الخرطوم- فاطمة علي
عادت الحياة إلى الخرطوم بعد توقُّف إجباري دام لنحو ثلاثة أشهر بسبب جائحة (كورونا)، الذي دفع السُّلطات لاتخاذ قرار بإغلاق ولاية الخرطوم إغلاقاً شاملاً، تضمّن إغلاق الجسور والأسواق وأندية المُشاهدة وصالات الأفراح ومنعت التجمُّعات، بجانب توقُّف البصات السفرية بين العاصمة والولايات، وعندما عَادَت الحياة إلى الخرطوم في الثامن من يوليو الحالي، جُوبهت هذه العودة بأزمات عديدة في المُواصلات والوقود والغاز والخُبز وفي كل مناحي الحياة تقريباً، مع ارتفاعٍ مُخيفٍ في أسعار السلع والخدمات المُختلفة، الأمر الذي يتفاقم يوماً تلو الآخر، وتَعَالت شَكاوى المُواطنين ومُطالباتهم بحل للأزمات المُتعدِّدة التي تُواجههم حالياً.
أزمة مُواصلات
ورصدت (الصيحة)، تزاحُم المُواطنين بأعدادٍ كبيرةٍ في مواقف المُواصلات التي تخلو في أوقاتٍ كثيرةٍ من البصات والحافلات الكبيرة تماماً، فيما تفرض سيارات الملاكي والأجرة الخاصة واقعاً مكلفاً على جيب المُواطن المُضطر إلى استقلالها للوصول إلى وجهته، مع وجود حافلات صغيرة “هايسات وأمجاد”.. فيما تَضَاعَفت تعرفة المواصلات بنسبة (500%) عما كانت عليه قبل الحظر – بحسب إفادات مُواطنين!!
وشكا مُواطنون بموقف جاكسون، من الوُقوف لساعاتٍ طويلةٍ في انتظار وسيلة نقل عام، وأشاروا إلى أنّ المحال التجارية والأسواق فتحت أبوابها أمَام المُواطنين، لكن أسعار السلع المعروضة تضاعفت أيضاً!!
وقالت الموظفة زينب، إنهم يُعانون أشدّ المُعاناة بسبب تعرفة المُواصلات المُرتفعة، وذكرت أنّها تحتاج لمبلغ (500) جنيه ذهاباً وإياباً خلال اليوم، بينما نوّهت إلى أنّ المواطنين لم يلتزموا بالاشتراطات الصِّحية للوقاية من الإصابة بفيروس (كورونا) ولا التباعُد الاجتماعي الذي اشترطته لجنة الطوارئ الصحية لعدم عودة الحظر مرةً أخرى.
تذاكر السفريات
وفي سياقٍ مُقاربٍ، تلاحظ تضاعف قيمة مبالغ السفر عبر السيارات الخاصّة والتي ظلّ بعضها يَعمل سِرّاً في ترحيل المُواطنين من وإلى الولايات بأسعار باهظة!!
وقال المواطن أبا يزيد، إنهم في انتظار قرار لجنة الطوارئ الصِّحيَّة بالسماح للبصات السفرية والحافلات بالعودة للعمل حتى يستطيعوا السفر إلى ذويهم الذين انقطعوا عنهم بسبب الحظر وتضاعف أسعار تذاكر السفر، وطالب أبا يزيد، الجهات المسؤولة عن السفريات الولائية بتحديد سعر تذكرة سفر مناسبة، وشدد على أهمية وجود رقابة حتى لا يجد السماسرة فرصة للتكسُّب على حساب المواطن.
حَالَ السُّوق
لم يختلف الحال كثيراً في المطاعم والكافتيريات، فقد تضاعفت أسعار الوجبات بعد رفع الحظر وعودتها للعمل، حيث بلغ سعر طلب الفول (100) جنيه، وساندوتش الطعمية (50) جنيهاً، وطلب الكبدة (200) جنيه، وطلب البيض (70) جنيهاً، فيما ارتفعت قيمة بعض العصائر إلى (100) جنيه للكوب الواحد.
وترافق كل ذلك مع تأرجح واضح في أسعار صرف العُملات الأجنبية مُقابل الجنيه السوداني، حيث سجّلت أسعار الصرف أمس ارتفاعاً طفيفاً، وتراوحت أسعار شراء الدولار بين (145 – 146) جنيهاً، فيما بلغ سعر البيع (144) جنيهاً، بينما ترواح سعر شراء الدرهم الإماراتي بين (40- 40.30) جنيه.
وأقرّ تاجر لملابس الأطفال في سوق أم درمان بأنّهم يبيعون للزبائن فقط بالسعر المُناسب، ولكن أيِّ مُشترٍ جديد يُضاعفون له السعر حتى يستطيعوا تَغطية دفع إيجارات المَحلات التي تراكمت لأكثر من شهرين، وقال إن الحظر تسبّب في توقُّف حياة الناس، وقلّل من جائحة (كورونا)، واعتبر أنّها أداةٌ سياسيةٌ أدّت إلى انهيار الاقتصاد العالمي، وأضاف: “نحن نستورد بضاعتنا من الصين، والدولار مُرتفع، لذلك الأسعار مرتفعة”.
من جانبه، قال الطيب – تاجر أواني منزلية: “بسبب الحظر أفلسنا، الأسعار مُرتفعة ولا تُوجد رقابة، كلٌّ يبيع على مزاجه”، وأضاف: “على الحكومة توفير عُملة قوية حتى يستطيع المواطن شراء مُستلزماته”، وتابع: “رغم فتح الأسواق، إلا أنّ الإقبال على الشراء ضعيف بسبب غلاء السوق عامة”.
وتلاحظ أنّ بعض المحال التجارية ما زالت مُغلقة بسبب سفر التجار إلى ولاياتهم فور إعلان حظر التجوال الشامل.. ومع اقتراب موعد عيد الأضحى المبارك، تتّجه أنظار المُواطنين نحو الأسواق لشراء مُستلزمات الأطفال والبيوت، وتَشهد الأسعار ارتفاعاً غير مَسبوقٍ لكل السلع الغذائية والمُستلزمات المنزلية المُختلفة، ويفرض الوضع على الجهات المُختصة التفكير لحلول جادّة واتّخاذ قرارات وإجراءات قابلة للتطبيق تسهم في رفع الأعباء عن المُواطن الذي اكتوى بالظروف الاقتصادية وغلاء المعيشة قبل وبعد الحظر الصحي!!
أزمة مياه
وكأنّ الأزمات لا تنتهي، فقد أعلنت هيئة مياه ولاية الخرطوم أمس، عن خُرُوج عددٍ من محطاتها النيلية عن الخدمة جرّاء انحسارٍ مُفاجئ للنيلين الأبيض والأزرق ونهر النيل.
وقال المدير العام للهيئة المهندس أنور السادات الحاج محمد في تصريحات صحفية، إنّ محطات “الصالحة (أ) و(ب) وبيت المال وشمال بحري وأم كتي والشجرة”، خرجت عن الخدمة جَرّاء الانحسار المُفاجئ للنيلين الأبيض والأزرق ونهر النيل، وكشف عن إنزال مَنَصّات مَضَخّات المياه الخام لأدنى مُستوى لها في محطات مياه سوبا وبحري القديمة والمُقرن والمنارة، وأوضح أنّ ما نجم عن الانحسار أدّى لخفض كميات المياه النقية المُنتجة من المحطات المذكورة، وأكّد السادات أنّ الهيئة أبلغت إدارة الخَزّانات بخُرُوج محطاتها عن الخدمة للانحسار المُفاجئ للنيل، ونوّه إلى أنّ إدارة الخزانات أبلغت الهيئة عن فتح عددٍ من بوّابات خزان الروصيرص، وأنّ المياه سَتنساب نحو الولايات في المَسَار النيلي في غُضُون (48) ساعة، وتوقّع حُدُوث شُح في إمداد المياه بعددٍ من الأحياء في الولاية ونقص حاد في مناطق أخرى بعيدة.