ترجمة- إنصاف العوض
أرجع موقع “بلومبيرج الامريكي”، تأخر واشنطن في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بسبب تعرضها لضغوط داخل الإدارة الأمريكية، ترى بضرورة الحفاظ على اسم البلاد بالقائمة من أجل ضمان عدم عودة العسكريين للسلطة.
مكافأة ديمقراطية
وقالت الصحيفة، إن أصواتاً في الإدارة خارج مؤسسة الأمن القومي ترى أن إبقاء البلاد في القائمة يمنح الولايات المتحدة نفوذاً على الجيش لضمان أن لا يعمل على تقويض الانتقال الديمقراطي، ومِنَ الأفضل إرجاء الشطب باعتباره مكافأة نهائية لحكومة مُنتخبة عقب انتهاء الفترة الانتقالية بالرغم من قناعة الإدارة بعدم دعم السُّودان للإرهاب، مِمّا أثمر عن رفع مُعظم العقوبات الاقتصادية العام 2017، مضيفاً بأنّ التمرد داخل قوات الاستخبارات في يناير ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في مارس تبرر لهذه المخاوف، إلا أنّ الإبقاء في القائمة من شأنه أن يقوض الحكومة المدنية من خلال تحجيم إنجازاتها على المُستويين الاقتصادي والسياسي كونها تحرم البلاد من تدفُّق الاستثمارات والمُساعدات الاقتصادية الدولية، مبيناً بأنّ الولايات لا تحتاج للعُقُوبات لحماية التحوُّل الديمقراطي كونها تملك “الجزر والعصى” التي يمكن استخدامها، فضلاً عن التلويح بإعادة العقوبات كما حدث مع كوريا الشمالية والتي رُفعت عنها العقوبات في 2008 وأعادتها إدارة ترمب الحالية.
تحول إصلاحي
وفقاً للتقرير، فإن الحكومة السودانية التي تسمى نفسها انتقالية، تحاول إحداث مجموعة من الإصلاحات التي أعلنت عنها سابقاً مثل إلغاء قانون الردة وعقوبة الجلد وختان الإناث والقوانين التي تقيد سفر المرأة واصطحاب أطفالها وتخفيف الحظر على شرب واستهلاك الخمر، فضلاً عن بدئها المرحلة الأخيرة من محادثات السلام مع المتمردين، الأمر الذي يمكنهم من المشاركة في السلطة، ويبدو أن الحكومة التي يرأسها مجلس هجين من المدنيين والعسكريين بقيادة الاقتصادي السابق بالأمم المتحدة، رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، مصممة على تفكيك الإرث السابق للنظام المُباد دون إبطاءٍ، وسط تشجيعٍ واسعٍ من إدارة ترمب والتي طَوّرت علاقاتها الدبلوماسية مع الخرطوم إثر إعلان وزير الخارجية مايك بومبيو تعيين واشنطن سفيراً لها في الخرطوم بعد قطيعة دامت عقدين من الزمان.
تحفظات ومخاوف
وانتقد التقرير، تمسك الولايات المتحدة الأمريكية بتصنيف البلاد على قائمة الإرهاب، وقال: لكنها تواصل التمسُّك بما من شأنه أن يعني أكثر للحكومة الانتقالية وهو الإزالة من القائمة التي تشترك فيها مع إيران وكوريا الشمالية وسوريا والذي يقيد وصول البلاد إلى المساعدات والاستثمارات والتحويلات، بالرغم من ان السودان لا ينتمي الى هذه القائمة، في الوقت الذي يجادل فيه مسؤولون كبار في الأمن القومي بوجوب إسقاطها منذ سنوات، وذلك لأن الرئيس الأسبق البشير بالرغم من طغيانه كان يتعاون منذ زمن طويل مع جهود مكافحة الإرهاب، ومع ذلك ما زالت مترددة في اتخاذ الخطوة النهائية على الرغم من اظهار الحكومة الانتقالية مراراً وتكراراً حرصها على كسب تأييد واشنطن وهو ما يفسر مقولة بومبيو “نقيس دائماً مرتين ونقطع مرة واحدة قبل الإزالة من القائمة”.
حاجز صد
وهناك أصوات أخرى في واشنطن تنصح بالحذر، ويقولون إن إبقاء السودان على القائمة يمثل حاجز صد لعودة العسكريين، إلا أن إبقاء السودان على القائمة سوف يحمي القوى المُناهضة للثورة، ويقلل من شأن الحركة الاحتجاجية التي أسقطت البشير، بالرغم من أن المتظاهرين أثبتوا بأنهم حافظوا على يقظة حادة على الجيش، وبالرغم من جائحة “كورونا” استمروا في الضغط على الحكومة لمواصلة الإصلاحات، مِمّا يُمكنهم استخدام المساعدة الدولية للحفاظ على صدق الحكومة لمنع الانزلاق العسكري، فضلاً عن حزم من العقوبات والحوافز التي تمتلكها واشنطن يمكنها التلويح بها متى ما رأت ذلك ضرورياً، إذ أن تمهيد الطريق للاستثمار والمساعدات على سبيل المثال سيسمح لحمدوك بإعادة بناء الاقتصاد المتدهور حتى قبل تفشي “كورونا”، بالرغم من دخول بعض المستثمرين لثالث أكبر دولة في إفريقيا بحسب معاييرهم الخاصة دون انتظار رفع العقوبات مثل شركة فيزا كارد وغيرها، وتعهد المانحون الدوليون الشهر الماضي بتقديم ملياري دولار، وسيشجع رفع العقوبات المزيد من الأشخاص والجهات الدولية وذلك لأن النجاح على الجبهة الاقتصادية سيفعل الكثير لإضفاء الشرعية على الحكم المدني.