السكر.. زيادة قابلة لـ “الزيادة”
الخرطوم: سارة إبراهيم عباس
سلعة السكر من السلع الاستراتيجية المهمة لكثير من الدول وخاصة السودان الذي ترتفع فيه نسبة الاستهلاك لأعلى مستوياته في شهر رمضان المعظم، ونسبة للطلب الكبير عليه حيث ارتفعت أسعاره وسط تراخٍ واضح من قبل وزارة الصناعة والتجارة وترك الأسواق للتجار وللسماسرة وضعاف النفوس الذين يتلذذون بعذاب المواطن بالمغالاة في الأسعار حيث قفز جوال السكر زنة 50 كيلو من شركة كنانة إلى 4800 جنيه بدلاً عن 3800 جنيه الأسبوع المنصرم، وأن سعر الجوال زنة 10 كيلو بلغ ألف جنيه بدلًا 450 جنيهاً أما خمسة كيلو فبلغ 450 جنيهاً بواقع 100 جنيه للكيلو، أما السكر المستورد وصل إلى 4100 بدلاً من 3 آلاف جنيه.
ونفى الأمين العام للغرف التجارية بولاية الخرطوم الطيب طلب حاج أحمد أن تكون هناك مافيا وراء ارتفاع أسعار السكر مرجعاً أسباب ارتفاع إلى ارتفاع الدولار، وكشف في حديثه لـ”الصيحة” عن ترتيبات لوزارة الصناعة والتجارة في توزيع السكر للمؤسسات الحكومية بواقع جوال كنانة بـ 3 آلاف جنيه والمستورد 2500 جنيه.
وفي سياق متصل، قال الخبير الاقتصادي د. محمد الناي:ر ظلت الدولة منذ زمن طويل تنتج في المتوسط حوالي 700 ألف طن والاستهلاك بمعدل مليون و200 ألف طن، وهذه مشكلة حقيقية تؤكد تراخي الدولة في توفير السلعة حتى يكون لها مخزون كافٍ، لافتاً في حديثه لـ”الصيحة” إلى غياب دورها في مراقبة الأسواق، وقال إن جوال السكر يطلع من المصنع بسعر ٢٠٠٠ أو ٢٥٠٠ جنيه، ويصل إلى المستهلك بأكثر من ٤٠٠٠ جنيه، ولهذا الفرق الكبير في التوزيع يمكن للدولة أن تنسق مع قنوات التوزيع لإحكام السيطرة عليه، مشيراً إلى استيراد السكر في العام والذي يقدر بحوالي ٤٠٠ إلى ٥٠٠ مليون دولار واصفاً إياها بالمبالغ الكبيرة والتي من الممكن إذا تم استثمارها في هذا القطاع وزدنا الإنتاجية لوصلنا إلى الاكتفاء الذاتي، وأضاف: مصنع النيل الأبيض لم تتم مساءلته ومحاسبته، وصمم بطاقة إنتاجية تبلغ ٤٥٠ ألف طن في العام وربما ينتج الآن ٧٠ أو ٨٠ ألفاً وهذا خلل واضح.
وقال رئيس اللجنة الاقتصادية بجمعية حماية المستهلك د. حسين القوني: بالرغم من القوانين التي تم إصدارها لمنع الاحتكار وإنشاء هيئة قومية لحماية المستهلك وغيرها من القرارات الإدارية لا توجد لجنة تقوم بدورها في مراقبة الأسواق ومحاربة الاحتكار ووضع ديباجات لتحديد أسعار السلع الاستهلاكية الضرورية بصفة عامة والسكر خاصة، والتي شهدت زيادات كبيرة، وقال إن سبب ارتفاع سعر السكر المحلي للجودة المشهودة له عالمياً، وأضاف أن السكر المستورد أرخص ثمناً منه لكن الرسوم الجمركية المفروضة عليه أدت إلى ارتفاع سعره، مشدداً على أهمية مراقبة الأسعار في الأسواق والمخازن والإبلاغ عن التجار المحتكرين لهذه السلعة والوقوف على توزيعه بلا ضرر أو ضرار، مطالباً السلطات بوضع يدها على المخزون الحالي من السكر، ومن ثم وضع سياسات للتوزيع دون تكبد التجار خسائر، بجانب وضع سياسة رشيدة لاستيراد السكر وتشجيع الشركات السودانية لزيادة الإنتاج وتحسين الإنتاجية حتى تعتمد البلاد على الإنتاج المحلي لتقليل الاستيراد.
ويرى الخبير الاقتصادي د. عصام الزين، أن السياسات النقدية المتبعة في السودان، والمرتبطة بإدارة عرض النقود وتحديد سعر الصرف، اتصفت بالفشل الذريع والمستمر، حيث كانت مشكلة انعدام السيولة وارتفاع معدلات التضخم في وضع شاذ ومخالف للنظريات الاقتصادية، بجانب ذلك الانخفاض المستمر في قيمة العملة الوطنية. وهنا يجب أن نتوقف لمراجعة هذا الأمر، حيث أن التدهور المستمر في قيمة الجنيه السوداني أفقد الثقة في العملة الوطنية وألغى وظيفتين رئيسيتين من وظائف النقود، حيث اختفى استخدامها للمدفوعات الآجلة، أو كمخزن للقيمة، حيث تم اعتماد الدولار بديلاً عنها في كل المعاملات.
وتساءل ما هو السبب الذي أدى لهذا الارتفاع الجنوني في سعر الدولار بالرغم من انخفاضه عالمياً أمام كل العملات بعد أن بدأت أمريكا في ضخ 2.2 تريليون دولار لإنقاذ اقتصادها المتأثر بكورونا، وهنا في السودان توقفت كل الأسباب التي تضغط على طلب الدولار أيضاً بسبب كورونا، موضحًا أن المشتري الأكبر هو الدولة لسداد الالتزامات مع انعدام الاحتياطيات، وهنا نعود للنقطة الأولى، أن السياسات النقدية غير المناسبة السبب في الارتفاع الجنوني في الأسعار.