بيانات الغضب هل هي تلويح أم تهديد بالاستباق للحكم الذاتي؟
منى أبو العزايم تكتب :
منذ إعلان د .حمدوك رئيس الوزراء عبر مؤتمره الصحفي مساء الأربعاء 22يوليو 2020 عن أسماء ولاة الولايات الـ18 بالسودان حتى اشتعلت الأسافير ومواقع التواصل الاجتماعي بين مرحب بخطوة طال انتظارها لإرساء لبنة من لبنات بناء الدولة المدنية، وبين مشكك في أن تأتي هذه الخطوة بحل مشاكل الوطن التي استعصت على قادته الجدد.
وهناك أصوات نددت بطريقة الاختيار ورفضته، بل وهددت في حال عدم التراجع عن بعض أسماء الولاة بترسيخ خطوات تنظيم نحو الحكم الذاتي.
وهناك أصوات لزعاماات قبليه ودينية كبرى مثل الشيخ سليمان علي بيتاي عندما أخبر بأن الحكام الجدد من قبيلة البني عامر.. كان رده: أليس الوالي السابق والوالي الأسبق ينحدران من نفس القبييله .إذن ما الجديد في الأمر؟؟ ..وما الذي يضير..؟؟
1
ولايات الشرق والتي لم يصدق الشارع العام أنه قد عاد لها الهدوء بعد سلسلة من الأحداث الدموية شهدتها ولاياته الثلاث في نزاعات أخذت طابعًا قبليًاً وهددت السلم والأمن المجتمعيين ..وأقلقت إدارة الحكم بالبلاد ..
والهدوء يعود لولايات الشرق وبدأت تسترد أنفاسها ..فإذا بتعيين الولاة المدنيين يهدد بالعودة لمحرقة جديدة بولايات الشرق ، عبر سلسلة من حرب البيانات.
2
وتمثلت هذه التهديدات الغاضبة في سلسلة من حرب البيانات، والتي أكثرها لهجة غضب كان بيان المجلس الاعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة وحديث للناظر سيد ترك ناظر نظارة الهدندوة التاريخية.
وعبر بيان عبر فيه المجلس الأعلى لنظارات البجا عن رفضه للحكام الجدد بولايتي كسلا والقضارف وهما من قبيلة البني عامر أحد أكبر المكونات السكانية بولايات الشرق الثلاث، حيث توجد نظارة البني عامر التاريخية بمدينة كسلا بزعامة الناظر دقلل..
3
شدد البيان على رفض تعيين حاكمي ولاياتي القضارف وكسلا ..وهما من قبيلة البني عامر.
والذي جاء اختيارهما برغبة وترشيح من حاضنة كل منهما السياسية وليس القبلية.
4
وبنفس لهجة الغضب والمحتوى جاء بيان من أمانة شباب الهدندوة.
كما ناشد بيان للمجلس الاستشاري لشرق السودان السيد رئيس الوزراء بإعادة النظر ومراجعة اختياراته للولاة خاصة ولايتي كسلا والقضارف لما يمثله من تهديد للأمن القومي!!
5
وفق ما جاء بالبيانات المنشورة عبر الميديا وحديث الناظر ترك ..اختتم بيان المجلس الأعلى لنظارة البجا بالتلويح المباشر بالتصعيد الثوري.
6
وفي حال عدم الاستجابة للتهديد يقوم المجلس الأعلى للبجا ـ ومن طرف واحد – بإعلان منطقة البجا إقليمًا واحدًا وفق حدوده التاريخية المعروفة، ويتم إعلان حكومة ذاتية مؤقتة للإقليم.
7
ولايات الشرق بتركيبتها السكانية التي تمثل كل السودان من الشمال والغرب والوسط والجنوب، ومع تمييز للمكون الاثني الذي يتمثل في مكون قبائل البجا من الهدندوة والبني عامر وقبايل الشكرية والبشاريين والعبابدة ..والرشايدة
نسيج سكاني زاهي الألوان..
8
وللأسف مع ذلك بدأت تعلو أصوات تكرس للقبلية والجهوية بصورة مهددة لسلام تلك الولايات التي تشترك بعض مكوناتها الإثنية مع الدول المجاورة خاصة القضارف وكسلا .. كما ويهدد أمن الولايتين مشاكل مزمنة مثل ..ظواهر التهريب والجرائم العابرة، الاتجار بالبشر،
والنزاعات في الأراضي الزراعية من بعض المكونات السكانية بالدول المجاورة.
9
كل هذا هو أمر يمثل خصوصية لتلك الولايات بالشرق، يجب أن لا تغفله حكومة د. حمدوك.
والتي بالتأكيد قد تجد نفسها فوجئت بهذا التطور غير المسبوق في الرفض الغاضب في تقبل تعيين بعض الولاة من المكونات السكانية والتي تقوده بعض الإدارات الأهلية الكبرى ربما ثأرًا لنفسها، أو غيرة من نظيرتها القبيلة الكبرى التي ينحدر منها حاكما القضارف وكسلا، رغم أن تاريخ الولايتين يشهد تعايش سكانها مع حكامها السابقين.. وتحديدا ولاية كسلا شهدت حكم أكثر من والٍ سابق وكانوا ينحدرون من نفس القبيلة المنافسة!!
10
فهل يستجيب رئيس الوزراء دكتورحمدوك لحرب البيانات والتي قد تبدو كمنصة انطلاق لمحرقة قد تهدد النسيج المجتمعي ووحدة البلاد والأمن والسلام الذي هو من أولويات الحكومة الانتقالية حسب الوثيقة الدستورية ..
بل إن السلام وهو من المخرجات العاجلة المتوقعة لمفاوضات جوبا و التي ينتظرها الشارع السوداني على أحر من الجمر.؟؟