تأخّر بيان ابن عوف أربك الداخل والخارج!!
من دفاتر الذكرى الأولى
تقرير: نجدة بشارة
الحادي عشر من أبريل .. يوم ليس للنسيان ليذكر.. وإنما يستحق أن يعاش ليحكى…! في مثل هذا اليوم قبل عام استيقظ الشعب السوداني بجميع أطيافه والوانه السياسية، صغاره وكباره … شيبه وشبابه ..على موعد مع فرح الوطن.. كان صوت المارشات العسكريى ينطلق من كل بيت، من الأحياء والأزقة والطرقات.. والناس ترقص في جنون أن سقطت .. سقطت، خرجت الجموع تتقاطر من كل فج عميق إلى الشوارع .. قاصدين القيادة العامة التي شهدت مراسم العرس الكبير .. تقاطر الناس إليها راجلين أو راكبين، كان الكل يصرخ في فرح طفولي أن هيا إلى الحرية .. هيا إلى الوطن، يتقالدون في الطرقات الشمالي مع الشرقي .. مع الغربي، والغريب مع القريب .. بلا استثناء، اختلطت هناك الدموع بالزغاريد.. والمزامير كان الكل يغني لعازة فقط.
سقف التوقعات
وسط هذه الإرهاصات كان سقف التوقعات يعلو ويهبط .. من سيذيع البيان ويستحق أن يكون رجل السودان القادم؟ والساعات تمضي ببطء والكل يترقب البيان الذي سيقطع قول كل خطيب… والمارشات تتوقف بين الفينة والأخرى ليعلن: ترقبوا البيان بعد قليل.. سيذاع البيان بعد قليل .. وبينما يمضي الوقت ازدادت تساؤلات جموع الثائرين وانشغلت الأذهان بالأسباب لماذا؟.. وربما؟ وهل ؟.. والحقيقة الوحيدة والمجيب هو صوت المارشات.
تأخر البيان
كانت الإجابة على هذا السؤال كمن يبحث عن أبرة في كومة قش، مضت ست ساعات كاملة بين الترقب وانتظار البيان، والارض تغطت بالفرح …وهناك انطلق المحللون يتبارون في الوصول إلى الأسباب ليكونوا سباقين إلى حل اللغز .. رجل الثورة القادم على حصان طروادة، في الأثناء ﺫﻛﺮﺕ ﺑﻌﺾ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺧﻼﻓﺎت ﺗﺪﻭﺭ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﺧﻠﻔﺎً ﻟﻠﺒﺸﻴﺮ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺫﻫﺒﺖ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺇﻋﻼﻣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻠﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻧﻘﻼﺑﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﺧﺮ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻼﻓﺖ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺗﺰﺍﻣﻨﺖ ﻣﻊ ﺳﻤﺎﻉ ﺩﻭﻱ ﺇﻃﻼﻕ ﻧﺎﺭ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﻘﺮ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺘﻀﺢ ﺃﺳﺒﺎﺑﻪ.
مخاوف
وفسر عضو المجلس السيادي الفريق ركن ياسر العطا في إفادات سابقة تأخر إذاعة البيان بأن الفريق ابن عوف لديه انتماؤه الذي لا يخفيه للرئيس المعزول، وكان يظن أن إذاعته للبيان بمثابة تمرد على القائد الأعلى، وهذا بدوره سيوحي لبعض الضباط من الرتب الأقل بالتمرد عليه، وأردف: لا تعرفون طبيعة المؤسسة العسكرية … هي ذات قوانين ونظم … لذلك فإن تردد ابن عوف جعله لا يتعاطى مع الحدث بالصورة المطلوبة.. وهذا ما جعل إذاعة البيان تتأخر، وأشار العطا: توقعنا رفض الشارع لابن عوف .. لكن اتبعنا بعض الإجراءات والقرارات السريعة في اتخاذ القرارات في البيان الأول والثاني.
اضطراب اللجنة
وذهب عضو تجمع المهنيين إبراهيم حسب الله في ذات الاتجاه وفسر تأخير إذاعة البيان إلى اضطراب حدث داخل اللجنة الأمنية التي لم تستطع حسم موقفها من الشخص المناسب لإذاعة البيان، وقال (للصيحة) إن اللجنة الأمنية ربما كانوا مجبرين على استلام القيادة .. لأنهم جزء من القيادة التي أسقطت، وكانوا يبحثون عن مخرج من المطب والانقلاب، وراء ﺃﻥ ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ، ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ جس نبض الشارع وردة فعله ﻗﺒﻮﻝ ﻋﻮﺽ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ، ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻵﻻﻑ ﺧﺮﺟﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ في ذلك التوقيت ﻭﻳﻌﺘﺒﺮ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﺳﻢ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ ﻛﻤﺮﺷﺢ ﺑﺪﻳﻞ ﻟﻠﺒﺸﻴﺮ ﻫﻮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺍﻧﻘﻼﺏ ﻗﺼﺮ، ﻷﻧﻪ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ . ﻭﺣﺴﺐ ﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺒﻴﻦ ﻓﺈﻥ ﺗﻮﻟي ﻋﻮﺽ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ ﺳﻴﻮﺍﺟَﻪ ﺑﺮﻓﺾ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺪﺩﺕ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﺑﺘﺴﻠﻴﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺭﻣﻮﺯ النظام السابق.
خلافات
وأكد مصدر لـ(الصيحة) أن ﺗﺄﺧﺮ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺳﺒﺒﻪ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎت حدثت داخل ﻫﻴﺌﺔ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺑﺸﺄﻥ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻭﺃﻋﻀﺎﺋﻪ . وأشار ﺍﻟﻤﺼدر ﺇﻟﻰ أن ﺭﺋﻴﺲ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺒﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ رفض ﺃﻥ ﻳﻀﻢ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ ﺃﻭ ﺭﺋﻴﺲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﺃﻭﻝ ﺭﻛﻦ ﻛﻤﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ .وأشار المصدر الى ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻧﻘﻼﺏ ﻗﺎﺩﻫﺎ ضباط ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻮﺳﻴﻄﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻴﺶ، ﻟﻺﻃﺎﺣﺔ ﺑﺮﺃﺱ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺭﺻﺪﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻭﺃﻭﻗﻔﺘﻬﺎ، ﻭﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺣﻞ ﻹﻧﻬﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺯﻣﺔ . وقال إﻥ ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﺑﻦ ﻋﻮﻑ ﺗﺤﺮﻛﺖ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺣﺴﻢ ﺍﻟﻘﺼﺔ، ﻭﻭﺿﻊ ﺣﺪ ﻟﻸﺯﻣﺔ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻘﻠﺐ ﺍﻟﻄﺎﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺗﻢ ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻠﻦ متاخرًا. ﻓﺎﻟﺨﻄﻮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﻄﻂ ﻟﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻮﺳﻴﻄﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻓﺸﻠﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ، ﻗﺒﻞ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺗﺤﺴﻢ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﻓﻲ ﻏﻀﻮﻥ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻗﻠﻴﻠﺔ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ، ﻭﺍﻟﺤﺴﻢ ﺿﺪ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻤﻠﻤﻞ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ .
الوجود الإقليمي
وأكد ابراهيم حسب الله ﻭﻗﻮﻑ ﻗﻮﻯ ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺭﺍﺀ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻻﻧﻘﻼب الأولى، ﻭﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﻨﺴﻮﺏ ﻟﻘﺎﺋﺪ ﻋﺴﻜﺮﻱ ﺳﻮﺩﺍﻧﻲ ﻳﺪﻋﻰ ﻋﻼﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻲ ﻋﺰﻝ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﻭﺃﻋﻠﻦ ﻋﻦ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻲ . ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﺤﺔ، ﻓﻲ ﻇﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻀﺒﺎﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻘﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ خلال الفترة التي تلت إعلان سقوط النظام ، ﻭﺃﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺣﺴﻢ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﻤﻦ ﺑﻘﺎﺀ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ، ﻭﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺇﺭﺿﺎﺀ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ، ﻭﺃﻥ ﻫﺪﻓﻬﻢ ﻗﺪ ﺗﺤﻘﻖ ﻓﻲ ﺍﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﺒﺸﻴﺮ .ﻭﻟﻌﻞ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛُﺘﺐ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ.