الخرطوم- أم سلمة العشا
للمرة الأولى، يرتدي الرئيس المخلوع عمر البشير، الزي الرسمي الخاص بهيئة السجن، حيث خُضع أمس أمام نيابة الثراء الحرام والمال المشبوه للتحقيق في (4) ملفات بلاغات، على رأسها بلاغ المُتّهمة وداد بابكر وجامعة أفريقيا العالمية، وبلاغ مدير الإيرادات بالقصر الرئاسي في النظام السابق محمد أحمد علي الفششوية، وبلاغ منظمة (سند) الخيرية.
وقالت وكيل أعلى نيابة الثراء الحرام والمشبوه سلوى خليل عثمان لـ(الصيحة) أمس، إن البشير وصل مقر النيابة مرتدياً زي السجن الرسمي وسط حراسة أمنية مشددة وتم التحقيق معه من قبل (5) وكلاء نيابة، حيث استمرت التحقيقات ما يقارب الـ(3) ساعات.
وكشفت سلوى أن البشير تجاوب مع جميع الأسئلة، وأمّن على كل الذي يعلمه، فيما تحفّظ على البعض الآخر بسبب عدم تذكره، وأوضحت أنّ التحقيق معه تم وفقاً لمواد الاتهام المتعلقة بـ(6 و7) ثراء حرام، والمادة (177/ 2) من القانون الجنائي، و(21) من الاتفاق الجنائي.
ومنذ إزالة البشير من السُّلطة في أبريل من العام 2019م، إثر ثورة شعبية أطاحت بنظام حكمه، خُضع للتحقيق والتحري في عدد من ملفات الفساد والثراء الحرام والتي انتهت بتوجيه المحكمة تُهماً رسمياً، وأوقعت عليه عقوبة السجن عامين وإيداعه إحدى دور مؤسسات الإصلاح الاجتماعي، إلى جانب قضايا أخرى متعلقة بالقتل خارج إطار القانون، كما يُواجه البشير أيضاً تُهماً تتعلق بتدبير وتنفيذ انقلاب للاستيلاء على السلطة في 30 يونيو 1989م بمساعدة آخرين من العسكريين والمدنيين، وينتظر أن تبدأ مُحاكمتهم اليوم.
وأثار ظهور الرئيس المخلوع بالزي الوطني خلال التحريات وجلسات المحاكمة السابقة في القضايا التي تتعلّق بالفساد المالي والثراء الحرام والتعامُل بالنقد الأجنبي وقانون الطوارئ لسنة 2019م، أثار ذلك الظهور جدلاً واسعاً وردود فعل متباينة من الناشطين والحقوقيين وأسر شهداء الثورة.
وكان قرار المحكمة قد راعى وصول سن البشير إلى أكثر من (70) عاماً وهي لا تسمح بالحكم عليه بالسجن وفقاً للوائح السجون والإصلاح، في وقتٍ تعتزم فيه هيئة الدفاع عن الرئيس السابق تقديم طلب لإدارة سجن كوبر بتحويل البشير إلى مؤسسة الإصلاح الإداري.
واحتج ناشطون وحقوقيون على ظهور البشير بالزي الوطني، واعتبروه مُخالفاً للدستور، باعتبار أن ذلك يُشكِّل تمييزاً له عن الآخرين، وهو ما يتنافى مع لوائح السجون التي تمنع التمييز بين المُدانين، باعتبار أنه أصبح سجيناً بعد صدور حكم بإيداعه إصلاحية لمدة عامين، بجانب أنه يعتبر استفزازاً للسودانيين الذين ينتظرون العدالة والاقتصاص منه على كل الجرائم المُرتكبة في عهده، ويحدث ذلك الظهور رغم وجوده في سجن كوبر الاتحادي، وشددوا على أنه ليس هنالك ما يدعو لعدم إلزامه بارتداء زي السجون.
ويجئ الظهور الأول للبشير بزي السجن، منهياً لكثير من الجدل وردود الفعل التي ثارت حول هذه القضية، كما تكشف عن تحوُّلٍ مُهمٍ في مراحل التحري والتحقيق والمحاكمات في القضايا التي يواجهها البشير.