تَقرير- إيهاب محمد نصر
أزمة وكلاء البواخر مع لجنة التحقيق في مُخالفات هيئة الموانئ وسودان لاين، ظلت تتصاعد يوماً بعد يومٍ إلى أن وصلت محطة إعلان وكلاء البواخر الدخول في إضراب رسمي إذا لم تتراجع اللجنة عن قراراتها القاضية بدفع وكلاء البواخر رسوماً بالعُملة الصعبة بأثرٍ رجعي.
تسديد الفواتير
إن اتفاقاً قبل أعوام مضت، قد تم التوقيع عليه بين هيئة الموانئ البحرية ووكلاء شركات الملاحة يقضي بأن يدفع وكلاء البواخر، رسوم البواخر التي ترسو على الموانئ السودانية 80% من الرسوم بالعُملة الصعبة (اليورو)، و20% بما يعادل بالعملة المحلية، وذلك الإجراء اقتضته ظُرُوف الحصار المفروضة على البلاد في العهد السابق ومازال، مَا اضطر هيئة الموانئ بفتح حساب في بنك أبوظبي، وطلبت من وكلاء البواخر دفع رسوم الموانئ في ذلك الحساب ونتيجة لفروقات العملة، فإنّ وكلاء البواخر ومن قاعدة لا ضرر ولا ضرار، طلبوا بأن تتحمّل الموانئ جُزءاً من الخسائر التي حدثت لهم، فكان الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين الطرفين، وقد تحصّلت (الصيحة) على صورةٍ من الاتفاق بتوقيع نائب مدير عام الموانئ للشؤون المالية والإدارية آنذاك صلاح هجام ومدير وممثلي غرفة التوكيلات الملاحية برئاسة كابتن سيف الدين محمد أبو بكر، وظل هذا الاتفاق يَتَمَدّد فترة بعد أخرى حتى بعد الثورة، وبعد تشكيل الحكومة الانتقالية، إذ وافقت وكيل وزارة المالية آمنة أبكر عبد الرسول عبر خطاب تحصّلت (الصيحة) على صورة منه، حيث جاء في الخطاب المعنون إلى مدير عام هيئة الموانئ الموضوع: تسديد فواتير السفن لهيئة الموانئ البحرية، وبالإشارة إلى خطاب غرفة التوكيلات الملاحية بتاريخ ٢٥ فبراير ٢٠٢٠، نقلت فيه وكيلة وزارة المالية مُوافقة وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي على تسديد الفواتير واستحقاقات الهيئة على السفن بما كان في السابق على النحو التالي: 80% من المطلوب بالعُملة الأجنبية خلال 30 يوماً، 20% بالعملة المحلية مباشرة، على أن يتم إدخال السفن المعنية إلى الميناء إلى حين إعادة النظر في سياسة الدفع الجديدة.
أصل الأزمة
استمر هذا الوضع على ما هو عليه إلى أن كوّن النائب العام، لجنة للتحقق من مُخالفات بيع أصول سودان لاين، ومُخالفات هيئة الموانئ البحرية برئاسة وكيل نيابة البحر الأحمر الأعلى مولانا محمد عبد العظيم والذي من خلال بحث لجنته عن المُخالفات، رأت أن هذا الإجراء الذي اتّخذته هيئة الموانئ إجراءٌ خاطئٌ ومخالفٌ للقواعد المالية، ويجب على وكلاء البواخر إرجاع كل قيمة الـ20% التي كانت تُدفع بالعُملة المحلية لتدفع بالعملة الأجنبية وبأثر رجعي، حيث حرّر خطابات استدعاء لكل مديري شركات الملاحة، وطُلب منهم الدفع بالعملة الصعبة نقداً وفي حساب خاص تم فتحه ببنك السودان وإلا فتح بلاغات وإدخال الذين يرفضون السجن حسب ما ذكر لـ(الصيحة) عدد من وكلاء البواخر، بل زادوا إن رئيس اللجنة تعامل معهم بمُنتهى القسوة دون مُراعاة لأي اعتبار.
ردود الفعل:
نتيجة لهذا القرار، خاطب اتحاد وكلاء البواخر، كل الجهات المعنية وعلى قمّتها وزير النقل م. هاشم طاهر ووالي البحر الأحمر ومدير الموانئ، وقد تحصّلت (الصيحة) على نص الخطاب، حيث أعلنت فيه رسمياً التوقف عن العمل إذا لم توقف لجنة التحقيق التي كوّنها النائب العام للتحقق في مُخالفات سودان لاين والموانئ عن مُطالبة الشركات بتسديد الفواتير التي سبق سدادها بأثرٍ رجعي، وكذلك استرجاع كل المبالغ النقدية والتحويل التي تمّ استلامها تحت التهديد فوراً لأصحابها، وقال الخطاب، إنهم ولأكثر من خمسين عاماً لم يسبق لهم أن تعرّضوا لمثل هذه المعاملات، وإن طريقة الدفع التي كانت سائدة جاءت بناءً على اتفاقٍ مُبرمٍ بين هيئة الموانئ البحرية كشخصية اعتبارية، وغُرفة التوكيلات الملاحية مُمثلاً للشركات الملاحية والتي قضى بأن يتم سداد مُطالبات هيئة الموانئ البحرية بنسبة 80% باليورو خارجياً، و20% بالنقد المحلي، وان إنفاذ هذا الاتفاق طوال السنوات الماضية كان برضاء الدائن (هيئة الموانئ)، ولكنهم تفاجأوا بأنّ هناك لجنة مُكوّنة من قبل النائب العام تطالب وكلاء البواخر بسداد الـ20% المُكوِّن المحلي بأثر رجعي وبالعملة الأجنبية فوراً ونقداً وبالعدم فتح بلاغات.
تدخُّل الوزير
في اتصال هاتفي لـ(الصيحة) مع وزير النقل والبنية التحية م. هاشم طاهر، أوضح أنه قد خاطب لجنة التحقيق بخصوص ما قامت به من إجراءات، حيث أقرّ الوزير بخطأ هيئة الموانئ البحرية بقبولها طلبات الشركات الملاحية وسماحها لهم بسداد جزء من قيمة فواتيرهم 20% بالعملة الوطنية بما يعادل سعر الصرف الرسمي المحدد من بنك السودان المركزي، وكان يجب إن كان هناك ما يقتضي هذا السماح، أن يرفع الأمر للسيد وزير المالية للتقرير بشأنه وفق السُّلطات المخولة له، وأشار الوزير إلى أنّ وكلاء البواخر لا يجب عليهم تحمُّل أخطاء الهيئة بكاملها، وأن الوسيلة القانونية المُلزمة لاسترداد المُطالبات المعنية هي الاحتكام للقضاء في حالة الامتناع عن الدفع، وأشار وزير النقل إلى مُخالفة أخرى وقعت فيها لجنة التحقيق، وهي تحصيل المبلغ وإيداعه في حسابٍ خاصٍ غير حساب هيئة الموانئ المُعد لذلك، خاصّةً أنّ استرداد المبالغ المُودعة بالنقد المحلي في حسابات الموانئ، وأن إجراءات التسوية لا يُمكن أن يتم إلا بعد استلام الهيئة المبالغ المُستحقة بالعملة الأجنبية.
امتناع النيابة
في ظل هذه التداعيات والهجوم العنيف الذي شُنّ على لجنة التحقيق وما دار حولها من لغطٍ، (الصيحة) اتّصلت بوكيل النيابة الأعلى ورئيس اللجنة مولانا محمد عبد العظيم، حيث رفض الإدلاء بأيِّ تصريحات صحفية إلا بعد أخذ الإذن من النائب العام، وقد عاودنا الاتصال به مرةً أُخرى، ولكنه قال إنه لم يأخذ الإذن بعد.