تقرير- عبد الله عبد الرحيم
أرسَل نائب رئيس مجلس السيادة، رئيس اللجنة العليا الاقتصادية الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، رسائل عديدة وبرقيات في بريد المعارضة السودانية، تحمل الكثير من التحذيرات. وقال إن كل ما يحدث من عقبات ومساعٍ من جهات ومجموعات لها المصالح في تعطيل النهوض بالاقتصاد الوطني لن يجعلهم يتراجعوا عن الحفاظ على الوطن، مشدداً على وضع موجهات وسياسات صارمة لمنع التلاعب وتهريب الذهب، داعياً للعمل المشترك لقطع الطريق أمام المُتربِّصين، كما توعّد “حميدتي” بكل من يتربّص بتخريب الاقتصاد السوداني ومُلاحقته وتقديمه للمحُاكمات، وأقر بوجود مافيا وعصابة كبيرة، قال لا بد من أن تحارب من كل المُجتمع السوداني، وحذر من مجموعات تسعى لتدمير البلاد، وأشار إلى ما أسماه “تهديدات وتصفيات”، وقال: لكن نقول “لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا”. وحذر “حميدتي” من ضياع الوطن، وتابع: “البلد دي لو اتفرتقت ما بتتلم تاني”، وقال إنّ دمار البلاد سيكون من داخل الخرطوم، واعتبر أن الثورة لم تُغيِّر شيئاً، وشكا من أن معنوياته تتعرّض للانهيار يومياً بسبب ما يجري في البلاد.
مراقبون كُثر حكموا على خطاب “حميدتي” بأنه تلخيص للحالة السودانية، فيما أكد معظم المحللين الذين تطرّقوا للخطاب بأن الخطاب جاء شفافاً، ويعكس صدق الرجل وإحساسه بعمق القضية السودانية والمُشكلة التي وجد نفسه مسؤولاً عن فك طلاسمها، فيما أرجعوا إحساسه بالألم والعجز حيال العديد من القضايا الوطنية الملحة كالتلاعب بالاقتصاد وغيره من قبل متآمرين للمواقف المُضادة التي تتبعها تلك الجهات، في وقت يجب فيه الكل أن يضع السودان هدفاً ويعمل على عافيته بمُختلف الطرق والسُّبُل، في الوقت الذي يجب ألا يتوقع فيه مُتّخذو القرار بمثل هذه المواجهات اللا وطنية.
مواقف شبيهة
ويتّفق رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، مع ما قاله نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، وقال في ملتقى جامعة الخرطوم، إن الوضع الحالي يدعو للقلق على مسيرة الثورة ومُستقبل الوطن، إذ أنّ ما تحقق بعد أكثر من عامٍ من نجاح الثورة دُون الطموح وما زالت المُعاناة تُحاصر السُّودانيين مُتمثلة في الأزمة الاقتصادية والاحتقان الاجتماعي المتمظهر في التفلتات الأمنية، ومازال الثوار يبحثون عن التغيير، وقال رئيس المؤتمر السوداني “مجمل حيثيات الوضع الحالي تدعو للقلق على مُستقبل الوطن، لكنّ ذلك لا ينبغي أن يقتل الأمل أو يدعو للاستسلام لفكرة الهزيمة، بل يجب أن يَكون دَافعاً لمُواجهة النفوس في موازين النقد الصادق والشجاع من أجل المراجعة وتصحيح المسار وتوحيد إرادة قوى الثورة لتحقيق أهدافها”.
فيما جدّد حزب الأمة القومي، مَوقفه الرافض لدعم أيِّ عملٍ أو نشاطٍ يمس حكومة الثورة بقيادة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك. وأكد نائب رئيس حزب الأمة القومي د. إبراهيم الأمين, خلال اللقاء التنويري حول المشهد السياسي وتحديات الفترة الانتقالية الالتزام وعدم دعم أيِّ عملٍ يمس حكومة الثورة، وقال إنّهم ليسوا طرفاً في أيِّ صراعٍ أو انقسامٍ, وإنّهم ليسوا في خانة المُعارضة، بل يسعون للحفاظ على حكومة الثورة ودعمها.
مُمارسات سالبة
ويضيف أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية د. السر محمد علي لـ(الصيحة)، أنّ واحدة من إشكالات السياسه في بلادنا، أن السياسيين يجملون الأقوال والعبارات وغالباً أحاديثهم مشكوك فيها، لأنهم يرفعون شعارات مُخالفة لما يعملون، وفي الغالب مُمارساتهم السياسية تضر بالبلاد، فيما ينبغي أن يكون التزمهم بأن الفترة الانتقالية ستكون للكفاءات التي ستسعف البلاد وتخرجها من كبوتها، وقال السر إن أكثرهم الآن يمارس كذباً صريحاً على الشعب السوداني ولا يُواجهه بالحقائق ويظل يطلق الوعود الخاوية التي هي ليست وعوداً مبنية على معطيات ملموسة على ارض الواقع بعكس ما قاله الفريق أول “حميدتي” نائب رئيس مجلس السيادة، الذي لخّص الأزمة، وافتقادنا للإرادة التي تجعل هذه القوى وصِيّة على الشعب ومكتسباته، خاصةً وأن تجاوزات البعض لا تجد محاسبة تحفظ للبلاد هيبتها. وقال: للأسف كل النتائج والتداعيات عبارة عن صراعات السياسيين الذين يعملون لمصالحهم الشخصية ويتحالفون حتى وإن كان ضد السودان، وقال الحديث الصريح لـ”حميدتي” (لقد أصبت بإحباط) في تلخيص للحالة السودانية بصورة عامة وترسل إشارات غير مطمئنة عن الوضع السوداني وهو كفيلٌ بأن يجعل البلاد في حالة طوارئ اقتصادية وسياسية واجتماعية لفترة طويلة حتى تتجاوز هذه المطبات التي دخلتها بسبب السياسيين الذين ليسوا سواء في حُب البلاد.
شفافيّة وهِمّة
ويرى المحلل السياسي د. أبو بكر آدم، أن حديث وزير التجارة والصناعة مدني عباس مدني وإفادته بمعلومات جديدة عن إيقاف صادر الفول السوداني فيه ردٌّ لحديث “حميدتي” حول شحنة الفول التي أصابها التلف بميناء بورتسودان، ما يؤكد أن هناك خللا حقيقيا تعيشه السلطات المختصة بشأن تنسيق الأدوار، مما أثر على أسعار عدة سلع مُرتبطة به كالزيوت والأمباز والعلف وهو عامل إضافي يُساهم في ارتفاع الأسعار، مما أدت إلى التأثيرات على السوق الداخلية بسبب هذا الارتفاع، فيما قرّرت الوزارة إيقاف صادر الفول لبقية الموسم. وكل هذا يُشير إلى التشوُّهات الموروثة في عملية التجارة الخارجية ممّا يتطلب جهوداً خاصة للجهات المعنية لمُعالجتها منها ماهو مُرتبطٌ بفعالية وشفافية الإجراءات الحكومية، ومنها ما هو مُرتبطٌ بالمُمارسات السالبة المُتعلِّقة بعملية الصادر، وأكد أبو بكر أن هذا الأمر لو أن كل المسؤولين تطرّقوا إليه بهذه الطريقة التي بدأها “حميدتي” لتكسّرت كل الحواجز بين المسؤولين والجهات ذات الصلة بالعمل السيادي وما يتعلّق بتطوُّر الاقتصاد السوداني ورفع الهِمّة بصورة عامة لدى كل الشعب.