لماذا الاحتجاج؟
تتعالى من وقت لآخر أصوات الاحتجاج على الزيادة الأخيرة لمرتبات العاملين بالدولة والتي وصلت إلى 569%، علماً بأن مرتب المدير العام بحكومة جمهورية السودان كان ألف دولار في العام 2013م تناقص قبل الزيادة الأخيرة الى 28 دولاراً أي أن الزيادة لم تعوِّضه سوى نسبة 20%.
لقد قفزت دخول العاملين بالدولة قوتها الشرائية بنسبة 200% خلال الفترة المذكورة، وفي تقديرنا أن التضخم الكبير والذي وصل الى 136% بسبب جائحة كورونا والاحتكار والجشع والتدهور في قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الحرة والذي أوصل الى 140 جنيهاً للدولار ومازال.
في أي مجتمع من المجتمعات عندما تقدم دعومات ذات طابع سياسي، فإنه بالضرورة وجود ضحية ليدفع ثمن هذا الدعم، والعاملون في الدولة هم ضحايا هذا الدعم الذي يحرق دخلهم في الهواء مع بنزين العربات المحترق والذي يباع اللتر منه بأقل من سعر لتر الماء.
ونعتقد بان أفضل ما فعله وزير المالية المستقيل البدوي هو زيادة هذه المرتبات عدالة وتحسباً لانهيار الخدمة المدنية وبنيان الدولة وقد وضع البدوي ميزانية متكاملة طموحة وصلت إلى 600 مليار جنيه مدعمة بسياسات مالية ونقدية محكمة، ولكنه لم يجد الدعم اللازم لتنفيذها وما على خَلفه الوزيرة د. هبة إلا السير على دربه وتنفيذ بنود هذه الموازنة حرفياً، ولا يوجد مبرر لتعديل بنودها وتشويهها والعبرة بالتنفيذ لبنودها، خاصة ما يتعلق برفع الدعم وتحرير سعر الصرف والدولار الجمركي أو زيادة الضرائب رأسياً وإلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية، فتمويل الموازنة من إيرادات حقيقية متاح ينتظر التطبيق.
د. عادل عبد المنعم