دَعوات للعالقين
*محمد عبد المنعم واحدٌ من ستة آلاف مُواطن سُوداني حبستهم ظروف حظر “كورونا” بجمهورية مصر العربية، وربما يكون العدد يفوق الستة آلاف التي ذكرناها.
*محمد ذهب إلى القاهرة للعلاج برفقة زوجته وشقيقته وزوجها، وحتى هذا الشهر تكون مرّت عليهم ستة أشهر بالتمام والكمال وهم يتشوّقون لرؤية أبنائهم الصغار منهم والكبار.
*اتّصل بي مساء أمس وهو في حالة نفسية سيئة جداً لاستمرار “حبسهم” في شوارع القاهرة، وقال لي إنّ ابنه الصغير يلومه عبر الهاتف لعدم حُضُوره للخرطوم ويقول له “بابا كل ما أشوف طيارة بقول إنت وماما جايين فيها”.
*ربما يكون محمد وبعض العالقين في القاهرة أفضل حالاً من عالقين آخرين في بلاد الفراعنة، فهناك من انقطعت مصاريفهم، وغيرهم ازدادت حالتهم سُوءاً لبُعدهم عن أبنائهم وآخرون يتشوّقون لرؤية أسرهم الكبيرة!!
*أشهرٌ مضت، والعالقون بالخارج يتشبثّون بخيط أملٍ رفيعٍ تَمسِك به حكومة “هشّة” تخشى من اتّخاذ القرار بعودة مُواطنين سوُدانيين إلى ديارهم.
*أشهرٌ مضت، وأطفال يتشوّقون لرؤية آبائهم الذين ذهب بعضهم للعلاج بالقاهرة، وأبناء آخرون يتشوّقون لرؤية آبائهم الذين حرمتهم “كورونا” وحظرها و”أكرمها” من الحُضُور للخرطوم وهؤلاء كانوا في رحلة عمل بجنوب السُّودان لتغطية مُفاوضات السَّلام بين فرقاء أهل السُّودان.
*العالقون من أهل السودان مُوزّعون في جُل بقاع العالم، وجلهم يمني نفسه بالعودة إلى الوطن، ولكن أكثرهم ألماً وأسىً، عالقو القاهرة باعتبارهم ذهبوا للعلاج، وعالقو جوبا باعتبار أنّهم ذهبوا لأداء عملهم أثناء مفاوضات السلام.
*حسناً محمد عبد المنعم والآلاف الذين معه ما زالوا يحلمون برؤية أُسرهم في الخرطوم، وبعضهم على اتّصالٍ بصحاب هذه الزاوية لينقل له الكثير من المآسي التي تحدث لأبناء السُّودان بالقاهرة!!
*جل دول العالم أجلت رعاياها في الدول الأخرى بسبب جائحة “كورونا” عدا “حكومتنا” المُوقّرة التي ترفض إجلاء رعاياها كما تفشل في إدارة شؤون البلاد!!
*إنّه حظ أهل السُّودان في حُكّامه، منذ الاستقلال وحتى اليوم، لم يكن لنا حظٌ جَيِّدٌ مع الحكومات التي تعاقبت على كرسي الحكم، ولكن إن أردنا المُقارنة بين جل الحكومات السَّابقة، فإنّ هذه “الانتقالية” ستكون أفشلها بامتياز، حكومة لم تنجح في توفير الخدمات الأساسية، ولم تنجح في توفير “قُفة المُلاح”، ولم تنجح في السيطرة على ارتفاع الدولار، ولم تنجح في مُفاوضات السَّلام والأشهر الستة قد مَضَت، وأخيراً لم تنجح في إعادة رعاياها في الدول العربية على أقل تقديرٍ!!
*نسأل الله تعالى أن يُعين جميع العَالقين السُّودانيين في كل دول العالم، وأن يفرج كرب محمد عبد المنعم وأسرته ومن معه من سُودانيين، وأن يفرج كرب عالقي جوبا والسُّعودية وغيرها من الدول ليستمتعوا مع أهلهم مع اقتراب عيد الأضحى المبارك.