الخرطوم وملف الإرهاب.. تسوية بأمر الديمقراطية
ترجمة- إنصاف العوض
كشف مسؤول رفيع بوزارة الخارجية الأمريكية، عن توصل الخرطوم وواشنطن إلى تسوية لحل المزاعم المتعلقة بتعويضات ضحايا تفجيرات تنظيم القاعدة لسفارتي أمريكا في دار السلام ونيروبي 1998م توطئة لإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وقال المسؤول الذي فضل حجب هويته لصحيفة (وورلد جورنال ستريت) الأمريكية “بعد مفاوضات مكثفة توصلنا إلى تفاهم مشترك مع السودان بشأن معالم اتفاق المطالبات الثنائية في المستقبل وخاصة بشأن تفجير السفاراتين، وأضاف بأن الضحايا سيتلقون أكثر من (300) مليون دولار.
دعم ديمقراطي
وقالت الصحيفة، إن الخطة جزء من جهود الولايات المتحدة لدعم الحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين في السودان التي أطاحت بالديكتاتور السابق عمر البشير.
وأضافت بأن السودان قام بتسوية المطالبات المتعلقة بالإرهاب من تفجير إنتحاري للقاعدة عام 2000م على المدمرة (يو أس أس كول) باليمن في وقتٍ سابق.
وأوضحت الصحيفة، أن الخرطوم ستدفع بناءاً على التسوية (10) ملايين دولار لكل موظف حكومي كان مواطناً أمريكياً عند قتله و(800) ألف دولار فقط لكل موظف حكومي أجنبي، على ان تصل قيمة تعويضات المصابين للأمريكين (3) ملايين وحتى (10) ملايين دولار مقابل (400) ألف دولار للمواطنين الأجانب.
استجابة أمريكية
وكشفت وزارة الخارجية الأمريكية، عن موافقة ادارة الرئيس دونالدى ترمب على تقليص مطالبات المحكمة العليا البالغة (4.3) مليارات دولار كتعويضات عقابية ضد السودان لضحايا تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا.
وقالت إن خطة وزارة الخارجية تعد الفرصة الوحيدة للضحايا لإستعادة تعويضات من الدولة الفقيرة الواقعة في شرق افريقيا (السودان).
وأوضح مسوؤل رفيع بالوزارة لصحيفة (وول ستريت جورنال)، أن الحكومة الإنتقالية في وضع ضعيف للغاية، وواجهت ردة فعل محلية عنيفة عندما وافقت على دفع (30) مليون دولار لعائلات (17) بحاراً أمريكياً قتلوا في تفجير المدمرة كول بدلاً عن تلبية الإحتياجات المحلية، مما يجعل فرصة حصول الضحايا على تعويض ضئيلة للغاية، إضافة إلى أن التسوية ستحل جميع مطالبات المواطنين الأمريكيين تجاه السودان.
دوافع ومصالح
وقالت الوزارة ان واشنطن بذلت قصارى جهدها لتأمين على الاقل بعض التعويضات لغير المواطنين الأمريكيين، واضافت بأن هذه أولوية عالية للحكومة الامريكية بالنظر إلى أن هؤلاء الرعايا الأجانب كانوا موظفين ومتعاقدين لديها، ووصفت التزام السودان بتعويض الأجانب بأنه ذي طبيعة غير مسبوقة.
وكشفت الصحيفة عن دوافع كل من الخرطوم وواشنطن لقبول تسوية قضية تفجير السفارات الامريكية في دار السلام ونيروبي، وقالت إن لكل من الخرطوم وواشنطن دوافعهما لقبول التسوية في إشارة لقبول إدارة ترمب تخفيض مبلغ (4.3) ملايين دولار وقبول الخرطوم التسوية المتفق عليها.
وقالت إن الخرطوم تسعى لإستعادة مكانتها داخل المجتمع الدولي للخروج من قائمة الإرهاب وترك إيران وكوريا الشمالية وسوريا فقط بهذا التصنيف من أجل الوصول إلى الأسواق الدولية وإعادة هيكلة الديون المتراكمة على مدى ثلاثة عقود من حكم البشير، بينما تسعى واشنطن لإستعادة تموضعها الجيوسياسي في شمال شرق أفريقيا وسواحل البحر الأحمر، فضلاً عن مشاركتها الحدود مع (7) دول أخرى بما في ذلك بعض البلدان التي تتصارع مع الجماعات المتشددة فيها، ما يجعلها حليفاً إستراتيجياً للولايات المتحدة في المنطقة.
متاريس وعقبات
وأبرزت الصحيفة عدداً من التحديات من شأنها تأخير انجاز ملف رفع اسم البلاد عن قائمة الإرهاب، ورفضت وزارة الخارجية قول ما إذا كانت التسوية خطوة أخيرة لإزالة السودان عن قائمة الإرهاب، في وقت بدأ فيه المسؤولون الأمريكيون بالتعبير عن الإحباط من بطء وتيرة الإصلاحات بما في ذلك التأخير في تشكيل البرلمان وتعيين الحكام المدنيين، وقالت “بالرغم من أن إرث نظام البشير يتجاوز دعمه للقاعدة لإرتكاب فظائع في دارفور دفعت المحكمة الجنائية الدولية إلى إتهامه بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية فإن الحكومة الانتقالية السودانية لم تحدد موقفاً واضحاً تجاه تسليمه للمحكمة بالرغم من موافقتها على ذلك فبراير الماضي”.