الخرطوم: جمعة عبد الله
تزايدت الآمال في السودان بقدرة البلاد على تطوير قطاع النفط، بعد إجراء تجارب ناجحة تمهيداً لإدخال حقل “أبو جابرة” للإنتاج، ورغم البشريات الغيجابية للأمر، إلا أن الطريق ما يزال طويلاً أمام “إنتاج كافٍ ومستقر للمشتقات النفطية.
وحسب وكيل النفط بوزارة الطاقة والتعدين د. حامد سليمان حامد فقد نجحت اختبارات بئر بترول استكشافية بإنتاجية تبلغ (840) برميلا في اليوم بحقل أبوجابرة مربع (17) امتياز شركة شارف، وأكد حامد أن هذه الإنتاجية تأتي ضمن خطة الوزارة الرامية إلى زيادة الإنتاج النفطي وتقليل التكاليف لتعظيم العائد الاقتصادي من قطاع النفط، موضحاً أن شركة شارف في إطار خطتها في زيادة الإنتاج عملت بالتركيز على حقلي أبوجابرة وشارف، من خلال حفر (2) بئر استكشافية و (3) آبار تطويرية بجانب زيادة الإنتاج باستخدام الطرق المحسنة (IOR) وتم حفر البئر الاستكشافية الأولى (Sharif w1) بنجاح تام وهي في انتظار الربط والدخول في منظومة الإنتاج، بجانب اكتمال حفر البئر الاستكشافية الثانية (AGSE-1) بنجاح ووضعها في الإنتاج التجريبي لفترة من الزمن.
وأكد حامد أن نتائج هذه الاستكشافات ستزيد من الاحتياطي المؤكد وإمكانية حفر آبار تطويرية أخرى لزيادة الإنتاج، موضحاً أن خواص الخام يعتبر من أجود أنواع النفط، وما زالت الاختبارات مستمرة لعمل مضاهاة ومقارنة لهذه الطبقة مع مثيلاتها في الآبار المقبلة بهدف زيادة الإنتاج ويعتبر مربع (17) من المربعات الواعده بفرص استكشاف وتطوير الموارد النفطية بصورة كبيرة تتميز بجودة خاماتها.
تاريخياً، بدأت عمليات التنقيب عن النفط في السودان فعليًا بعد توقيع اتفاقية مع شركة شيفرون الأمريكية 1975 وبناءً على النتائج الجيدة لأعمال التنقيب تم التوقيع على اتفاقية أخرى ثنائية مع شركة شيفرون نفسها عام1979 أعقبها ابرام اتفاقيات مع شركتي توتال الفرنسية، وصن أويل الأمريكية وبعد إجراء مسوحات جيولوجية وجيوفيزيائية في مناطق مختلفة من البلاد تم حفر 95 بئراً استكشافية منها 46 بئر منتجة مثل حقول سواكن، أبوجابرة، شارف، الوحدة، طلح، هجليج الأكبر، عدارييل وحقل كايكانق، و49 بئراً جافة، غير أن هذه الاستكشافات لم يتبعها أي نشاط إنتاجي.
وأدى توقف بعض الحقول ومنها أبو جابرة، وتناقص إنتاجية حقول نفطية أخرى، إلى تراجع إنتاج السودان النفطي إثر انفصال جنوب السودان عام 2011، من 450 ألف برميل إلى ما دون 100 ألف برميل، قبل أن يتواصل الانخفاض خلال العام ونصف العام الأخير إلى نحو 70 ألف برميل يومياً، مع تزايد حجم الحاجة للطاقة والمشتقات النفطية، وهو ما أرغم الحكومة على استيراد أكثر من 60% من المواد البترولية، لتلبية الاستهلاك المحلي، كما أدى ذلك لتعرض البلاد لأزمة مالية مع تراجع إيراداتها من أحد أهم مصادر تمويل الموازنة.
وخلال السنوات التي أعقبت خروج حقول النفط جنوباً مع الانفصال، لم تنقطع المحاولات لتطوير مناطق النفط المتبقية، بيد ان عقبات التمويل وقفت حائلاً دون اتمام مشروعات كثيرة.
وهو ذات ما أشار إليه وزير النفط الأسبق، إسحق جماع، إبان تقلده المنصب، حيث قال لـ “الصيحة” حينها، إن الاستشكاف والإنتاج يحتاج لميزانيات ضخمة وشركات كبرى، وأوضح أن الاستثمار في قطاع النفط رغم ربحيته العالية للشركات والمستثمرين إلا انه بطيء العائد وقد يستغرق عشرات السنوات.
وترى الخبيرة الاقتصادية د. إيناس إبراهيم، أنّ المطلوب من الحكومة سياسة مُتكاملة لتنظيم قطاع النفط وليست مُعالجات جزئية، ونوّهت إلى عجز الإنتاج المحلي عن تغطية حاجة البلاد من الاستهلاك، ودعت لتسريع وتيرة العمل في المُربّعات المُستكشفة تمهيداً لإدخالها في دائرة الإنتاج لسد العجز المحلي، مُوضِّحةً في حديث لـ”الصيحة”، أن إدخال حقول النفط الجديدة سيجعل الحكومة في موقف أفضل حال أرادت تحرير سوق المنتجات النفطية، وعبره تستطيع الحكومة تطبيقه بعد تطمين المواطن بأنّ كميات الإنتاج تكفي الاستهلاك، وأن تنظيم التوزيع هو خطوة أولى لضمان توزيع سلسٍ للوقود وهو جزء من سياسة كلية تهدف لضمان توفير الطلب على المحروقات محلياً ثم الحد من تهريب المشتقات النفطية ومحاربة السوق السوداء.