كوفيد-19 وسيادة القانون
بواسطة: ألكساندرزويف
29/06/2020
كوفيد-19 هو تهديد غير مسبق تسبب بمعاناة لا يمكن تصورها حول العالم. أن هذا الوباء هو أولاً وقبل كل شيء أزمة صحية عامة، ولكن يجب ألا تغيب عن بالنا التحديات ذات الصلة كالنضال من اجل الحفاظ على سيادة القانون والتي تترتب على احتواء هذا التهديد وتعزيز الانتعاش السريع والمستدام.
عندما تستجيب الحكومات بدور موسع للوجود القوي للشرطة والجهات الأمنية الأخرى، ذلك قد يؤدي لظهور تحديات كثيرة منها التحيز والاستخدام غير المتناسب للقوة وغيرها من قضايا حقوق الإنسان. وهناك أيضًا خطر من أن بعض الدول قد تستخدم فرض حالة الطوارئ لتمكين السلطة التنفيذية على حساب سيادة القانون وقمع المعارضة وتقويض المؤسسات الديمقراطية، خاصة عندما تكافح المحاكم وهيئات الرقابة الأخرى من أجل القيام بمهامها بسبب القيود المتعلقة بـ كوفيد-19.
كما شهدت بعض الدول زيادة عالية في الاعتقالات وهذا يتعارض مع الحاجة إلى تقليص عدد المسجونين في السجون التي عانت من زيادة معدلات الإصابة بالفايروس وبشكل غير متناسب بين السجناء والموظفين، مما أدى إلى انتشاره في المجتمعات المحيطة ومن المحتمل أن يتسبب بزيادة العنف.
أن توزيع مساعدات الطوارئ واللوازم الطبية والمعونات الاقتصادية بدون مؤسسات فعالة تضمن الشفافية والمساءلة والرقابة سيتيح فرصة أكبر للفساد والاحتيال وسيؤدي إلى عدم إيصال الكثير من تلك المساعدات إلى المستفيدين المستهدفين، مما يعمق الأزمة الاجتماعية والطبية والاقتصادية ويعرضهم لخطر تؤخر التعافي.
كما يوفر الوباء فرص للجماعات المسلحة والمنظمات الإرهابية، لتشويه سمعة مؤسسات الدولة، واستغلال الفجوات في توفير الخدمات العامة والاستفادة من الغضب العام في بعض الدول على سبيل المثال ما حدث بسبب إغلاق أماكن العبادة. ايضاً تقوم الجماعات المسلحة على تقوية سيطرتها على المنطقة وذلك عن طريق استغلال تقليص القدرات التشغيلية لأفراد الامن بسبب تعرضهم للفيروس ومسؤوليات جديدة.
كما يمكن لهذه التحديات أن تقوض بشدة شرعية الحكومات، وهو أمر بالغ الأهمية لاستراتيجيات التخفيف والاحتواء الفعالة أثناء أزمات الصحة العامة، كما لوحظ في بعض البلدان التي تكافح تفشي فيروس إيبولا 2018/2019. ولذلك فمن مصلحة الحكومات ضمان أن تكون اعلان حالة الطوارئ متناسبة وقانونية ومحددة زمنياً.
قامت الأمم المتحدة بسرعة الاستجابة لتقديم المساعدة الفورية لسيادة القانون والمؤسسات الأمنية الوطنية. على سبيل المثال: قامت بتوسيع تدريب الشرطة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وبلدان أخرى.
وهناك دور فعال لقوات حفظ السلام في توزيع الإمدادات الطبية الطارئة في دارفور ومالي، بما في ذلك على المقاتلين السابقين المستفيدين من برنامج نزع السلاح، مما ساعد على بناء الثقة بين الفصائل المتحاربة.وبالتعاون مع الشركاء قمنا أيضًا بتطوير أدوات عملية للتخفيف من انتشار الفيروس في السجون وتقديم التوصيات بشأن تخفيف السجون، وتوصيات لعقد جلسات استماع افتراضية للمحكمة.
ويتم العمل بهذه التوصيات الآن في جميع أنحاء العالم
بعد أن يتلاشى الوباء يجب على الحكومات القيام بمراجعه شاملة على الإجراءات التي اتخذت في ظل إعلان حالات الطوارئ في الدولة للعمل على تحسين الأداء مستقبلاً.
ويمكن ان تقام هذه المراجعات بدعم من الأمم المتحدة التي لديها سنوات خبرة من أفضل الممارسات خاصة في مجال الشرطة.
كما قد يوفر الوباء فرصًا أيضا على المدى الطويل لإجراء التغييرات اللازمة في النظم القانونية وممارسات تطبيق القانون كقطاع العدالة الجنائية على سبيل المثال: يجب أن نحلل تأثير الممارسات التي تم تطويرها استجابة للوباء على ميزانية الدولة والمجتمعات وآفاق إعادة التأهيل بهدف إضفاء الطابع المؤسسي عليها.
وينبغي أن يشمل ذلك الإفراج عن السجناء غير الخطرين، وتعديل استراتيجيات الاعتقال والمقاضاة والأحكام الغير احتجازيه.
كما يجب أن يتضمن التسجيل الإلكتروني والجلسات القضائية الافتراضية قدر الإمكان.
بينما تطرح تحديات لبعض حقوق المحاكمة العادلة، يمكن لهذه الممارسات أن تجعل أنظمة العدالة أكثر سهولة وكفاءة بجانب تضييق الفجوة الرقمية وتعزيز الوصول إلى العدالة في المناطق النائية، وزيادة التمثيل القانوني ومشاركة الشهود، وإزالة التراكمات وتقليل الاحتجاز قبل المحاكمة.
بينما ينظر قادة العالم وهم يناقشون العمل المشترك لاحتواء الوباء والتغلب عليه، عليهم الأخذ بالاعتبار بضرورة تفادي إلحاق اضرار دائمة بمبادئ سيادة القانون والحريات الأساسية.
حيث سيساعد ذلك على تجنب تفاقم التوترات الاجتماعية والمظالم والأسباب الكامنة للصراع – وربما يكون منع الصراع أمرًا حتمياً الآن أكثر من أي وقت مضى، حيث تقع احتمالات الاستثمار على نطاق واسع في إدارة الصراع والانتعاش بعد الصراع ضحية نقص الموارد.
ألكسندر زويف
الأمين العام المساعد الحالي لسيادة القانون ,المؤسسات الأمنية.