنوب دارفور يجعل الصحة من أولوية.. ويبشر مُواطني نيالا بمعالجة قضية الكهرباء، هذه التأكيدات بدأ بها والي جنوب دارفور موسى مهدي اسحق مشوار طوافه على المؤسسات الخدمية داخل مدينة نيالا حاضرة الولاية بعد تسلمه مهامه الاثنين الماضي.
ولم يجد موسى مهدي الأرضية ممهدة والطريق مفروشاً بالورود في هذه الولاية التي تصاعدت وتيرة الاضطرابات الامنية وعودة الاحتراب القبلي فيها، فكانت قضايا الأمن أولى التحديات التي استقبلته من خلال وقوع صدامات بين القبائل في كل من محليات كاس، قريضة، بالإضافة لمجنقري والتي أُزهقت ارواحٌ عديدة، وطال محلية كاس تخريب للمؤسسات ونهب اسلحة مخزن الشرطة وأموال تخص رواتب العاملين بالمحلية وافراد شرطة كاس.
فبعد توليه مهامه رسمياً، توجّه الوالي ولجنة أمنه صوب محلية كاس للوقوف على تداعيات الأحداث ومن ثم الى قريضة، بجانب الدفع بتعزيزات من القوات المشتركة لمجنقري، أسهمت في احتواء الاحداث وعودة الهدوء للمنطقة.
ومن خلال طوافه على تلك المحليات، تم اتخاذ العديد من القرارات التى تجعل هيبة الدولة تمشي بين الناس وتعيد الأوضاع إلى الاستقرار وتضع حداً للمتفلتين الذين يعبثون بأمن المواطن اذا ما وجدت التنفيذ على الارض.
وفي نيالا، استهل والي الولاية جولاته داخل مدينة نيالا حاضرة الولاية بأهم مرفقين يحتاجها المواطنون وهى كهرباء المدينة ومستشفى نيالا التعليمي.
فضية الكهرباء ظلت تشكل هاجساً كبيراً للمواطن الذي يئس من تكرار قطوعاتها دون تلقيه لأدنى اعتبار من الإدارة القائمة على أمرها او اعتذارٍ يوضح مسببات تلك القطوعات المتواصلة، وحتى يوم قدوم الوالي الجديد موسى مهدي الاثنين الماضي، انقطع التيار بصورة اشبه بالكلية، الأمر الذي اغضب المواطنين الذين ظلوا يشكون من القطوعات المتواصلة للتيار الكهربائي وحرم أحياء نيالا من الكهرباء اثناء النهار ولفترات طويلة.
فزيارة الوالي لادارة الكهرباء ربما تحرك ساكناً تجاه إيجاد الحلول لهذه القضية المُعقّدة التي تسيطر عليها الشركة التركية المشغلة لكهرباء المدينة، في وقت تعطّلت فيه معظم الماكينات التابعة للكهرباء القومية، فقضيتا الوقود ومديونيات الشركة على وزارة المالية الاتحادية ربما تشكلان تحدياً أمام الوالي للإيفاء بما وعد به مواطنى نيالا بوضع حل نهائي لقضية قطوعات الكهرباء، سيما وأنه خلال زيارته للمحطة تلقى تنويراً قدمته إدارة كهرباء المدينة والمشاكل التي تواجه استمرارية التيار الكهربائي، وقولهم إنها خارجة عن إرادتهم، وتتمثل في التضخم وتعذُّر وصول شاحنات الوقود بسبب الخريف ووعورة الطرق وعدم تناسُب أسعار ترحيل المحروقات، فتلك التحديات ستواجه الوالي في عودة النور للمدينة بصورة دائمة، لأنّ ملف الأمن وتعقيداته سيأخذ منه وقتاً أطول.
وأكد الوالي للصحفيين أنه سيسعى جاهداً لتذليل العقبات كافة لانتظام التيار، مبشراً المواطنين بوصول (2000) طن من الوقود قادمة من الخرطوم لتساهم في استقرار التيار، ولكن مراقبون يرون بأن هناك أسبابا خفية تتعلق بمديونيات الشركة التركية المشغلة لكهرباء المدينة والتى هددت عدة مرات في عهد الوالي المكلف السابق بقطع التيار الكهربائي نهائياً، وارسلت خطابات عديدة للمركز بذلك ولكن محاولات الرجل ساهمت في وقف الخطوة وخفضت التيار إلى 50% التي تمضي عليها الكهرباء حتى الآن، ولكن المواطنين يطالبون باستقرار الكهرباء على مدى الـ٢٤ ساعة وإنهم تضرّروا من تلك القطوعات.
وفي الجانب الصحي وهشاشة النظام في كل محليات الولاية جعل مستشفى نيالا التعليمي قبلة للمرضى من الفقراء والمساكين الذين لا يستطيعون العلاج في القطاع الخاص، فالمستشفى التعليمي المرجعى الوحيد بالولاية رغم ما يقدمه لأهل الولاية وبعض الولايات وحتى الجارة افريقيا الوسطى، إلا أنه يعاني الكثير وينشد من يخرجه من غرفة الإنعاش.
وفى أولى زيارة له للمستشفى، تعهّد والي جنوب دارفور موسى مهدي اسحق بتسخير إمكانات الولاية لدعم القطاع الصحي وتطوير مستشفى نيالا التعليمي، وتفقّد والي الولاية اوضاع مستشفى نيالا وعقد اجتماعاً مع مدير عام وزارة الصحة وإدارة المستشفى اطلع من خلاله على الراهن الصحي والمشكلات العالقة.
وقدم مدير عام وزارة الصحة بالولاية د. محمد ادريس محمد عبد الرحمن، تنويراً للوالي حول الوضع الصحي والخطط الموضوع لتوفير الخدمات بالصورة المطلوبة بالريف وجعل أي مستشفى مرجعياً برئاسة كل محلية للحد من الإحالة الى مستشفى نيالا، مطالباً بضرورة الإسراع في تكملة مشروع مستشفى نيالا التخصصي للنساء والتوليد والاطفال وإكمال التخصصات النادرة التي تحتاجها الولاية. بجانبه أمّن الوالي على المطالب كافة، التي قدمت في الاجتماع، وقال ان المواطن يستحق الخدمات المتميزة في المجال الصحي، مقراً بأن المستشفى التعليمي بوضعه الحالي دون الطموح، وتابع: “هذا الأمر لا نحمله للأطباء وادارة المستشفى، وإنما نحمله للجهاز التنفيذي المركزي والولائي، الذي كان ينبغي عليه توفير المال اللازم لاستجلاب الاجهزة والمعدات التي توفر عبرها الخدمة الكافية للمُواطنين”.
واستجاب الوالي لمطلب مدير عام مستشفى نيالا التعليمى د. عبد الرحيم الخليفة جابر بقيامه في أبراج تضم التخصصات كافة، وقال إنه سيبدأ مع الوزارة هذا المشروع ويكمله من يأتي بعده إن لم يكتمل في فترته.
وتمنى مدير عام المستشفى د. عبد الرحيم بأن ترى الصحة والمستشفى تقدماً في عهد الوالي، مستعرضاً المشكلات التي تواجه المستشفى، وأبرزها الكوادر والأجهزة والمعدات الطبية، الى جانب شكواه من المحال التجارية الواقعة بالسور الشرقي للمستشفى والتي لا يعلمون تبعيتها وأن المشفى غير مستفيدة منها، مطالباً بوضع معالجات لهذه المحال، بجانب الحمامات التجارية التي تضرر من وجودها مركز علاج الأورام، وأضاف عبد الرحيم أنهم يحلمون بأن تقام المستشفى في بني رأسي مع اكتمال التخصصات الدقيقة بمستشفى نيالا الذي يخدم مواطني الولاية وبعض الولايات ودور الجوار.
على أيِّ حال، فإن الوالي موسى مهدي تسلم الولاية في ظروف بالغة التعقيد، لكن بداياته فى الملف الأمني والقرارات التي اتخذها لحسم التفلتات تحتاج للتطبيق على الأرض حتى تصبح ثقة المواطن تجاه الرجل في بداية مشواره، حقيقية وتتجاوز قضية القرارات الورقية، فالكل هنا يأمل في ولاية خالية من السلاح بيد المواطن، وتظل قضيتا كهرباء نيالا ومستشفى نيالا معلقتين في جيد الوالي، فهل ينحج فيما عجز عنه من سبقوه؟!