تقرير/ عبد الله عبد الرحيم
كشفت حركة جيش تحرير السودان برئاسة مني أركو مناوي، الجمعة، عن تقديم ورقة تحوي موقفهم حول ملف الترتيبات الأمنية مع وفد الحكومة الانتقالية. وبدأت الخميس الماضي، جولة مفاوضات مباشرة بين وفدي الحكومة الانتقالية السودانية وحركة جيش تحرير السودان حول ملف الترتيبات الأمنية بجوبا عاصمة جنوب السودان . وقال مساعد رئيس حركة جيش تحرير السودان نور الدائم طه، إن وفد الحكومة الانتقالية طلب مهلة للتشاور والاطلاع على موقف حركة جيش تحرير السودان بشأن الترتيبات الأمنية والرد عليه في وقت لاحق. موضحاً أن مناقشة بند الترتيبات الأمنية يعني العبور نحو أهم خطوة في ترسيخ عملية السلام، وتابع “حسم ملف الترتيبات الأمنية يعني إسكات أصوات البنادق التي تقرر في عملية السلام بشكل نهائي”. يأتي هذا بينما تم تأجيل التوقيع بالأحرف الأولى على النقاط الست بالخرطوم وألحقت الجبهة الثورية ذلك بأن الاتفاق سيوقع في جوبا وليس في الخرطوم.. ويبدو أن جميع بنود المفاوضات قد وصل فيها الطرفان إلى قواسم مشتركة، ولكن دون أدنى شك أن قضية الترتيبات الأمنية كانت معضلة في كل المنابر السابقة، ولكن طرفي الاتفاق يدخلانها هذه المرة وكلهم أمل وتفاؤل ولكنه حذر في إمكانية العبور إلى اتفاق بشأنها قريباً وفقاً لمخرجات الجلسات الأولى التي انطلقت بجوبا.. فهل الترتيبات الأمنية سوف تقف عقبة أمام ملف السلام الرغبة التي تراود الجميع أم إن شيطان تفاصيله سوف تقضي عليه الجلسات الباقية من عمر التفاوض المشترك بين الحكومة والثورية بجوبا؟
شروط الإصلاح:
حركة جيش تحرير السودان الشريك الأساسي في عملية التفاوض بجوبا والتي دخلت في مفاوضات الترتيبات الأمنية مع الحكومة هذه الأيام، أكدت وبشدة عبر ممثليها في منبر التفاوض، من أنها على استعداد تام للدخول في عملية سلام عبر ترتيبات أمنية حقيقية تفضي إلى تكوين جيش مهني قومي عبر إصلاح كافة الأجهزة الأمنية وجعلها أجهزة خاضعة للدستور ومسئولة أمام القانون وتكون خادمة للوطن والمواطن.
وكانت الوساطة، قد أعلنت بحر الأسبوع المنصرم، تأجيل التوقيع على اتفاق السلام بين الحكومة السودانية وتحالف الجبهة الثورية إلى أجل غير مسمى. وفي وقت لاحق أعلنت فصائل الجبهة الثورية موافقتها على مسودة الاتفاق ببنوده الـ(6) مع تأجيل توقيع ورقة القضايا القومية المحورية وذلك نسبة للأحداث المؤسفة التي وقعت بولاية شمال دارفور. وكان الاتفاق الذي تم تأجيله يشمل تمديد الفترة الانتقالية لتصبح 39 شهراً يبدأ سريانها منذ التوقيع على اتفاق السلام الشامل، إضافة لتحديد نسب التمثيل بالوزارات والمجلس التشريعي.
اكتمال السلام:
لكن الحكومة أيضاً من جانبها، لم تتوان كثيراً وهي ترى أن ملفاً مهماً يجري بحثه هناك وتتوقف عليه عملية السلام برمتها لتؤكد بدورها أن المرحلة الأولى لتحقيق السلام قد اكتملت بعد مارثون طويل من المفاوضات وأن النقاط الست الخلافية التي جاء وفد الجبهة الثورية للخرطوم لمناقشتها قد تم الاتفاق والتوافق عليها جميعاً. وأشارت الحكومة السودانية إلى تدخل رئيس الوزراء ووفد الوساطة والجبهة الثورية في الأمر كاشفة عن ابتعاث وفد حكومة لجوبا للمشاركة في توقيع الاتفاقية مع الجبهة الثورية ومناقشة وضع الترتيبات الأمنية مؤكدة حق جوبا في استضافة التوقيع النهائي بعد المفاوضات التي استمرت شهوراً طويلة وبذل حكومة جنوب السودان ووفد الوساطة جهوداً كبيرة في تقريب وجهات النظر بين الطرفين. وأعربت عن أملها في أن يتواصل الحوار مع حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو لتحقيق سلام شامل في جميع مناطق السودان..
رغبة حقيقية:
المحلل السياسي د. أبوبكر آدم، أشار في حديثه لـ(الصيحة) إلى بعض الصعوبات العملية فيما يختص بتعيين الولاة والرغبة الحقيقية في أن يكون هنالك توافق حول عملية تعيين الولاة المتوافق عليهم والمقبولين سياسياً واجتماعياً من ولاياتهم لما يترتب عليهم من إنجاز مهام كثيرة في انتظارهم، وقال إن رئيس الوزراء واللجنة المكلفة تعمل في اتصالات وحوارات للتراضي على ولاة متفق عليهم. وأكد أن هذه الخطوة من شأنها أن تدفع عملية السلام والمفاوضات التي تجري في منبر جوبا، فيما يختص بعملية الترتيبات الأمنية لجهة أن الكثير من القضايا المهمة والتي كانت حجر عثرة داخل المنبر ووقفت عندها الجولات كثيراً من شأنها أن ترسي لسلام متكامل ومستدام عقب الانتهاء من القضايا العالقة الست بين الحكومة والحركات المسلحة عبر الوساطة الجنوبية.
تمهيد الطريق:
وعبر المحلل السياسي والمراقب للعملية السلمية بدارفور د. حسين إبراهيم مستور، عن تفاؤله بالاتفاق، وقال لـ(الصيحة) إن بوادر وإشارات التوقيع على اتفاقية السلام سيكون بحوبا بعد أن قطعت المفاوضات جزءاً كبيراً من القضايا الخلافية وقضايا الترتيبات الأمنية مع الجبهة الثورية، ويرى أن الحركات كلها ستكون حضوراً لعملية التوقيع لجهة أن ما تم التفاوض حوله يمثل ويمس كل رغباتها وتطلعاتها، إلا أن القيمة الحقيقية للاتفاق الشامل يكمن في رد الحقوق والمطالب التاريخية للمواطنين المتضررين من الحروب من خلال المشاركة الفعلية في الوقائع المادية والدستورية. وإذا حقق الاتفاق هذه النقاط فإنه يرى أن الفصائل الأخرى ستجد الطريق ممهداً للالتحاق بركب التوقيع النهائي أو في أي مرحلة من مراحل تطبيق المصفوفة .