آراء متباينة حول مخاوف نقص الغذاء بالسودان
الخرطوم: جمعة عبد الله
أدت متغيرات محلية وإقليمية وعالمية لإثارة المخاوف من حدوث فجوة في الغذاء، وانعكاس ذلك على السودان، بسبب التردي الاقتصادي وانخفاض سعر الصرف وعقبات تواجه الموسم الزراعي وتدني الإنتاج بسبب التكلفة العالية.
ويصنف آخر تقرير صادر عن منظمات الأمم المتحدة، السودان ضمن “10” دول الأكثر تضررًا من نقص الغذاء ومعرضة لاحتمالات المجاعة بدرجات متفاوتة، وتتصدر القائمة جنوب السودان ثم اليمن ثم أفغانستان، تليها دول سوريا وهايتي وفنزويلا وإثيوبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان وشمال نيجيريا، وتتفاوت المخاطر بين نقص الغذاء إلى انعدام الأمن الغذائي الحاد.
ولم تكن الأسواق المحلية بعيدة عن التأثر بهذه المتغيرات، حيث شهدت أسعار الذرة الرفیعة والدخن المنتج محلیاً ارتفاعاً في معظم الأسواق خلال الأشهر القليلة الماضية، وفقاً لآخر نشرة لرصد وتحلیل أسعار الأغذية لمنظمة الأغذية والزراعة العالمية.
وعزت الأمم المتحدة ارتفاع أسعار الحبوب، إلى الانخفاض الكبير في قیمة العملة المحلیة، والتي لا تزال تفقد قيمتها في السوق الموازیة، ونقص الوقود وارتفاع أسعار المدخلات الزراعیة، ما أدى إلى تضخم تكالیف الإنتاج والنقل، مما يجعل توفر المحاصيل في الأسواق ضعيفاً بسبب التخزين الذي يعتبر أكثر موثوقية من الاحتفاظ بالمدخرات مقارنة بضعف العملة.
ويقلل كبير مصدري الحبوب الزيتية والمهتم بالقطاع الزراعي، محمد عباس، من توقعات حدوث نقص الغذاء بالسودان، موضحاً أن الحكم على ذلك “سابق لأوانه”.
وقال عباس لـ “الصيحة”، ” لا أعتقد هذا صحيح الخريف بدأ في أغلب مناطق الزراعة التقليدية، مشيراً لزراعة أغلب أهل القرى والأرياف، وقال إن لديهم مؤونة كافية خاصة من محصول الذرة وهو طعام جل الشعب السوداني خاصة ولايات الغرب والنيل الأزرق والقضارف التي تحظى ببشريات خريف جيد، وهي ولايات الغنتاج، وزاد: “لا أعتقد الحكم الآن على المجاعة ممكن أن تحدث، إلا إذا لا قدر الله فشل الخريف، وهذا في علم الغيب” منوهاً الى أن جل غذاء اهل السودان يعتمد على نزول الأمطار والخريف ومستوى الأمطار هذا العام جيد ومعتدل.
فيما يقترح المحلل الاقتصادي، قاسم الصديق، على الحكومة أن تبادر بإصدار قرار بوقف استيراد القمح مع زراعة اكثر من حاجة البلاد في الموسم الشتوي القادم، وطالب بتطبيق نفس الخطة على حزم زراعية لمحصولات نقدية مثل القطن والحبوب الزيتية والسكر، وتنويع جهات صادر الماشية وتكثيفها، والتركيز على إنتاج ومحاربة تهريب الذهب لتوفير كلفة استيراد الوقود فهو حيوي وأساسي في زيادة الإنتاج.
ويؤكد في حديث لـ “الصيحة” أن تطبيق تلك المقترحات ممكن وميسور، طالما أن الحكومة لا تتعرض لضغط من مؤسسات التمويل الدولية بمعنى أنها أصلاً لا تضع برامج مساعدة للحكومة، فهي حل من الاستماع لأي نداء من تلك المؤسسات، إذًا على الحكومة أن تلجأ لخطوة معاكسة وأفضل من التي تنوي اتخاذها بخفض الجنيه، وهي أن تجهد نفسها وتركزعلى زيادة الإنتاج بالموارد المحلية وبعض مساعدات من اتفاقيات ثنائية رغم صعوبة ذلك وخفض الإنفاق العام الذي خربته بزيادة الأجور غير الموفقة، موضحاً أن زيادة الإنتاج ليست بالأمر الصعب في بلد مواردها ميسورة مثل السودان.
وفي العام المنصرم، أجرى برنامج الغذاء العالمي تقديرًا لإمدادات المحاصيل والأغذية على خلفیة استمرار عدم الاستقرار الاقتصادي، إذ قام بإجراء 29.088 مقابلة منزلیة في 143 محلیة في 13 ولایة، والتي أكدت أن عدم القدرة على شراء الغذاء بسبب ارتفاع الأسعار يمثل أحد الأسباب الرئیسية وراء عدم استتباب الأمن الغذائي للأسر، حیث تعاني 77% من الأسر من التأثر بالمخاطر الاقتصادية، فضلاً عن أن 25% من الأسر التي شملها الاستطلاع لا تتبع نظاماً غذائياً مناسباً.