الخرطوم- جمعة عبد الله
ألقت زيادة الرواتب التي أقرّتها الحكومة مؤخراً، بتداعياتها على المشهد الاقتصادي، فرغم ارتفاع دخل شريحة مُقدّرة من المُواطنين وهم العاملون بالدولة وبنسبة أقل لموظفي القطاع الخاص، فإن ارتفاع معدل التضخم، وارتفاع المستوى العام للأسعار، بدّد الفرحة بتحسين مُستوى المعيشة.
وفور تطبيق وزارة المالية للهيكل الراتبي الجديد، قفز معدل التضخم إلى “98%” بدلاً من “81%” بزيادة 17 نقطة دفعة واحدة، وتبعاً لذلك ارتفعت أسعار السلع والخدمات بنسب متفاوتة تتراوح بين “20 – 30%”، وهي نسبة كافية لتذويب زيادة رواتب الشرائح الدنيا والمتوسطة من العُمّال والمُوظفين.
ويرى الخبير الاقتصادي د. حسين القوني، أن زيادة الرواتب لوحدها ورغم إيجابياتها، إلا أنّها “غير كافية لوحدها”، داعياً لاتّخاذ إجراءات وخطوات مُصاحبة لتحسين معاش المُستهلكين.
وقال القوني لـ(الصيحة)، إنّ ما يُعانيه الاقتصاد المحلي ليس فقط قلة الدخل، لافتاً لوجود إشكالات أخرى ينبغي مُعالجتها، منها ضبط الأسواق وتحديد تسعيرة لكل سلعة بحيث لا يتجاوزها تاجر إلا وفق ضوابط معلومة تُحدِّدها الحكومة حال زيادة سعر السلعة لسبب ما.
وقالت خبيرة الاقتصاد، د. ايناس إبراهيم، لـ(الصيحة) أن نسبة عالية من أوضاع ذوي الدخول المحدودة لا يملكون مساكنهم، وسيجعلهم الواقع الجديد يضطرون لدفع تكاليف إضافية للإيجارات المرتفعة نتيجة لزيادة الرواتب، كما تتزايد عليهم نفقات توفير الغذاء والدواء والسلع الأساسية مع ارتفاع تكلفة المُواصلات وبقية الخدمات، وأشارت إلى أن خبراء الاقتصاد يوصون في هذه الحالة باستغلال الأجور والرواتب لتحسين الظروف المعيشية لمحدودي الدخل والفقراء وتضييق فجوة الدخول بينهم وبين شرائح الدخل الأعلى، عبر رفع رواتبهم بمعدّلات أعلى من مُرتفعي الدخل.
وتشير التقديرات إلى أن زيادة الأجور تستفيد منه شرائح تقدر بنحو 50% من إجمالي السُّكّان يُشكِّلون العاملين وأسرهم، بينما لا يستفيد منه ذوو الدخول المنخفضة والفقراء والعاطلون عن العمل.
فيما يرى مختصون، أنّ زيادة الأجور بنسب ثابتة لجميع شرائح العاملين يُفيد أصحاب الرواتب المُرتفعة أكثر من أصحاب الرواتب المُنخفضة، فعند رُفعت الرواتب بنسبة معينة لجميع منسوبي الدولة، فإنّ هذا يعني زيادة دخول الفئات العليا من المُوظّفين بأرقام عالية، بينما تزيد دخول المُستويات الدنيا من الموظفين، وهم الأشد حاجة لرفع رواتبهم بمبالغ مُنخفضة.