*للشاعر السوري الرائع نزار قباني قصيدة يصف فيها عيدنا هذه الأيام وكأنه يتوقع رغم انه كان يصف عيد الأمة العربية وهي تواجه الاستبداد والاستعمار الفكري،وماجذبني في قصيدة قباني ابياتها التى تقول:
أين الذين تراب اﻷرض يعشقهم..
فحيثما حطَّت اﻷقدام أفراحُ…
أين الذين إذا ما الدَّهر آلمنا..
نبكي على صدرهم نغفو ونرتاحُ
*جاء العيد هذا العام وبعضا منا كانوا يفرحون قلوب اليتامى والفقراء رحلوا عن دنيانا في شهر رمضان الكريم وأكثرهم حزنا من كانوا قريبين للخير والخير قريبا منهم.
*على ضفاف النيل الابيض حيث ام قري الجموعية (السليمانية) فجع أهلها وكل الجموعية لا بل كل السودان برحيل الشيخ الورع والاب الحنون والاخ الصدوق العاقب سليمان طه ..رحل دون سابق انذار ليترك خلفه سحابة سوداء من الحزن والألم والدموع.
*رحل شيخ العاقب وهو صاحب الايادي البيضاء والمعطاء الفقراء والمحتاجين ..للارامل واليتامى. رحل وهو الشيخ العابد الذي يخاف الله دون سواءه، رحل بعد وقف بنفسه على توزيع سلة الصائم للأسر المحتاجة بقريته ومنبع ساسة السليمانية الحبيبة عبر منظمة تدافع الخيرية التى كان رئيس المجلس الاستشاري لها.
*ان رحيل الشيخ العاقب لم يكن فاجعة السليمانية وحدها ولا الجموعية فقط وإنما مثل اللم لكل اهل السودان فهو احد الركائز التى أسهمت في تطور صناعة السكر بالسودان من خلال تقلده إدارة عدد من المصانع وذلك بعد تخرجه من جامعة الخرطوم التى درس فيها الكيمياء ثم واصل تفوقه في هذا المجال الا ان وصل درجة الدكتوراه.
*جل من عاصروا الراحل شيخ العاقب في طفولته من اهلنا في السليمانية شهدوا له بالطهر والورع والتدين منذ صغره ،وكان كذلك حتى رحيله في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، ليبكي السودان احد خبراه وعلمائه في صناعة السكر التى تقلد فيها مديرا لمصنع سكر الجنيد ثم حلفا ومنها الي مدير عام شركة السكر السودانية ،ورشح بعدها لتولي حقيبة وكيل وزارة الصناعة لكنه رفض المنصب واتجه للعمل العام بدل التوظيف الحكومي الآن تقلد آخر منصب له حتى وفاته وهو مدير عام شركة امان غاز بتروليم .
*رحل شيخ العاقب وترك في دواخلنا جرح عميق وهو الإنسان الخلوق والمتواضع نقي القلب و المواصل للأرحام والسباق العمال الخير لتعطي يمناها دون أن تراء يسرا ،رحل وترك الدموع في مقل الشباب قبل الشيوخ والرجال قبل النساء،رحل شيخ العاقب وترك خلفه مسيرة ملي بالعطاء والعبر ستخلد اسمه في كل السودان وليس الجموعية وحدها وستظل السليمانية حافظة لعطاءه وعمله الذي ابتغي منه الدار الآخرة وليس للدنيا.
*حسنا.. لو تفتح عمل الشيطان_وليس كل العمل اثما_ لو دموع الرجال تعيد ميتا للحياة لعاد شيخ العاقب بيننا ولكنه الآن بيدي الله الرحيم الغفور ..اللهم نسألك الرحمة والمغفرة لعمنا وشيخنا العاقب سليمانية طه وإن تسكنه دارا خيرا من داره واهلا خيرا من اهله وإن تجعل الفردوس الأعلى مسكنه من الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا. وانا لله وانا اليه راجعون.