نقترب.. الطريق إلى سيداو
تقرير- نجدة بشارة
على الرغم من الجدل الذي أُثير على وسائل التواصُل الاجتماعي، على خلفية تعديل القوانين الخاصة بحريات المرأة وما زال صداه يشغل المنصات، وأدّى لخروج تظاهرات مُناهضة لهذه التعديلات، إلا أنّ وزير العدل نصر الدين عبد البارئ فَجّرَ مُفاجأة جديدة في تصريحاتٍ له بشأن انضمام السودان لاتفاقية التمييز ضد المرأة (سيداو)، مؤكداً إيداعها مجلس الوزراء بين (6) اتفاقيات أخرى، وأضاف: “جاهزون للدفاع عن اﻻنضمام للاتفاقية ولدينا نماذج لدول إسلامية انضمت لهذه الاتفاقية”، وزاد: “قناعتنا أنها اتفاقية ضرورية لإحقاق العدالة وإنهاء التمييز المُمارس ضد النساء في السودان”.
بالمُقابل، تساءل مُتابعون عن ردود الفعل التي قد تنتج من المُصادقة على (سيداو)، خَاصّةً وأنّها سبق ووجدت الاعتراض والرفض من قِبل المُجتمع السوداني عندما طرحت حكومة العهد البائد إمكانية المُصادقة على القانون، وتساءل متابعون عن إمكانية موافقة مجلس الوزراء للمصادقة على (سيداو)؟ وما جدوى الانضمام لهذه الاتفاقية؟ وأهميتها للمرأة السودانية؟
اتفاقية دولية ولكن!
اتفاقية (سيداو) هي اختصار “لاتفاقية القضاء على جميع أنواع التمييز ضد المرأة”، وهي معاهدة واتفاقية دولية تم اعتمادها من قِبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1979، وتمّ عرضها للتوقيع والمُصادقة والانضمام، ودخلت حيِّز التنفيذ في عام 1981. وبتوقيع 20 دولة، دخلت الاتفاقية حيِّز التنفيذ منذ عام 1981، وبحلول عام 2009 صادقت على الاتفاقية 186 دولة، حيث إن آخر الدول المُنضمة كانت قطر، علماً بأن هناك تحفظات من بعض الدول الإسلامية حول بعض المواد الواردة بالاتفاقية، مثل المُساواة بين المرأة والرجل في كل شيء، الميراث ونجد أنّ المادة (16) تُعارض حزمة من المُخالفات الشرعية وتشمل إلغاء الولاية على المرأة، وأن يحمل الأبناء اسم الأم كما يحملون اسم الأب، ومنع تعدُّد الزوجات من باب التساوي بين الرجل والمرأة، وإلغاء العِدّة للمرأة (بعد الطلاق أو وفاة الزوج)، والحق في مُمارسة العلاقة الجسدية خارج إطار العلاقة الزوجية.
مطالب:
لكن في المُقابل، سبق وسلّمت مُنظّمات نسوية مَحسوبة على التيارين اليساري والليبرالي في 19 أكتوبرالعام المُنصرم، وزير العدل السوداني نصر الدين عبد البارئ، مُذكِّرة مُؤيِّدة للانضمام إلى اتفاقية (سيداو)، ومُبادرة الإصلاح القانوني لهيئة محامي دارفور، ومركز “معاً” الثقافي، ومعهدي “السلام” الأمريكي، و”تنمية حقوق الإنسان” الأفريقي، كما دعت أيقونة الثورة السودانية، آلاء صلاح، المُجتمع الدولي للضغط على الحكومة الانتقالية لأجل التوقيع على الاتفاقية وذلك خلال خطابٍ ألقته أمام مجلس الأمن الدولي الأسابيع الماضي.
بين القبول والرفض:
ونبّه مُحلِّلون إلى أنّ تصريحات عبد البارئ كَانت تُشير بوضوحٍ إلى توقُّعاته بالمُناهضة، وقال: جاهزون للدفاع عن الانضمام لـ(سيداو)، في إشارةٍ إلى توقع الرفض من قِبل شرائح بالمُجتمع ورجال الدين بالدولة، خَاصّةً وأنّ هذا القانون سبق ووجد الرفض سابقاً.
فيما أكدت الناشطة في مجال حقوق المرأة، فضّلت حجب اسمها لـ(الصيحة) أنّ “الاتفاقية لا تتعارض مع الأديان لأنها تقر حقوقا طبيعية للمرأة في العمل والأجر المتساوي والتعليم وغيرها”، مضيفة أن “معظم الدول الإسلامية وقّعت وصادقت على الاتفاقية، حتى بعض الدول التي كانت لديها تحفظات بدأت سحبها تدريجياً، مثل الكويت.
إملاءات خارجية:
يرى المحلل السياسي د. صلاح الدومة في حديثه لـ(الصيحة)، أن السودان الآن أصبح (ممسوكاً من يدو البتوجعو)، ويعني أن ما يحدث هو إملاءات خارجية نتجت من الإرث الذي ورثته حكومة الثورة من أفعال الحكومة السابقة، وبالتالي لا بد أن تتماهى الحكومة الانتقالية مع المجتمع الدولي، وتنحني لتترك العاصفة تمر، وأردف: أصبح الحال كما حدث في بغداد عندما أفتى المفتي في وقت سابق للمواطن البغدادي بوضع الخمور على قارعة الطريق للتتار حتى يسكروا ويتركوا قتل وذبح الناس، وبخصوص رؤيته عن (سيداو) قال: إن “توقيع السودان على الاتفاقية سيكون تتويجاً لدور المرأة البارز في التاريخ السوداني منذ زمن (الكندّاكات) الذي ينعكس في حمل المرأة للعبء الأكبر في الحفاظ على وحدة المُجتمع، في ظل الاضطراب السِّياسي والتّردي الاقتصادي، والغياب القسري للرجل بسبب الهجرة أو الحُرُوب أو ساعات العمل الطويلة”، وأضاف: ألّفت كتاباً عن الاتفاقية نُشر بعنوان الإمبريالية الناعمة مَطية الهَيمنة الفاعلة تحدّثت فيها عن اتفاقية (سيداو).. ووعد بتسليم الصحيفة نسخةً لنشره.
تعزيز حقوق المرأة:
واستحسن المحلل السياسي والأكاديمي د. الحاج محمد خير في حديثه لـ(الصيحة)، وقال إن مصادقة السودان على اتفاقية (سيداو) ستزيد من مساحة الرضاء عنه بين المجتمع الدولي، ويعزز من قاعدة الحقوق للمرأة في الداخل.. ومن الناحية الشرعية قال: صحيح أن هنالك مواد بالاتفاقية تتعارض مع الشرع، ولذلك تَحَفّظت دول كثيرة على بعض المواد رغم مُصادقتها على الاتفاقية مثل السعودية، وأضاف: حق التحفظ على النصوص مَكفولٌ.. في ذات الوقت، أكد محمد خير أن السودان دولة رائدة في مجال حقوق المرأة وتسبق دولاً كثيرة من حيث مُصادقة السودان على مساواة الأجر بين الرجل والمرأة وهو ما لم تقرّه دول مُتقدِّمة مثل أمريكا.