وزير الثروة الحيوانية د. علم الدين عبد الله في حوار مع “الصيحة”
يتحدث وزير الثروة الحيوانية، د. علم الدين عبد الله أبشر، بثقة عن خطط لتطوير القطاع، بالاهتمام بالبنيات التحتية والمنتجين ومربي الماشية، وقال إنه مدرك لحجم التضحيات التي قدمتها الثورة، لذا “لا بد أن يكون الجميع على قدر تطلعات الشعب السوداني، وأكد علم الدين أن هيئة الدواء والغذاء السعودية أجازت مسلخ الكدرو الحديث لتصدير اللحوم للأسواق السعودية لأول مرة، ودعا القطاع الخاص لالتقاط زمام المبادرة بمشروعات إنتاجية في قطاع الثروة الحيوانية، وأكد أهمية توفير الخدمات للرعاة ومربي الماشية بمناطقهم، وتحدث عن خطة تفصيلية للتطوير تشمل كافة محاور القطاع.. وغير ذلك من إفادات تجدونها في هذا الحوار
حوار: جمعة عبد الله
*بدءاً كيف ترى وزارة الثروة الحيوانية بعد 6 اشهر من تعيينك؟
جئنا لهذه الوزارة عبر ثورة عظيمة، ولا بد أن نكون على قدر تطلعات الشعب السوداني، وندرك تمامًا حجم التضحيات التي قُدمت كمهر لهذا التغيير من كافة مكونات الشعب وخاصة “الكنداكات والشباب” فهم أساس هذه الثورة وأهلها.
وحقيقة عندما أتينا إلى الوزارة جئنا بفلسفة وخطط عديدة لمعالجة مشكلات قطاع الثروة الحيوانية، وهي مشكلات متشابكة ومنها أن المنتجين الحقيقيين وأصحاب الثروة يعيشون في ظروف سيئة وبيئة غير مساعدة على الإنتاج ولا يتناسب مع واقع حياتهم مع حجم ما يملكون من ثروة، حيث تنعدم في كثير من مناطق الغنتاج الرعوي خدمات الماء والكهرباء، وكذلك خدمات الصحة والتعليم، ومعالجة هذه المشكلات هو المدخل لرفع حجم الصادر بكفاءة عالية.
*ما الذي قمتم به بعد التعيين حتى الآن؟
عندما جئت للوزارة للمرة الأولى، وجدت الصادر متوقفاً وكل البنيات التحتية منهارة، وكان همنا الأول بعد تسلم مسؤولية الوزارة أن نقوم بإرجاع الصادر للأسواق الخارجية، وإرجاع الصادر يبدأ بمكافحة المرض نفسه الذي تسبب في توقفه وخلال فترة وجيزة وتحديدًا في مطلع شهر يناير تمكنا من جعل السودان خال تماماً من المرض، مما أتاح لنا استئناف الصادر.
*وماذا تم بعد ذلك؟
بعد ذلك فكرنا في كيفية إرجاع الصادر، في هذا الجانب قمنا أولاً بزيارة إلى المملكة العربية السعودية ولكن لم نتوفق في البداية وبعدها قمنا بإرسال خطاب إلى السلطات المصرية تفيد بسلامة الماشية السودانية وخلوها من الأمراض، وتم على إثرها رجوع الصادر إلى الأسواق المصرية كما تم إرجاع الصادر لكل الأسواق التي كنا نصدر لها بما فيها المملكة العربية السعودية، لأنهم وضعوا اشتراطات معينة وخلال هذا الشهر عاد صادر الماشية الحية إلى السعودية بعد استيفاء كامل الاشتراطات المطلوبة، وبعدها بدأنا إجراءات الحجر البيطري للماشية تمهيداً للتصدير، لتلحق بالشحنات التي تم تصديرها سابقاً خلال الشهرين الماضيين.
*كم بلغ حجم الصادر خلال هذه الفترة؟
جملة صادر اللحوم حتى مارس يتجاوز 68.802 طن منها 19 ألف طن لحوم إلى مصر، كما صدرنا 20 ألف رأس من الضأن إلى سلطنة عمان على دفعتين، وأكثر من 18 ألف رأس من الماعز، و4.800 رأس من الأبقار، كما تم في نهاية مارس المنصرم استئناف الصادر للسعودية.
وهذه الأرقام إحصائية لشهرين فقط، وكان من الممكن أن تكون أكبر بكثير من ذلك، ولكن بسبب ما حدث في بداية شهر يناير الماضي بظهور بؤر لحمى الوادي المتصدع تأثر الصادر سلباً.
أما بالنسبة للحوم فلدينا بعض المسالخ مواكبة ومتطورة ومطابقة للاشتراطات العالمية المطلوبة، واليوم لدينا أكثر من 5 مسالخ منها مسلخان في الكدرو ومسلخ جمكو وهناك مسالخ ستأتي في الأيام المقبلة بمواصفات عالمية ونصدر عبرها لمعظم دول الخليج.
ومع ذلك نقول إننا بحاجة لأن تكون بنياتنا التحتية من المسالخ والمحاجر البيطرية وحتى الماشية نفسها مواكبة للاشتراطات العالمية في مجال إنتاج اللحوم والصادر حتى نتمكن من فتح أسواق جديدة، لأن المزارع الحالية عليها بعض الملاحظات البسيطة وهي مقدور عليها وخطة الفترة المقبلة التي نعمل على تنفيذها هي مراعاة المواصفات القياسية العالمية وأن ننتج لحوماً بجودة عالية يمكن أن تصدر لأي مكان، وقد نجحنا في ذلك بحصول مسلخ الكدرو الحديث على اعتماد هيئة الدواء والغذاء السعودية لتصدير اللحوم للأسواق السعودية لأول مرة.
*ماهي الخطط التي تسعون لتطبيقها؟
من الخطط التي نعمل عليها أولاً ينبغي أن يتم إجراء التعداد الحيواني حتى نستطع التعرف على حجم الماشية الموجود لدينا ونعرف أعدادها بالنفصيل لكل نوع، وهذا سيساعدنا في اتخاذ القرارات، بالإضافة إلى تأهيل البنيات التحتية التي كانت مدمرة وفي وضع مُتدنٍّ خاصة المسالخ والمحاجر البيطرية بكل المواقع ومناطق التصدير وكذلك الاهتمام بالعنصر البشري لأنه أساس التطوير عبر التدريب والتأهيل ورفع قدرات العاملين، وكذلك من الخطط المهمة السعي لتغيير نمط تربية الماشية وما يعرف بالنظام التقليدي القديم وتطويره.
*وماذا عن بقية مقومات القطاع غير الماشية؟
حقيقة مقومات قطاع الثروة الحيوانية لا تقتصر فقط على الماشية واللحوم، بل تشمل كذلك الدواجن ومنتجاتها والأسماك، وإذا عدنا للعقدين الماضيين سنجد أن السودان كان ينتج كميات كبيرة من الأسماك، ولكن الإنتاج تراجع الآن رغم أن لدينا كميات هائلة من الأسماك في البحر الأحمر والنيل وجبل الأولياء ووادي حلفا والبحيرات.
أما بالنسبة لقطاع الدواجن فهو مهم أيضًا، وحسب المقومات الموجودة يعتبر السودان مؤهلاً تماماً لإنتاج وفير من الدواجن وبأسعار أفضل تغطي حاجة السوق المحلي وتتعداها للتصدير، شريطة تطبيق خطة تطوير تشمل كافة محاور الإنتاج بالبحوث والدراسات العلمية والإرشاد البيطري وتجهيز مزارع على أعلى مستوى من التجهيزات الفنية، وهذا الأمر يتطلب اجتهاد القطاع الخاص للدخول في مشاريع إنتاجية كبيرة ومتوسطة باعتبار أهمية المجال وجدواه الاقتصادية.
*ولكن من أين التمويل لكل هذه المشاريع؟
صحيح كل الخطط تتطلب التمويل، وهذا ما نسعى إليه عن طريق المنظمات العالمية مثل الإيفاد والفاو وغيرها، ولكن لا نحدد فترة زمنية محددة لاستكماله، وكما أسلفت يمكن للقطاع الخاص استلام زمام المبادرة، ونحن نشجع الاستثمار الوطني في تنمية موارد القطاع، كما نسعى لاستقطاب مستثمرين محليين وأجانب للدخول في مشروعات إنتاجية بقطاع الثروة الحيوانية، وهو قطاع عريض وبه سوق واعد ومُجزٍ إقتصادياً بقليل من التشجيع والسياسات الداعمة ستنجح الفكرة وتعود بالنفع على المستثمر والمواطن والبلاد ككل.
*إلى ماذا تعزو ارتفاع أسعار اللحوم بالبلاد رغم وجود المقومات؟
ارتفاع اسعار اللحوم ومنتجات الدواجن بالسوق المحلي يرجع للوضع الاقتصادي العام الذي تمر به البلاد، ولذلك لا بد من المعالجة التي تبدأ أولاً بتعافي العملة المحلية واستقرار سعر الصرف عبر خطط عامة منها تقليل الواردات وترشيدها لأدنى حد ممكن حسب الأهمية والحاجة الفعلية ثم رفع حجم الصادر لكل القطاعات الإنتاجية وبذلك يمكن أن ننجح في الحد من ارتفاع الأسعار وتوفير المنتج للمستهلك بأسعار مناسبة، وبلادنا دولة كبيرة جدًا وغنية بالموارد والمقومات ولا بد من الاستفادة منها.
*ولكن هناك شكاوى من بطء إيقاع الحكومة في المعالجات؟
الحكومة لديها عدة أولويات تبدأ بإحلال السلام وأولويات أخرى مهمة منها تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي عامة والمحافظة على استقرار البلاد وعقد مؤتمر دستوري.
وحقيقة إيقاع الحكومة بطيء نسبياً، ولا ننكر ذلك ولكن عند النظر لحجم المشكلات الموروثة من النظام السابق وتشابكها سنجد أن الأمر يتطلب وقتاً للإصلاح الذي بطبيعته يكون متدرجًا وهو ما يحتاج القليل من الصبر لأن الإصلاح لا يتم سريعاً، وهو عكس الهدم الذي يتم في لحظة لكن إعادة بناء ما تهدم يحتاج فترة أطول.
والرسالة التي ينبغي علينا جميعاً أن ندركها لبلوغ الغايات هي ضرورة أن نجعل الوطن أولاً ونعمل بجد وصدق على استنهاضه ومحاربة الفساد فهو تركة النظام السابق والاستمرار في العمل وزيادة الإنتاج لزيادة الصادر، وكل الغايات التي تشكل طموحات المواطنين ليست مستحيلة، ويمكن بلوغها حيث أن الحل بيدنا، لكنه يحتاج لتضافر كافة الجهود الرسمية والشعبية والتضامن فيما بينها.
*وهل سيتم تعديل السياسات الحاكمة لقطاع الثروة الحيوانية؟
السياسات موضوع مركزي تشارك فيه عدة جهات، وهو قرار الحكومة ككل ولا تتخذه الوزارة بمفردها، صحيح هنالك كثير من السياسات بحاجة لتعديل ليس فقط في قطاع الثروة الحيوانية بل في كل المجالات، وحتى تجربة الحكم اللا مركزي التي لم تطبق كما ينبغي وصاحبتها اختلالات كبيرة، ولكن بعد المؤتمر الدستوري يتم التشاور بين جميع مكونات البلاد وحتى المواطنين وبعد ذلك يمكن تحديد خيارات الشعب السوداني وتنفيذها.
*ما خطتكم تجاه كوادر القطاع؟
من ضمن خطتنا هناك محاور تتعلق بالهيكل الوظيفي لكوادر الوزارة، ونكرر لا بد من التأهيل والتدريب ووضع إستراتيجية لنظام تقني حديث بدلاً عن النظام القديم وتوفير التعليم والصحة والإرشاد البيطري للمنتجين والرعاة ومربي الماشية في مناطقهم للمساهمة في الإستقرار الذي يساعد بدوره على رفع كفاءة الإنتاج كمًا ونوعاً، مع تشجيع تكوين جمعيات المنتجين لأن الجميعات التعاونية هي التي تقوم بالعمل ومد منتجي الجمعيات بكافة المقومات خاصة الإرشاد البيطري ومكافحكة الآفات والأمراض وإدخال التقانات الحديثة المساعدة على تطوير الإنتاج.