الطاهر ساتي يكتب :
:: موقف حزب الأمة الرافِض لاختيار الولاة غريب، والأغرب تهديده بعدم المشاركة وسحب كوادره بتبرير عدم إصدار قانون يُنظّم الحكم الولائي.. فالوثيقة الدستورية، التي لم تتحدّث عن سلطات الوالي وصلاحياته، لم يتم اعتمادها بغير علم حزب الأمة، بل شارَك حزب الأمة في إعدادها واعتمادها.. وخلو الوثيقة من سلطات الوالي وصلاحياته من أخطاء حزب الأمة وقوى التغيير الأخرى، فلماذا يُحمّل حزب الأمة الحكومة والشعب مسؤولية (غفلته)..؟؟
:: فالوقت يجب أن يكون للعمل الجاد والمسؤول، بحيت تتحلّى قوى الحرية بالمسؤولية الوطنية، وتعمل بجدية على تحقيق أهداف الثورة وبرامج المرحلة الانتقالية.. نعم، المرحلة للعمل المسؤول، وليس للمناورة وخداع الناس.. للناس عقول، والمطلوب احترام هذه العقول.. منذ عهد مُساعِد الرئيس المخلوع عبد الرحمن الصادق، وحتى عهد وزير المالية السابق إبراهيم البدوي، يُشارك حزب الأمة في الحكومات (نهاراً)، ثم يُعارض وينتقد ويُناور (ليلاً).. !!
:: المهم.. وهم يتوجهون إلى ولاياتهم، ثمة نصائح للولاة.. ليس هناك من إنجاز يستطيع الإنسان أن يُحققه من خلاله ذاته، ويضمن لنفسه مقامًا رفيعاً، مثل القدرة على التعبير بصدق ونزاهة، أو هكذا قال أحد الفلاسفة، وهذا ما يجب أن يؤمن به هؤلاء الولاة .. ليس بالضرورة أن يخرقوا الأرض إنجازاً أو يبلغوا الجبال إعجازاً، ولكن بالضروة أن يكسبوا ثقة الناس، ولن يكسبوها إلا بالتعبير عن حاجة الناس بصدق ونزاهة..!!
:: فالعامة، تختلف عن الساسة، بحيث لا تبالي بـ (من يحكم؟)، متحزِّباً كان أو مُستقلاً، بقدر ما تهتم وتسأل وتترقّب (كيف يحكم؟)، وبهذا الكيف يجب أن يكسب الوالي أهل ولايته.. بالتواضُع، بحيث يكون فرداً في مجتمعهم، يشعر بآلامهم ويحلم بآمالهم، ويتقاسَم معهم (الحلو والمُر).. ومَن نجحوا في تاريخنا الإنساني والسياسي، لم ينجحوا ويكسبوا قلوب الناس إلا بهذا التواضًع المثالي الذي لمس آلام وآمال المواطن، ثم اجتهد في تغيير الواقع (نحو الأفضل)..!!
:: وفي المرحلة الديمقراطية، فإن إنجاز الولاة ليس فقط الطرق والمدارس والمشافي والمياه والكهرباء وغيرها من الخدمات بل هو تحويل المواطن إلى شريك في السُلطة، وذلك بأن يكون مُراقِباً جيِّداً لأداء حكومة ولايته.. شريكاً ومراقباً، وليس (محكوماً).. ولذلك يجب أن يذهب الولاة إلى ولاياتهم وهم يحلمون بنهج تحويل مجتمعات الولايات إلى شريك إستراتيجي في صناعة الحياة التي ينشدونها..
:: ونأمل أن يبدأ كل والٍ بتوسيع دائرة المشاورة في اختيار وزراء الولاية ورؤساء المحليات وكل قيادات الخدمة المدنية والمرافق العامة.. نعم، فالامتحان الأخطر – للمختارين بنهج المحاصصة – هو الوقوف على مسافة واحدة من كل الأحزاب والقبائل.. لقد أورثهم ولاة النظام المخلوع مجتمعات قابِلة للاشتعال، وقنابل قبلية وعرقية موقوتة، فاحذروا هذه القنابل واعملوا على نزع فتيلها بالحكمة والحسم معاً.. وانشروا الأمن والسلام في ربوع ولاياتكم، وأغرسوا في نفوس الناس روح الأمل والعمل .. وإياكم والفساد والتهريج السياسي، وما أسقط الذين من قبلكم إلا الفساد والتهريج..!!