يوم مرضتُ فحصتُ دمك
أتاني بليلٍ ضياء القريض
وليل القريض حوار الصدى
فجئتُ ندياً لصدرك
صدرك زند الورود الصغيرة
وزند الورود الصغيرة
لا يستجيب لغير الندى
بغتٌ فاجأتني القصائدُ
والسلسبيل رحيقك شفّ
دموع القصائد سالت
بوزن خفيفٍ وشوقٍ مقفى
فعرفتُ الذي كنهه يستديم على الدرب
حين تشقق قلبي عرق
إنّه الشعر خطُ تواصل
منذ ابتداءِ الغشاوة
حتى عناق الأرق
الشعر ليس سواه الذي قادني
لمقتتلٍ
سمعت عيوني تحدّق فيك
رأتك جهاراً نهاراً
في صدر كل البنادق
تتّجهين يساراً
بكيتُ
بكيتُ لماضٍ جراحي فيه
بكيتُ نعتني الشوارع للناس
ثُمّ شكتني المَزارع للفأس
ثُمّ احتوتني الفراغاتُ
وامتلأت بوجودي
وسافرت… عدت
وعدت لكن من جديد أرتّب سفري
علّمتني المشاوير سرَ النساء
وخيرَ الكلام البذيء
بلا دعوة مُستجابة
درِّسيني أصول التفقُّه فيك
علِّميني القراءة قبل الكتابة
ثُمّ دعينا على خارج الزمن المُتشتِّت بين قميصي وثوبك
يكون اللقاء
هل أتاك حديثُ المواويل
صوتُ يُصفِّق حين يضيع النداء؟
إنّه يعتريني
لأنّ الأحاديث جفت بحلقي
فلا تأخذيني إلى الموت جهراً
وتقترحين البكاء!
لا سبيل سَوى للخَيَال عويلُ
ولون عُيُونك ألف صهيل
جائعاً جئتها
طامعاً
(حافياً حالقاً)
مُستحيل
توحّدت فيك
فحين مشيتُ
مشيتُ على مقدمك
وحين أكلتُ
لمستُ فمك
ويوم مرضتُ
فحصتُ دمك!!!
فَافحصيني
القصائد تبكي
وأبكي لماضٍ جراحي فيه
علّمتني المشاوير
سرَ النساء
وخيرَ الكلام البذئ
بلا دعوة مُستجابة
درِّسيني أصول التفقُّه فيك
علِّميني القراءة
قبل الكتابة!
حاشية:-
كتبت هذه القصيده عام 84 تحت ظل شجرة بالكلاكلة القُبّة قبالة النيل الأبيض ذلك النهر الحكيم الذي يحتفظ دائماً بالرّزانة والكَيَاسَة ولا يهيج إلا نادراً، أعيد نشرها لأنّ الشجرة الآن في عَدّاد الموتى، فالنهر رغم كياسته وطباعه الموصوفة بالحكمة، هاج ذات فيضانٍ وابتلع الشجرة، وحين تراجع كانت جُذُورها قد انفصلت عن الأرض فمَاتت عن طريق (الاقتلاع من الجُذُور) فَفَقَدَ شعري وهجاً كان يستمده من تلك الشجرة!!
من إرشيف الكاتب