لطي صفحة الحرب لابد من تحوّلات سياسية
لابد من توفيق أوضاع المقاتلين وإصلاح الأجهزة الأمنية لتشمل كل مناطق السودان
اعتصامات دارفور لا تؤثر على التفاوض والمطالب يعالجها الاتفاق الجاري توقيعه
غياب طرف لا يُعطِّل عملية السلام ونحن لا نعيش في عصر الإنقاذ
تسليم كوشيب رسالة إيجابية لتحقيق العدالة لضحايا الإبادة الجماعية في دارفور
بات توقيع السلام حلماً ينتظره الشعب السوداني، ويعتبر السلام أحد المطالب الأساسية لثورة ديسمبر المجيدة، حيث يمثل أهم مثلث لأهداف الثورة (حرية ــ سلام ــ عدالة)، وكانت أهم مطالب مليونية 30 يونيو المنصرم في إطار تصحيح مسار الثورة وتحقيق أهدافها.
حركة جيش تحرير السودان بقيادة القائد مني أركو مناوي، تمثل واحدة من الحركات التي تفاوضها الحكومة بمنبر جوبا، ووصل مؤخراً إلى الخرطوم وفد ثلاثي يمثل حركات الكفاح بمعية الوساطة، لحسم قضايا عالقة أسفرت عن البطء في التفاوض، كما سماها الوفد القضايا القومية المحورية، (الصيحة) استنطقت كبير مفاوضي حركة جيش تحرير السودان جناح “مناوي” الأستاذ محمد بشير أبونمو، خلال تواجده ضمن الوفد الثلاثي في مفاوضات الخرطوم، وأجرت معه حواراً تناول العديد من القضايا في مقدمتها العملية التفاوضية الجارية، فإلى مضابط الحوار:
حوارــ فاطمة علي
* كيف تسير العملية التفاوضية بين الجبهة والحكومة، ولماذا البطء في توقيع السلام؟
العملية التفاوضية بين الحكومة أطراف الجبهة الثورية تسير الآن بشكل طيب، صحيح أن التفاوض فى جوبا متوقف نتيجة لسفر الوسيط مع الوفد الثلاثي إلى الخرطوم، إلا أن التفاوض هنا في الخرطوم على القضايا التي حضرنا لأجلها سارت في اتجاه سليم، والأمل معقود على الانتهاء والتوقيع على الورقة والعودة إلى جوبا في غضون اليومين القادمين، والبطء مرتبط بطبيعة القضايا المعقدة التي يتناولها التفاوض.
* ما هي وأبزر التحديات التي واجهت التفاوض؟
أبرز التحديات التي واجهت التفاوض حتى الآن سببان، السبب الأول هو وفاة وزير الدفاع السابق الفريق أول جمال ــ رحمة الله عليه ــ وما تبعه من سفر كل وفد التفاوض الحكومي بمعية الجثمان إلى الخرطوم، ورفع التفاوض لفترة أسبوع ليعود الوفد الحكومي إلى جوبا لاستئناف التفاوض بعد انقضاء الأسبوع.
السبب الآخر هو ظهور جائحة كورونا، وترتب على ذلك تأخر عودة الوفد الحكومي من الخرطوم لفترة زمنية طويلة. وإخوتنا في وساطة دولة جنوب السودان لم يستسلموا لتحديات وباء الكورونا، وعملوا اتصالات مع جهات دولية ووفروا وسيلة للتفاوض غير المباشر. والعمل جارٍ بهذه الوسيلة حتى حضورنا إلى الخرطوم وقتها. وعدا التفاوض في ملف الترتيبات الأمنية بالنسبة لنا في حركة تحرير السودان، رأينا كان ولا زال أن مناقشة ملف الترتيبات الأمنية لابد أن تتم بشكل مباشر وبحضور وفد الحكومة، وبالفعل تم الاتفاق على إحضار الوفد الذي هو الآن في جوبا لهذا الغرض تحديداً “التفاوض”.
* هناك نقاط تناقشتم فيها مع الحركات الأخرى هل توافقتم لحسمها؟
لا علم لي بالنقاط التي تم نقاشها مع الحركات الأخرى.
* مدى رضاكم في نسبة مشاركتم في مجلسي السياده والوزراء ومؤسسات الولايات والمجلس النشريعي؟
هذه طبيعة التفاوض win – win أنت تحدد سقوفاً عليا وتتفاوض مع الطرف الاخر لتنال الممكن والمقبول، نسبة مشاركتنا التي تم الاتفاق عليها كانت مقبولة ولا نقول نالت رضانا بالكامل.
* هل ناقشتم القضايا القومية مع القوى السياسية أم كان التفاوض مقتصرًا على مناطق النزاعات والحركات الحاملة للسلاح؟
نحن نتفاوض مع الحكومة الانتقالية وليس مع القوى السياسية، أما فيم التفاوض، فقد تمت مناقشة القضايا القومية، رغم أن التركيز كان على قضايا مناطق النزاعات، والترتيبات الأمنية لتوفيق أوضاع المقاتلين، بالإضافة إلى إصلاح الأجهزة الأمنية بشكل عام لتعكس التمثيل النوعي لكل مناطق السودان، ولتحديد المهام الوظيفية لهذه الأجهزة وفق القانون.
* مدى تفاؤلكم بتوقيع السلام وهل بات قريبًا؟
نعم، نحن دائماً متفائلون لتوقيع السلام بأعجل زمن ممكن وسيكون ذلك قريباً إن شاء الله.
* رأيكم كحركة في قدوم بعثة أممية للبلاد تحت الفصل السادس من ميثاق المنظمة الدولية؟
لا أحد يوافق على استجلاب بعثة دولية لانتقاص السيادة الوطنية لبلده كما يدعيها البعض، البعثة قادمة لمصلحة السودان وإسناده لعبور المطبات العديدة التي خلقتها نفس الأطراف التي ترفضها الآن. نحن في حركة تحرير السودان نؤيد قدوم هذه البعثة ونقف مع رئيس وزراء الثورة في قراره.
* انتم كحركة مسلحة هل وضعتم رؤية للانتقال لحزب سياسي؟
نعم، هذا التحول حتمي ما دمنا نسعى لطي صفحة الحرب للأبد، وما دمنا نسعى لممارسة العمل السياسي مستقبلاً، ولا سبيل لممارسة العمل السياسي إلا من خلال الممارسة السياسية المدنية.
* الفترات السابقة فقدت الحركة عدداً كبيراً من عضويتها فمنهم من انضم لحركات أخرى وأحزاب سياسية كانت مشاركة في الحكومة السابقة، والآن تريد الانضمام مرة أخرى رأيكم كحركة؟
نحن لا نرفض عودة أي عضو سابق للحركة مرة أخرى، ولكننا بالتأكيد سنوكل المهام والمشاركة في السلطة للذين صمدوا مع الحركة في أحلك ظروفها كأولوية، ولا ننسى بالطبع هنالك من ترك الحركة لظروف موضوعية، وعودته الآن لزوال تلك الظروف ونحن نقدر كل ذلك.
* الآن بدأت موجة اعتصامات بولايات دارفور تقدمت بمطالب هل يمكن أن تؤثر على عملية التفاوض الجارية الآن؟
لا أعتقد أن موجة الاعتصامات في دارفور ستؤثر على عملية التفاوض، لأن جزءًاً من تلك المطالب المرفوعة في هذه الاعتصامات قد تمت معالجتها في الاتفاق القادم، وبالتالي الاتفاق القادم سيدعم ويعالج تلك المطالب.
* هناك بعض الحركات لم تنضم لعملية السلام ويرى البعض أنها تمثل الشق الأكبر لكي يصبح سلاماً شاملاً؟
نعم، هنالك حركات لم تنضم للسلام، وحتى يكون شاملاً لابد أن تستجيب للسلام، والسلام هدف استراتيجى للكل، أما القول بأن غياب طرف سيعطل السلام، هذا ليس بالضرورة صحيحاً، لأننا نعيش في عصر غير عصر الإنقاذ، لأنك كحركة المفروض تكون ممثلاً لقضايا الناس على الأرض، فإذا حُلت هذه القضايا بأيدي آخرين وتنعم الناس بالسلام، فلا معنى إذن للاستمرار في المعارضة باسم القواعد.
* تسليم المتهم علي كوشيب للمحكمة الجنائية هل يعتبر خطوة جيدة وأحد مطلوبات العدالة؟
نعم، تسليم علي كوشيب كانت رسالة إيجابية في اتجاه تحقيق العدالة لضحايا الإبادة الجماعية في دارفور.
* ألا تعتقد أن خروج حركة تحرير السودان بقيادة مناوي من الجبهة الثورية خسارة للحركة؟
أولاً حركة التحرير لم تخرج من الجبهة الثورية، لأنها من المؤسسين الأوائل لهذه الجبهة، والواقع أن المجلس القيادي للجبهة الثورية، وبعد أن رفض مشروع الإصلاح الذي تقدمت به حركة التحرير، ذهبت حركة التحرير بجزء من الجبهة الثورية، وبالأمر الواقع أصبحت الجبهة جبهتين، جبهة تتزعمها الإدارة القديمة بقيادة الهادي إدريس، وجبهة جديدة بقيادة حركة تحرير السودان. ولكن الأمر المهم والذي ربما يغيب عن كثير من الناس هو أن الجبهة الثورية تم تكوينها في الأساس كتحالف عريض ضم قوى ثورية ومدنية معارضة لإسقاط نظام البشير السابق، وقد ساهم هذا التحالف لإضعاف النظام، وشاركت جماهيرها بكثافة في الحراك الثوري السلمي لإسقاط النظام. إذاً الجبهة الثورية قامت بمهامها على أكمل وجه. الآن في العهد الجديد بعد السلام دورها سيختلف، إذا اتفقت أطرافها ستكون مظلة سياسية مدنية جامعة للمكونات السابقة لممارسة العمل السياسي في الداخل في شكل تحالف مدني، وإذا اختلفت المكونات ستكون هنالك تحالفات جديدة في الداخل بنفس المكونات أو مع مكونات أخرى في الداخل، وبالتالي لا خوف من انشقاق الجبهة، وأهم من كل هذا؛ أن هذا الانشقاق لا يؤثر على العملية السلمية الجارية الآن في جوبا، وخير دليل على ذلك هو أن الوفد الثلاثي الموجود الآن في الخرطوم يضم طرفي الجبهة الثورية وممثل لكل أطراف التفاوض في الجبهتين الثوريتين في جوبا.
* ماذا تعني بأن حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي خرجت من الجبهة الثورية بجزء من الجبهة الثورية؟ علماً بأن حركتكم خرجت لوحدها ولم يخرج معها أي من مكونات الجبهة الثورية؟
هذا سؤال مهم، ولتوضيحه باختصار نقول الآتي: إن حركة تحرير السودان لا تريد أن تخرج وتترك الجبهة الثورية للآخرين؛ وهي من مؤسسي هذه الجبهة، نحن لسنا قانعين منها حتى نتركها، بل لنا تصور جديد بهيكلة جديدة في إطار إصلاحها للقيام بمهامها في عهد السلام المرتقب، عندما رُفض مشروع الإصلاح الذي قدمناه أعلنا جبهة ثورية موازية، وقد تقدمت إلينا حتى الآن أكثر من (5) تنظيمات للانضمام، وقد تم قبول عضويتهم.
* ثورة ديسمبر في كلمة؟
ثورة ديسمبر كانت تكاملاً وتتويجاً للعمل الثورى المسلح مع الثورة الشعبية المدنية، والنتيجة كانت إنهاء الدكتاتورية التي جثمت على صدر الشعب السوداني لثلاثة عقود من الزمن.