النقود والخبز والوقود.. ثالوث الأزمات الاقتصادية
الخرطوم: رشا التوم
أزمات متتالية تمسك بخناق الاقتصاد السوداني والمواطن معاً تتعلق بتوفير الوقود والنقود والخبز، والشاهد أن تلك السلع في حالة انعدام وندرة ومشهد الصفوف والتكدس لطالبي الخدمات تلك لم تراوح مكانها طوال أشهر العام، مما يؤكد وجود أزمة في كيفية اتخاذ ومنهجية القرار في الدولة لتوفير الأساسيات من السلع منعاً لمجابهة المواطن أي معاناة من أجل الحصول على السلع، فضلاً عن الأثر البالغ جدًا لأزمة الجازولين والوقود و امتداد تأثيرها على حياة الناس، ما أرجع البلاد للمربع الأول المتمثل في وضع الندرة السائد.
الخبز ما له وما عليه
وأكد عضو اللجنة التسييرية للمخابز عصام عكاشة أن قطاع المخابز يواجه مشكلات عدة تتمثل في قطوعات الكهرباء وعدم توفر الغاز والجازولين والتي أثرت على أداء المخابز بصورة كبيرة وتراجعت العملية الإنتاجية للخبز.
وكشف عصام في تصريح لـ(الصيحة) أن آلية توزيع الدقيق بها إشكالية كبرى، وأفصح عن تراجع حصص المخابز من الدقيق بواقع 60 جوالاً للفرن البلدي والفرن الآلي بواقع 120 جوالاً، وفي السابق كان إنتاج المخابز البلدية يفوق الـ200 جوال دقيق يومياً، مشيرا إلى أنه حدث ظلم كبير في توزيع الدقيق، وأوضح أن تحديد الكميات للمخابز عاد بآثار سالبة انعكست على المنتج من الخبز يوميا ًوخلق ندرة في الخبز قد تواجه المواطنين بصورة أكبر عقب رفع الحظر الكلي عن العاصمة.
واتهم وزير الصناعة والتجارة بأنه يسكن (برج عاجي) دون السعي لإيجاد حلول عملية لمشكلة الدقيق والخبز، ولفت أن تغيير آلية توزيع الدقيق عبر المحليات انعكست آثاره بصورة سالبة ووصفه بالخطأ الفادح والذي خلف كثيراً من الإشكالات، وأقر بعدم معرفتهم كميات الدقيق المنتجة أو الموزعة من قبل شركات الدقيق والمطاحن، وزاد قائلاً (هناك ربكة كبيرة في الأمر).
وتوقع عصام أن تشهد مخابز ولاية الخرطوم المزيد من التكدس والازدحام من المواطنين طلباً للخبز في الأيام المقبلة، وقال أن البلاد موبوءة ويجب إبعاد المواطن من صفوف الهلاك والموت وتوفير الخبز في متناول يده.
ومن جانبه، كشف المدير العام لوزارة الصناعة والاستثمار بولاية الخرطوم، د. أبو بكر محمد نور، عن تسبب نقص الوقود في عرقلة توزيع الدقيق للمحليات والمخابز، موضحاً أن الدقيق متوفر ولكن الأزمة في الوقود.
وقال أبو بكر في تصريح لـ “الصيحة” إن موقف إنتاج الدقيق “مطمئن” مؤكداً وجود كميات وافية من الدقيق، لافتًا إلى أن التوزيع تواجهه مشكلة توفر الوقود للترحيل.
وفي الوقت نفسه شكا مواطنون وأصحاب مخابز بولاية الخرطوم، من تأثير قطوعات الكهرباء سلباً على العمل، ورصدت (الصيحة) عدة مخابز أغلقت أبوابها كليًا لعدم توفر الكهرباء وصعوبة الحصول على الوقود لتشغيل المولدات.
وأكد مواطنون، فشلهم في الحصول على الخبز بسبب عدم قدرة المخابز على العمل بالجازولين التجاري.
فيما أوضح عدد من أصحاب المخابز أن القطوعات تزيد عن 7 ساعات يومياً، مشيرين إلى أن فاتورة الوقود التجاري “تفوق مقدرتهم المالية ” وقالوا إنهم تكبدوا خسائر فادحة.
الجازولين غياب دون أسباب
وشهدت محطات الوقود بالخرطوم أزمة حادة في توفير الوقود، خاصة الجازولين وتمددت صفوف البنزين لمسافات بعيدة والثابت حتى يوم أمس انعدام تام للوقود في عدد كبير من محطات الوقود الرئيسية بالرغم من المعالجات التي أعلنتها وزارة الطاقة في وقت سابق لحل المشكلة، والإعلان عن وصول كميات كبيرة من الوقود إلى ميناء بورتسودان، وتعود المشكلة إلى أسباب إدارية ومشكلات تتعلق بالتوزيع والشركات.
وبحسب متابعات ( الصيحة ) في عدد من محطات الوقود تلاحظ اصطفاف عشرات السيارات وتكدسها في محطات الخدمة للتزود بالبنزين حيث أفاد صاحب طلمبة ببحري أن البنزين يتم توفيره بكميات مناسبة، ولكن الجازولين يواجه شحاً وندرة كبيرة، وهناك محطات خدمة تم تخصيصها للوقود التجاري والبعض الآخر للجازولين الخاص بالمشاريع الزراعية وأصحاب التصاديق، وأكد أن الأزمة في الجازولين تتعلق بالمنتج من المصفاة وتراجع الحصص من شركات التوزيع والترحيل مما أدى إلى عودة الصفوف مرة أخرى أمام المحطات.
الكاش.. بوادر أزمة
وفيما يتعلق بالمصارف والصرافات لم يكن الوضع أفضل حالاً من السابق فسمة الازدحام والتكدس لليوم الأول من رفع الحظر الجزئي كانت أبرز ملامحه توافد أعداد كبيرة من المواطنين على البنوك والصرافات لإنجاز معاملاتهم المالية والمصرفية مما ينذر بارتفاع الطلب على الكاش والنقود بالمصارف، ويتطلب من البنوك توفير المبالغ النقدية المطلوبة وتلاحظ أن غالبية مرتادي البنوك لم يتبعوا الاشتراطات الصحية لكورونا.
ومن ناحيته، أبدى الخبير الاقتصادي د. محمد الناير استغرابه من عدم اتجاه الدولة لبناء احتياطي ومخزون من الدقيق والقمح طوال فترة الحظر الماضية مبيناً أن فترة الإغلاق شهدت انخافضاً ملحوظاً في استهلاك السلع وعليه كان على الدولة أن تتجه لبناء مخزون احتياطي لمواجهة عودة النشاط والعمل في الدولة، مشيراً إلى تعاقب الأزمات في السلع الاستهلاكية والضرورية للمواطن وتخوف تعقيد الأوضاع عقب عودة المسافرين من الولايات للعاصمة، ودعا الحكومة لإيجاد معالجات عاجلة بتوظيف عائدات الذهب لحل مشكلات النقد الأجنبي واستيراد السلع وعدم الاعتماد على المجتمع الدولي لتوفير الدعم، لأنه رهين بتنفيذ اشتراطات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتوقع حدوث تراجع في الوضع الاقتصادي بصورة غير مسبوقة في ظل الأزمات الراهنة.