تقرير: أنس عبد الرحمن
عام مضى على سقوط النظام السابق وتأتي ذكراه والبلاد في ظروف استثنائية لمواجهة مخاطر (فيروس كورونا) المستجد، الذي وقف حجر عثرة أمام أهل القضارف للاحتفال بالذكرى الأولى للحادي عشر من أبريل، وتتناهى للذاكرة تضحيات أبناء الولاية التي أشعلت شرارة ثورة ديسمبر في بواكيرها، وقدمت على إثر الحراك الذي أدى لسقوط النظام السابق فيما بعد اثني عشر شهيداً من أحياء متفرقة (الجنائن، الناظر، أكتوبر شرق وشمال، الصوفي الأزرق العباسية، بادوبة وقرية غبيشة).
وعشية الإطاحة بالنظام السابق وكغيرها من ولايات البلاد شهدت القضارف خروجاً عفوياً لجموع المواطنين الهادرة من كل حدب وصوب متجهة نحو الشوارع والميادين التي شهدت الكر والفر إبان الثورة وساحات أخذت شهرتها من خلال انطلاقة مواكب الاحتجاجات وبروز نوع خاص من فن الجداريات للتشكيليين الشباب تحمل صورا لوقود الثورة وتسمية بعض شوارع الأحياء بأسماء الشهداء وغيرها من مظاهر نتجت عن تفاعل الشارع بسقوط النظام.
ولم تقف فرحة الشباب عند هذا الحد، فكانت هتافاتهم تجوب شوارع بعينها انطلاقاً من شارع المستشفى من أمام استوب المشرحة المؤدي (لاستوب بنك السودان)، وهو الشارع المؤدي شرقاً إلى حي الجنائن، واحد من أشهر الشوارع التي شهدت توافد المسيرات والاحتجاجات انطلاقاً من منزل الشهيد مهند بالجنائن مروراً بوسط السوق لتنفيذ المخاطبات بالاستوب وترديد هتافات وشعارات الثورة والمطالبة (بالحرية والسلام والعدالة) كمطلب وحق اتفقت عليه جميع المواكب بمختلف ولايات السودان، فردد حتى الأطفال تلك الشعارات وتحركت مسيرات مماثلة من أمام منزل الشهيد أبو ذر أسامة بالصوفي الأزرق مروراً بمنزل الأستاذ عطا حسين القيادي بحزب الأمة والمعتقل حينها وتحرك الموكب صوب السوق العمومي مروراً بديم بكر ومواكب أخرى شهدتها أحياء العباسية وبادوبة وحي الناظر وقرية (غبيشة) إحدى قرى محلية وسط القضارف التي قدمت النور عبد الغني كل تلك المواكب في مقدمتها أسر الشهداء التقت بالسوق العمومي أمام استوب بنك السودان.
عام مضى على مشاهد الشارع والجموع الهادرة المنطلقة من أمام بوابات منازل الشهداء والمعتقلين السياسيين وفرحة تلاقحت بين هتافات الأحياء لتسيير جولات داخل سوق القضارف العمومي لتنفيذ تجمعات وهتافات أمام مكتبة النضهة، توجت بلقاء جامع وكبير دعت إليه عبر التنسيقيات والتجمعات المهنية بمسرح القضارف احتفالًا بسقوط النظام، وخاطب شقيق المعلم الشهيد أحمد الخير إنابة عن أسر الشهداء بمسرح القضارف، ومواكب أخرى اتجهت نحو مقر جهاز الأمن والمخابرات بالولاية وسط حماية من الجيش وفرحة عارمة عمت أرجاء القضارف التي خرجت ذلك اليوم عن بكرة أبيها ورغم بلوغها السنة الأولى من عمرها، إلا أن كثيراً من قيادات قوى الحرية والتغيير بالقضارف ما زالوا يرون أن الثورة مستمرة وأن كثيرا من مطالب الثورة لم تتحقق في ولاية ظل الشارع العام يحلم فيها بالحرية والعدالة والسلام وحياة كريمة لإنسانها وإزالة كل أشكال المعاناة وغلاء المعيشة التي حاصرت الكثير من الأسر المتعففة واتهامات صريحة بعدم إزالة التمكين في بعض مؤسسات الولاية الأمر الذي أدى لخروج معظم المؤسسات بوقفات احتجاجية ومطلبية منادية بتصحيح مسار الثورة التي رويت بدماء أبناء الوطن.