(المستقلون ).. البحث عن موطئ قدم!
تقرير: زمزم خاطر
أحداث ومتغيرات كثيرة جرت في الساحة السياسية السودانية منذ سقوط الإنقاذ، تضاربت الأقوال والأفعال وتفككت القوى التي أسقطت الإنقاذ، وعادت إلى نقطة التكوين نسبة للمحاصصات التي تمت في عملية تشكيل حكومة الفترة الانتقالية. الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية نفسها شابها الغموض ولم تكن مفهومة وواضحة لدى الكثير من المكونات والأحزاب الساسية، بيد أن النص الواضح فيها (إنه يجب تكوين حكومة الفترة الانتقالية من التكنوقراط والمستقلين)، إلا أن هذا النص أصبح غير ملزم عندما تم تشكيل الحكومة بمحاصصة حزبية واضحة للعيان مما استدعى ظهور أصوات محتجة تنادي بتطبيق الوثيقة الدستورية لتكون جزءاً من هذه الحكومة. لذلك دفعت مجموعة من المستقلين بمذكرة إلى مجلسي السيادة والوزراء, احتجاجاً على عدم إشراك الكوادر المستقلة في مستويات الحكم المختلفة بالمركز والولايات في الفترة الانتقالية, واتهموا أحزاباً بسرقة الثورة وأنهم مهمشون منذ عهد الإنقاذ، وطالب أحد مقدمي المذكرة مجلسي السيادة والوزراء وقوى الحرية والتغيير الالتزام بنصوص الوثيقة الدستورية وعدم اسناد المناصب للكوادر الحزبية على أن تقتصر المشاركة على التكنوقراط والمستقلين . فماذا يريد المستقلون من هذه المشاركة وما موقفهم القانوني حسب نص الوثيقة الدستورية؟ وهل ستستجيب حكومة الفترة الانتقالية لمطلبهم ؟.
تحالف المستقلين
المستقلون هم غير الحزبيين الذين يخوضون الانتخابات المحلية أوالتشريعية أو التنفيذية أو الرئاسية باسمهم الشخصي وبرنامج خاص بهم دون أن تكون لهم أي صفة حزبية . وغالباً ما يكون المستقل ذا حيثية في دائرة ترشحه، كونهم من العائلات ذات النفوذ أو رجال الأعمال. في بعض الأحيان قد يتحالف أحد الأحزاب مع مرشحين مستقلين ويشكلون قائمة واحدة بحيث ينال كل منها أصواتاً، وعادة فإن المستقلين يصوتون مع أكبر كتلة حزبية وفي بعض الأحيان يتحالفون مع أحزاب معارضة ، وفي كثير من البرلمانات ينظم المستقلون كتلة واحدة تمثلهم أو مجموعة كتل لتسهيل عملية تشكيل الإئتلافات الحاكمة في الأنظمة الجمهورية البرلمانية.
مفهوم فضفاض
ويقول الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي، المهندس عادل خلف الله لـ(الصيحة) إن مفهوم كلمة (المستقلون) مفهوم فضفاض وبمجرد ما أن يتحول الى مجموعة ويكون لديه برنامج أو أهداف أو تطلعات هذه الكلمة ستكون غير مضبوطة. ثانياً السلطة الانتقالية جاءت بعد حراك قامت به أحزاب سياسية وكتل وأجسام مجتمعية ومهنية وسياسية ومسلحة، كانت سالكة فيه إلى أن سمت نفسها قوى الحرية والتغيير كأكبر جبهة تحالفية حول برنامج وهدف محدد لإسقاط النظام وبوسيلة محددة هي الإضراب السياسي والعصيان المدني، هذا الوصف يكاد يكون أكبر حدث تأريخي مر على السودان وأعلنت جهات كثيرة مؤيدة للبرنامج والحراك وشاركت بنفسها حتى تم تتويج الهدف وهو إسقاط النظام في 11 أبريل. والآن قوى الحرية والتغيير مواصلة النشاط معها بحيث أنها توقع على ميثاق تحضر له لتكون جزءاً من الوثيقة الدستورية فيما يتعلق بالمشاركة في مستويات الحكم في الفترة الانتقالية ولا يحق لمشاركة أي شخص أو حزب شارك مع النظام في أي مستوى من مستويات الحكم .وعلى المستقلين الذين لم تنطبق عليهم الشروط تنظيم أنفسهم داخل الأجسام الأخرى كلجان المقاومة أو تنسيقية قوى الحرية والتغيير وغيرهما. ولطالما رفعوا مذكرتهم عليهم انتظار رد الجهات المعنية والأبواب مفتوحة لكل من يأنس في نفسه الكفاءة التقديم عبر ولايته أو محليته عبر اللجان التنسيقية ليتم استيعابه، ولكن كمستقلين يصعب انضمامهم الآن في ظل الظروف الراهنة هذه .
غير موفق
رئيس حزب حركة تحرير السودان مبارك دربين يرى أنه إذا تم انتخاب أو استيعاب أحد في المجالس التشريعية أو البرلمان أو الدوائر الجغرافية تحت هذا المسمى، أن هذا الاسم غير موفق لأن معظمهم كان ينتمي الى أحزاب سياسية وتم ترشيحهم من قواعدهم وغالبيتهم كان ينتمي الى تنظيمات سياسية أنشأها المؤتمر الوطني، وكانت هناك إشكاليات دعتهم للتنازل عن الأحزاب وترشحوا مستقلين لأن اللجان المكلفة أو القواعد كانت لا تريد إقصاءهم.
الفرصة سانحة
ويضيف دربين بقوله: بالرغم من ذلك أرى أن الفرصة سانحة أمام أي مواطن سوداني يرى في نفسه الكفاءة والمقدرة أن يتقدم ويترشح من هذه البوابة، ولكن عبر هذا الجسم (المستقلون) لا يصح. والوثيقة الدستورية أقرت أنه يتم تشكيل الحكومة من الكفاءات التكنوقراكط إلا أن الحكومة لم تلتزم وأدت المحاصصة والجهوية للفشل الذي نراه أمامنا. ولابد من وضع المحاذير مستقبلاً واختيار الرجل المناسب في المكان المناسب . ولا أرى ضيراً كأبناء للسودان ويأنسون في أنفسهم الكفاءة أن يتقدموا لقيادة البلاد والخروج بها لبر الأمان متجاوزين الحزبية والجهوية.
ليس للمستقلين
ويقول الأكاديمي والمحلل السياسي الرشيد إبراهيم لـ(الصيحة) إن هناك خللاً تم في إدارة مرحلة ما بعد سقوط النظام، وهذا الخلل أثر في حكومة الفترة الانتقالية التي فلسفتها مبنية على تراضٍ وطني وجمع الصف وأن لا تكون هناك مشاركة في أي مستوى من مستويات الحكم لذا كان إعلان قوى الحرية والتغيير صحيحاً، وكان الشرط الأول أن يتم تكوين الحكومة الانتقالية من كفاءات مستقلة لمنع حالة المحاصصة التي هي واحدة من أمراض السياسة السودانية, والنكوص عن هذه المواثيق هو الذي أدخل البلد في هذه الدائرة. وأكد عادل أن هذا الوقت ليس للمستقلين، عليهم أن يكونوا مجموعاتهم وينضموا إلى تجمع المهنيين أو بقية الأحزاب لخوض العملية الانتخابية مستقبلاً والوثيقة الدستورية تقول: يحق لرئيس الوزراء الاستعانة بوزيرين من الأحزاب وبقية الحكومة يفترض أن تشكل من كفاءات وطنية إلا أن الوثيقة الدستورية قد خرقت . وبالتالي لا مكان للمستقلين في الوقت الراهن.