من البعثة الأممية إلى الاقتصاد والسلام.. تفاصيل أول لقاء لـ(حمدوك) مع الصحف
الخرطوم- الصيحة
كشف رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك، تفاصيل جديدة حول دواعي طلب البعثة الأممية للسودان، وشدد على أنه لا تفريط في السيادة، فيما أكد ارتباط الاقتصاد والسلام لتحقيق الديمقراطية المستدامة، وأقر بتحديات الشراكة وأكد قدرتهم على مجابهتها، وأوضح أولويات برنامج الحكومة للفترة المقبلة.
وعقد حمدوك أمس، اللقاء الأول مع رؤساء تحرير بعض الصحف بحضور وزير الإعلام ووزير مجلس الوزراء وطاقم رئيس مجلس الوزراء الإعلامي.
وأوضح حمدوك أن طلب بعثة الأمم المتحدة قائم على المساعدة للعبور بقضايا الانتقال وتحقيق النهضة الشاملة ومخاطبة الحاجات الآنية مثل المساعدة في كلفة إنفاذ السلام حال توقيع الاتفاقية، وشدد بأنه لا تفريط في السيادة الوطنية، وأشار إلى أن ملكية البعثة وطنية وتغطي كل السودان وليست كما كان في السابق، ونبه إلى أنها ليست عسكرية، وأقر بأن الأمر يحتاج إلى شرح أكثر حتى لا يستغله أصحاب الأغراض.
وأبدى حمدوك إعجابه بتجربة الشراكة بين المدنيين والعسكريين، واعتبر أنه نموذج يحتاج للصبر، وأقر بأن هناك تعقيدات وأنهم ليسوا “سمن على عسل”، وقال “لكن لا خيار أمامنا غير التوافق”.
وأقر حمدوك بوجود الأمراض في السياسة السودانية، وبخطأ ربط إكمال أجهزة الحكم بالسلام بسبب الاصطفاف الحزبي، وأكد ضرورة المحافطة على تماسك التحالف الذي أنجز التغيير، وضرورة استيعاب الذين بذلوا جهداً مقدراً لتصل الثورة مداها “لجان المقاومة”.
وأكد حمدوك ضرورة تشكيل المجلس التشريعي، واقترح تسميته بالجمعية الوطنية، واعتبر أن إصلاح الخلل بدأ بالمصفوفة، وأنه لا بد من السير في معالجة الأخطاء بتوصيف المسؤوليات. وقال “أمامنا فرصة ثمينة وإذا نجحنا في العبور واتفقنا على كيف يُحكم السودان سنبني بذلك أساساً متيناً لتحقيق النهضة الشاملة”.
وأعلن حمدوك وضع برنامج تنموي قسم البلاد لعدة محاور “محور التمازج- الحدود مع الجنوب، محور الصمغ العربي، محور الأنهار، محور المحاصيل النوعية والبحر الأحمر”. وأوضح أن مشروع التنمية الديمقراطية يقوم على الشمول وتعزيز البنيات التحتية بالإعتماد على القدرات الذاتية.
وأشار إلى اعتراض قوى الحرية والتغيير على إجازة الموازنة بعد نقاش لشهرين وبعد موافقة مجلسي السيادة والوزراء، ومطالبتها بإجازتها بعد المؤتمر الاقتصادي، وقال إنه عندما جلس مع (قحت) منفرداً وجد أن مواقفها حول الموازنة متسقة مع مواقف الحكومة، ولكن يحدث العكس عندما يجلس الجميع، إذ تتباين المواقف ويبدأ الاصطفاف.
وأكد حمدوك أن الاقتصاد والسلام لا ينفصلان، ودون تحقيق تقدم فيهما يصعب الوصول للديمقراطية المستدامة، وأشار إلى طرح رؤية اقتصادية تخاطب واقع البلاد “لا هي وصفة صندوق النقد الدولي أو خاضعة للبنك الدولي”، وأكد أنها سودانية خالصة، ودعا كل قوى التغيير للالتفاف حولها والاتفاق على مضامينها وأجندتها التي تشمل “ترشيد الدعم، الهيكل الراتبي، معالجة قضايا النظام المصرفي، إعادة بناء المؤسسات والضرائب”.
ونبه لضرورة رفع الإنتاج وتعزيز البنية التحتية، وأن يكون الاقتصاد الزراعي مرتبط بالتصنيع وبأدوات مدخلات الإنتاج، وانتقد تصدير المواد الخام دون تصنيع، وأكد أهمية التعامل مع الاقتصاد كحزمة متكاملة.
وأكد حمدوك أن السلام هو التحدي والهدف الأول لحكومته، وأنه يجب أن يخاطب جذور الأزمة التي تجعل منه مستداماً سواء كان ذلك في قضايا التهميش أو تحقيق العدالة الإجتماعية، وأقر بأن الاتفاقات وحدها لن تصنع سلاماً ولا بد من مصالحات إجتماعية حتى تتنزل الاتفاقيات لأرض الواقع.
وقال إن السلام لن يتأتى إلا بعد الاتفاق على شكل الحكم والادارة بجانب الترتيبات الأمنية وأكد أهمية الوصول إلى جيش وطني واحد، بالإضافة إلى محور المساعدات الإنسانية، وأشار إلى أن المسارات في جوبا خاطبت هذه المحاور لكنها خلقت تعقيدات أطالت أمد التفاوض، ولم يستبعد تأخر التوقيع إلى ما بعد الميقات المحدد الآن، ووصف ما تحقق في جوبا بأنه خطوة أولى حققت الكثير.
وكشف حمدوك عن تواصل حواره مع رئيس الحركة الشعبية- شمال القائد عبد العزيز الحلو حول السلام منذ زيارة كادوا، وأكد ضرورة مواصلة الحوار مع القائد عبد الواحد نور، وأقر بأن مجلس السلام غير منصوص عليه في الوثيقة الدستورية.
وفي مجال العلاقات الخارجية، قال حمدوك إن السودان يطمح في إقامة علاقات متوازنة، لكنه أقر بعدم سهولة الوقوف على الحياد في ظل الواقع الحالي، وأضاف بأن السياسة الخارجية تقوم على ركائز أساسية وإستراتيجية محددة، وأن حكومته تسعى لخلق علاقة إستراتيجية مع الجنوب بحكم الجوار الممتد والحدود المفتوحة في منطقة التمازج التي تعتبر أغنى حزام حدودي، ونوه إلى أهمية خلق علاقات مستقرة مع الجنوب.
وأشار إلى أن العلاقات مع مصر أزلية لكن تحكمها العواطف في كثير من أوجهها، وأكد ضرورة الوصول مع المصريين لعلاقات أكثر متانة ورسوخاً يسودها تكامل قائم على المصالح عبر نقاش جاد، وقال إن العلاقات مع إثيوبيا يجب أن تبنى على مخاطبة السمات التفاضلية، وأضاف “هذه الدول تحتاج منا لعلاقات إستراتيجية، ولكن لابد أيضاً أن يكون ذات البعد موجوداً في علاقاتنا مع دول الجوار كافة”، ووصف العلاقات مع السعودية والإمارات بأنها جيدة، وقال “الآن بدأ الانفتاح ولكن لن يحدث تقدم حقيقي دون رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب”.
وأمن حمدوك على العدالة وعدم الإفلات من العقاب، وذكر أنها جزء من الوثيقة الدستورية، وأكد ضرورة تفكيك التمكين واستعادة الأموال المنهوبة من قبل عناصر النظام المباد.
من جانبه، أعلن الناطق باسم الحكومة، وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح الذي قدم اللقاء، استمرار التحقيقات حول محاولة اغتيال رئيس مجلس الوزراء لكشف ما إذا كانت هناك أصابع خارجية، وذكر أن هناك متهمون واعترافات مسجلة.
وفي سياق آخر، قال صالح إن الحوار مستمر مع أسر ضحايا تفجير السفارتين الأمريكيتين في دار السلام ونيروبي وسيتكامل مع الجهود القانونية للوصول إلى تسوية كما حدث مع أسر ضحايا “المدمرة كول”، حيث حكمت المحكمة الأمريكية بـ(11) مليار دولار لصالح الضحايا ولكن بعد الحوار والتسوية أصبحت (70) مليون دولار فقط.
إلى ذلك، أوضح صالح أن وزراء الحكومة الانتقالية هم من كتبوا كل الأوراق التفاوضية وشاركوا في إعدادها وهي التي شكلت المواقف التفاوضية لوفد الحكومة بجوبا، وقال “كذلك شارك الوزراء في التفاوض ولكن لديهم مهام تلزمهم بالعودة لتسيير دولاب العمل بوزارتهم ولذلك يواصل إعضاء السيادي التفاوض”.