تقرير- صلاح مختار
كَانَ المُؤمل لمُواجهة جائحة (كورونا) أن تجمع كل القوى السِّياسيَّة والأحزاب والتّيّارات على مُختلف توجُّهاتها للوقاية من هذه الجائحة، لأنّها لا تُفرِّق بين حَاكمٍ أو مُعارضٍ، فإن تفاعل الأحزاب مع الأزمة تُؤكِّد على تواجدها وسط القواعد التي تمثلها في الشارع وبالتالي اختفائها في هذا الظرف، وترك الأمر على الحكومة لمُواجهته يفرض عليها الإيجابية على كثير من الأسئلة المُتعلِّقة بقُدرتها على حماية قواعدها وتفاعُلهم مع برامج الحزب، ورغم أن الانتخابات لعبة تختلف عن بقية الأدوار، فإن مقياس الحزب على الشارع يُقاس بقدرتها على تفعيل قاعدته متى ما طلب منها. ولذلك (جائحة) كورونا تفسير على موقف الأحزاب وأدوارها تجاه إدارة الأزمة.
غياب القائد
وعبّر القيادي بالحزب الاتحادي معاوية إبراهيم، عن أسفه لحال كل الأحزاب، وخص بذلك الحزب الاتحادي الديمقراطي حيث قال لـ(الصيحة): وصلنا لمرحلة نتمنى من الحزب أن يعود رئيس الحزب من غربته، وأضاف: نحن في الحزب الاتحادي الديمقراطي لم نكن مثلما كنا من قبل الإنقاذ، وقال: بصراحة ليست هنالك قيادات تستطيع اتخاذ قرارات في مثل هذه الأزمة، ورأي أنه من الضروري أن تتفاعل كل القوى السياسية والأحزاب مع الذي يحدث في البلد بقوة، وبالتالي غيابها للأسباب التي ذكرتها والتي تتمثل وجود أزمة القيادة، وأضاف: لو كانت هنالك قيادات ما كنا في الحزب الاتحادي الديمقراطي أو القوى السياسية جميعها أن نصل إلى هذه المرحلة، ودعا معاوية إلى إعانة الوطن وإبعاد هذا الداء، بيد أنه قال ليس هنالك رجاء من القوى السياسية، ليس من الحزب الاتحادي الديمقراطي، ولكن من كل الأحزاب الموجودة في الساحة السياسية وذلك ليس تتشاؤماً ولكنها حقيقة، وبالتالي الأزمة ليست متعلقة بحزبٍ مُعيّنٍ أو داخل الحزب الاتحادي، وإنما متعلقة بكل القوى السياسية.
دُون المطلوب
القيادي بالمؤتمر الشعبي د. أبو بكر عبد الرازق قال لـ(الصيحة) إن الأحزاب بطبيعة تكوينها تَطرح نفسها للسُّلطة، والسُّلطة تعني الهيمنة على شؤون الحياة والمجتمع والدولة في كل المناحي والشعاب، ولذلك ينبغي أن تكون في الأحزاب وهياكلها أمانات مُتخصِّصة في كل مجال من مجالات الحياة، وينبغي أن تكون فاعليتها في إطار التجربة الاجتماعية على مسرح التاريخ بذات القدر على المُستوى النظري. ونموذج في المؤتمر الشعبي، هنالك أمانة صحية أصدرت بياناً، ولكن اتفق معك أن كل أداء الأحزاب في هذه الجائحة دون القدر المطلوب ويكاد انفعالها ببقية الجوانب، لا سيما التي تتمثل سياسياً بشكل جلي أكثر مِمّا هي يتناسب وطبيعة المسرح الصحي, ولذلك الأحزاب مؤسسات مجتمع مدني كمشروع للسلطة بغية الولوج فيها ينبغي أن يكون دورها فعّالاً وكبيراً وبالتأكيد يكون دورها مؤثراً أكثر من دور الدولة، لجهة إذا قامت كل الأحزاب بدورها وتكاملت الأدوار تشمل جملة الشعب من المُنظِّمين عُضوية، ومن الموالين أو العامة، واذا كانت الأحزاب أو حتى الذين هم على الرصيف لا ينتمون لأيٍّ من الأحزاب ولا يشجعونها، حينها سيجدون أنفسهم محاصرين برأي عام يتناوشهم من كل صوب وحدب، بالتالي يهتمون بهذا الخطاب ويذعنون إليه ولذلك على الأحزاب أن تقوم بدورها أكثر مِمّا هو موجود الآن.
سباق السُّلطة
وناشد عبد الرازق، كل الأحزاب أن تُطوِّر دورها في الجانبين الصحي والتعليمي، لأنه الآن حركة الأحزاب، واحد من أسباب فوزها في الانتخابات هي الخدمات الاجتماعية التي ظلت تقدمها مثل إنشاء المراكز الصحية أو كفالة يتيم أو دعم الفقراء بالأموال العينية أو النقدية، ولذلك إذا كانت الأحزاب تبحث عن مُستقبل حقيقي في سباق السُّلطة ينبغي أن تتقدم في الجانب الاجتماعي على ما سواها من البرامج، وعندما نتحدّث عن الجانب الاجتماعي لا نتحدّث عن التعليم، ولا عن الفقر فقط، وإنما عن كل الجوانب حتى في جوانب العلاقات الزوجية والاستقرار الأسري وأدوارها الاجتماعية، وعلى الأحزاب يجب أن تكون لديها نظرة حياة شاملة وتتفاعل مع كل جوانبها وشعابها، ويجب أن تُعمِّق مسألة التخصُّص في إطار أجهزتها التنظيمية، وأدعوها أن تلحق بالركب وتتقدّم المسيرة، لأن تأثير الأحزاب أكثر من تأثير الحكومة، لأن الحكومة مهما الناس يتفقون أو يختلفون حولها معها أو عليها، ولكن عندما تجمع كل الأحزاب هو إجماع للرأي العام على الأقل إجماع للصفوة يتبعه بقية الشعب.
مسرح كورونا
بعض الأحزاب مثل حزب الأمة، تفاعلت أجهزتها وكوّنت من خلال مكاتبها دائرة لدرء الكوارث والتي تُعتبر شاملة لكل الأدوار، وكان رئيس الحزب الإمام الصادق المهدي قدم نداءً لعقد اجتماع لبحث استراتيجية لكيفية درء وباء كورونا، وكذلك من الأحزاب التي اهتمت بالجانب الصحي المؤتمر السوداني، حيث بدأت في أمانتها المُتخصِّصة في التفاعل مع الحدث بالتعاوُن مع الجهات ذات الصلة، ولكن رغم ذلك يرى المراقبون أن أدوار الأحزاب مُتخلِّفة فيما يتعلق بدورها على مسرح كورونا، ومُثيرة للجدل وتضع أمامها علامات استفهام..؟!