الخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي لـ(الصيحة)
العقوبات الأمريكية تمنع البلاد من الحصول على تمويل دولي
اقتصادنا يسير في طريق الاقتصاد الاستهلاكي ولا توجد بوادر لخطط إنتاجية
إذا كان أصدقاء السودان جادين عليهم أن يبدأوا برفع اسمه عن قائمة الإرهاب
زيادة الأسعار بشكل خرافي تجعل التفاعل مع المبادرة ليس بالحجم الكبير
حوار: سارة غبراهيم عباس
أكد الخبير الاقتصادي، د. هيثم فتحي على أهمية برامج وخطط لكبح جماح الأسعار ومعدلات التضخم التي وصلت إلى حد الجنوح، مشيراً إلى مؤتمر أصدقاء السودان الذي يمثل شراكة سياسية وأسس مستقبلية للبلاد. الصيحة جلست إليه وخرجت بالآتي:
* في البدء حدثنا عن مؤتمر أصدقاء السودان ونتائجه؟
المؤتمر يمثل تجمع شراكة سياسية دبلوماسية لمساعدة السودان على وضع أسس مستقبلية بين السودان والمجتمع الدولي من حيث علاقة تقوم على برنامج متكامل حول قضايا السودان والمجتمع الدولي، لذا لابد من التنسيق مع الدول المانحة فى إدارة الموارد والبرامج بغرض زيادة الفاعلية والاستفادة منها خاصة ان الحكومة الانتقالية علقت عليه آمالاً وتطلعات عريضة، إلا أن الواقع المعاش في الشارع السوداني خاصة الوضع الاقتصادي يفتح باب التساؤلات عن جدية هذه الدول في مساعدة السودان وتقديم يد العون له في ظل جائحة كورونا مما أدى لظن قطاعات مختلفة من ألوان الطيف السياسي التي ترى أن هذه الوعود ما هي إلا حمل كاذب لن يفضي إلى شيء ملموس يستفيد منه السودان والسودانيون، وإذا كان أصدقاء السودان والمانحون جادين في مساعدته، عليه أن يبدأ برفع اسمه عن قائمة الدول الراعية للإرهاب وإنهاء العزلة الدولية التي فرضت عليه لأكثر من 20 عاماً،
إلا أنها ما زالت مستمرة رغم تلافي أسبابها و تقديم الحكومة الانتقالية كل التنازلات الممكنة ولكنها حتى لم تشفع له أمام مؤتمر أصدقاء السودان.
* السودان وصندوق النقد الدولي؟
السودان يشهد الآن تحول في الواقع السياسي، وفي تقديري هذه المفاوضات فرصة لتنفيذ الإصلاحات الضرورية التي تعالج الاختلالات الاقتصادية الكلية الكبيرة، وتخلق الظروف الملائمة لتحقيق نمو اقتصادي مستمر هذه المحادثات بداية لوضع برامج أعلن من قبل عنها.
وهي تعمل على زيادة النمو وتحفيز خلق فرص العمل، وتعزيز الاستقرار المالي، وزيادة الشفافية، وتحسين الإنفاق الاجتماعي وتحرير سعر الصرف وزيادة الإيرادات الحكومية والإلغاء التدريجي لدعم الوقود الذي بدأت الحكومة في تطبيقه وإجراء زيادة كبيرة في التحويلات الاجتماعية لتخفيف أثر الإصلاح الاقتصادي الذي سوف يطبق بالتعاون مع الصندوق على الشرائح الاجتماعية المتأثرة بهذه السياسات ورفع الدعم عن الوقود والسلع الأساسية لتطبيق شروط صندوق الدولي الذي يمنح قروضه وفق برنامج إصلاحي اقتصادي لكن العقوبات الأميركية أعتقد سوف تمنع السودان من الحصول على تمويل دولي .
*في اعتقادك هل سينجح السودان في تنفيذ ذلك؟
ممكن واستناداً على نجاح السودان في تنفيذ البرنامج المتفق عليه، سوف يتم تفعيل عملية سداد المستحقات المتأخرة للمؤسسات المالية الدولية أو إتاحة فرصة للحوار في البدء ستكون هناك خطة زمنية تتضمن إصلاحات هيكلية للاقتصاد السوداني لكن هي خطوة لفتح الطريق أمام السودان لتنشيط علاقاته الاقتصادية الدولية مع كافة الأطراف ويسمح بدخول السودان فى المبادرات المطروحة لمعالجة ديون الدول الأكثر مديونية.
* وماذا عن تأثير جائحة كورونا؟
أثر الضربة التي تلقاها الاقتصاد السوداني خاصة في الإيرادات الحكومية والناتج المحلي الإجمالي كانت وستكون عميقة جداً، لابد من العمل بسياسة الإنفاق مما يعرض الإيرادات لهزة كبيرة ستؤدي إلى ارتفاع في عجز الموازنة، لكن لابد منها لبقاء الاقتصاد الوطني وأن يكون هدف الحكومة الاستقرار المالي وضمن الإمكانات المحدودة العمل على مساعدة القطاع الخاص للحفاظ على استقراره المالي المحافظة على الاستقرار النقدي من خلال استعمال الأدوات النقدية والمصرفية واتخاذ الإجراءات المناسبة بما يكفل تحقيق متطلبات استمرار النشاط الاقتصادي بتوفير أي سيولة إضافية للبنوك من خلال أدوات السياسة النقدية وأهمية التركيز على أولوية تحقيق استدامة الوظائف والرواتب من خلال دعم القطاعات والتخفيف من جزء من الأعباء التي على القطاع الخاص من فواتير ورسوم وتكاليف تشغيلية من كهرباء وطاقة وإعطاء فترات زمنية يتم تقسيط هذه الالتزامات من خلالها وتفعيل دور الضمان الاجتماعي في هذه الظروف الصعبة من خلال إعفاء القطاع الخاص من اشتراكات الضمان لفترة مؤقتة وعدم الاقتصار على تقليل النسب وذلك لتجنب لجوء القطاع الخاص إلى الاستغناء عن جزء من العاملين لديه وتفاقم مشكلة البطالة.
*كيف ترى حديث حميدتي فيما يخص الدولار؟
الاقتصاد يعاني والنمو الاقتصادي آخذ في التدني يوماً بعد يوم، فرص العمل ضيقة والبطالة والفقر في ازدياد، ارتفاع جنوني في أسعار السلع المستوردة وتراجع القيمة الشرائية، المتاجرة والمضاربة في العملة هي ليست السبب الرئيسي لارتفاع الدولار وانخفاض سعر العملة الوطنية، إن الانخفاض المستمر والمتواصل لسعر الجنيه السوداني يدفع الناس لاستبدال أموالهم بالدولار حتى تحفظ قيمتها والإقبال الحالي على الدولار لحفظ قيمة مدخرات المواطن يماثلها اتجاه بعض المواطنين لحفظ قيمة نقودهم بشراء الأراضي فارتفاع الدولار وكذلك قيمة الأراضي دليل على هذا الاتجاه هناك فرق في الطلب وما هو متاح فعلاً من عملة صعبة يأتي نتيجة انخفاض الصادر وتعثر تحويلات المغتربين بسبب جائحة كورونا وزيادة الطلب من أجل شراء مدخلات الإنتاج ودقيق الخبز والأغراض الأخرى، لذلك لابد من معالجة هذا الفرق، وإلا فإن هذا الفارق سيزداد مما يعني زيادة التضخم. على الحكومة القضاء على العجز في الموازنة الداخلية وإيقاف الصرف غير ذي العائد واتخاذ خطوات سياسية تؤدي للتوافق والوفاق السياسي والعمل على زيادة الإنتاج وتنشيط القطاعات الإنتاجية خاصة القطاع الزراعي علمياً، كل المعالجات الأمنية والشرطية فشلت في حل مشكلة انهيار الجنيه أمام الدولار نظرًا لندرة العملات الصعبة بسبب تدني الإنتاج وهي مثل الأدوية المسكنة التي تخفف الوجع لكن لا تلغيه، فالمسألة في تقديري اقتصادية بحتة والحل يكون اقتصادياً، تحديد سعر الصرف للدولار يعتمد على آلية السوق المتمثلة في الطلب والعرض، لأن الطلب على الدولار في ارتفاع الودائع أو الاستثمارات الحكومية من الدول الصديقة تعزز من مكاسب العملة الوطنية، وذلك بارتفاع الاحتياطي من النقد الأجنبي نتيجة للتدفقات من العملة الأجنبية عبر النظام المصرفي وزيادة الصادرات في السوق العالمى والتحول من دولة مستهلكة إلى منتجة وحدوث العكس يؤدي إلى ارتفاع الدولار.