نازحو معسكر (وادي مرة) بتشاد (حكوا) لـ (الصيحة) مأساتهم
وطالبوا الجهات المسؤولة بدعم الغذاء والدواء
تشاد: النذير دفع الله
معسكر (وادي مرة) والذي تم إنشاةه جراء ما شهدته ولاية غرب دارفور ومدينة الجنينة كآخر مأساة وكارثة قبل أن يحل علينا وباء (كوفيد19) أو ما يعرف بوباء (كورونا) الجديد كآخر مأساة وبلاء يصيب العالم، حيث قام برنامج الغذاء العالمي بتشييد المعسكر على الشريط الجنوب الشرقي لدولة تشاد والذي يبعد أكثر من 200كيلو متر عن الحدود السودانية ويضم أكثر من 4000 لاجئ، وهو أحدث معسكر للاجئين بتشاد، حيث قامت حركة جيش وتحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي خلال زيارتها لمعسكرات اللاجئين بتشاد بالوقوف على أوضاع اللاجئين السودانيين بالمعسكر مواساة لهم وتفقدًا لأوضاعهم وحالتهم الإنسانية.
(الصيحة) وهي أول صحيفة تدخل المعسكر بعد إنشائه، ووقفت على أوضاع اللاجئين ..
محنة أم
وجدناها تجلس أمام تلك الغرفة الصغيرة يغطي جانبيها ذلك (المشمع) ذو اللون الأبيض والمعروف بمفوضية اللاجئين وتعلوها على مقربة ألواح (الزنك) الحديدي والذي بلغت درجة حرارته حسب الهاتف الذكي أكثر من 40 درجة وهي تحمل رضيعها الصغير وحواليها يجلس بقية أطفالها الذين لم يتجاوز أكبرهم السابعة من العمر، جلست إليها وهي تحاول إسكات رضيعها الذي علا صوته المكان إذ يبدو أنه يعاني من ألم ما سألتها مم يشكو، فقالت إنه يعاني ضيق التنفس منذ يومين، فلا أطباء ولا دواء بالمعسكر، سيما وأن المعسكر تحت التشييد وأكدت (للصيحة) أنها تمر بمعاناة حقيقية ولكنها مهما كانت أفضل مما عاشته في دارفور جراء الأحداث التي شهدتها مدينة الجنينة مؤخراً.
مأساة لاجئة
لم تجد تلك المرأة الستينية أي وسيلة غير الوقوف أمام السيارة في محاولة منها للفت الأنظار وهي تضع يديها فوق رأسها وهي تقول: هل يمكنكم مساعدتي من أجل إيجاد بقية أطفالي الذي تركتهم خلفي، فقط أريد أن أعرف أين هم، فمنذ أن جئنا إلى هذا المكان لا خبر عنهم ولا أثر، فأنا هنا ومعي بعض الصغار الذين تسنى لي حملهم والخروج بهم من تلك الكارثة والأزمة وتركت إخوانهم خلفي، لم تدركنا الذاكرة ولا الموقف من سؤالها عن اسمها الذي لا يعني شيئاً بالنسبة لمأساتها إن كنا نبحث عن الخبر أو القصة الصحفية، فهنا تظهر الأخلاق والإنسانية وتتكسر قواعد المهنة ومتطلباتها، لم نجد غير أن نجمعها بالمسؤولين من المعسكر من بعثة الغذاء العالمي علها تجد ضالتها ويلتئم شمل أسرتها وأبنائها.
عودة المشهد
ما حدث أعاد للمشهد والذاكرة مأساة دارفور في العام 2013 من قتل وتشريد وحرق ودمار للقرى والمناطق، فهي ذات الأحداث تتكرر بطريقة مختلفة، حيث لا زال الاستهداف قائماً فلا يعقل وبعد سقوط النظام الذي كان يقوم بكل هذه الأفعال أن يحدث ما حدث في الجنينة، عليه فإننا نؤكد بأن الانتهاكات لا زالت قائمة ضد المواطنيين، ففي الوقت الذي ينشد فيه المواطنون الدارفوريون من نازحين ولاجئين العودة لمناطقهم تكون ذات الأحداث التي أدت لنزوحهم ولجوئهم قائمة ما يؤكد عدم الأمن والأمان الذي هو أساس العودة، وهو ما قاله (للصيحة) شيخ معسكر وادي مرة محمد أحمد محمد، القادم من منطقة (مليبيدة) بمحلية بيضة، مضيفاً: إن ما حدث في الجنينة من اشتباكات بين الأهالي خلف جملة من الكوارث والأزمات وأدت للجوء ألى دولة تشاد، وأوضح محمد: برغم المعاناة وترك الديار والمال إلا أن اللجوء ظل هو الخيار الأفضل لما شاهدناه من دمار واستهداف وغبن من تلك الأحداث، وكشف محمد عن عدد من الحالات المأساوية التي صاحبت رحلة عبور الحدود الى تشاد حيث لم يسلم من تلك المعاناة النساء الحوامل والأطفال، موضحًا أن سبعاً من النساء تعرضن للإجهاض وموت مواليدهن جراء عدم الرعاية والتغذية والإرهاق، وقال إنه طيلة 27يوماً لم نذق خلالها الطعام والتي قضيناها تحت رقابة القوات التشادية حتى يسمح لنا بعبور الحدود، معرباً أن الأطفال قطعوا أكثر من 200كيلو متر بالدواب و(الكارو)، مبيناً أن الحكومة أثناء مرحلة التوترات قامت بسحب أفراد القوة من المنطقة، مما زاد جملة الخسائر البشرية والمادية، حيث أحرقت القرى خاصة منطقة (نوجورو)، مما أجبرنا على الفرار وعبور الحدود التشادية والوصول إلى معسكر (وادي مرة)، موضحاً أن بعض الأسر انقسمت وتفرق أفرادها ولا زال البعض مكانهم غير معروف، وقال محمد إن ترتيب الأوضاع في المعسكر لم يكتمل بعد، لذلك نعاني قليلاً في عملية الغذاء، مطالباً الحكومة السودانية والمنظمات وجهات الاختصاص والحكومة التشادية بالدعم وتوفير الغذاء والدواء، سيما وأن فصل الخريف على الأبواب حيث الأمراض والمعاناة الحقيقية.
جهود المنظمات
جهود حثيثة يقوم بها برنامج الغذاء العالمي بالمعسكر من إقامة النزل وتوفير المياه والغذاء، ولكنها ليست بالكافية إذ كلما سدت المنظمة ثغرة ظهرت أختها أو أكبر منها جراء اللجوء، وهو ما أكده حسان أحمد مسؤول برنامج الغذاء العالمي بمعسكر وادي مرة (للصيحة)، أن اللاجئين القادمين من ولاية غرب دارفور بالجنينة عانوا كثيراً قبل ترحيلهم من الحدود السودانية ـ التشادية خاصة الأطفال والنساء وكبار السن مضيفاً أن عدد القادمين من غرب دارفور أكثر من 7500 لاجئ، تم ترحيل 4000 منهم، وظل البقية عالقين على الحدود لحين توفيق أوضاعهم ومن ثم ترحيلهم للمعسكر.
وكشف حسان عن بعض الحالات الإنسانية الحرجة التي تحتاج لرعاية خاصة سيما النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، مؤكداً بأن المنظمة قد أكملت إجراءت اللاجئين، ومن ثم رفعها للإدارة بغرض انسياب الغذاء والدواء، مشيراً إلى دعمهم مما تبقى بالمخازن لحين توفيق الإوضاع الإدارية وكشوفات التسجيل، مبيناً أن المنظمة تسعى بكل إمكاناتها لتهيئة البيئة السليمة لأولئك اللاجئين حتى تتسنى ممارسة حياتهم بصورة تحفظ لهم الكرامة والإنسانية، وهو ما يحتاج لتكاتف جميع الجهات ذات الصلة مع الجهات المختصة.