من غرفة الأخبار
الخرطوم :الجميل الفاضل
سؤال المبتدأ.. جواب الخبر
“جراحة الخميس” هل تستأصل شأفة الداء؟
ماذا؟
تجفيف مصادر التمويل
أصدرت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال عدداً من القرارات شملت عدداً من المنظمات والتنظيمات والأفراد.
وأعلنت اللجنة في مؤتمر صحافي أمس الأول الخميس عدداً من القرارات قضت بإنهاء خدمة مدير قناة النيل الأزرق حسن فضل المولى.
وإلغاء تسجيل منظمة الدعوة الإسلامية، ومصادرة نادي ((AGC ، واسترداد أكثر من 16 مليون سهم من أسهم “بنك النيل” من منظمة الرضوان توطئة لإعادتها إلى مالكها الأساسي وزارة المالية ولاية الخرطوم.
كما حلّت اللجنة منظمتي الرضوان الخيرية، والثريا الخيرية، وجمعية أمل الخير الخيرية، وإلغاء سجلاتها باعتبارها واجهات تمويلية لحزب المؤتمر الوطني المحلول، إضافة إلى حل عدد من مجالس الشركات والمؤسسات.
وحجز حسابات وممتلكات شركة الصُنّاع للاستثمار، وأم النور ليموزين.
ومن جهته، أعلن المتحدث باسم لجنة التفكيك د. صلاح مناع استرداد مستشفى “البان جديد” من جامعة “العلوم الطبية” لصالح وزارة الصحة ولاية الخرطوم، وكذلك المستشفى “الأكاديمي” إضافة لإعفاء الأمين العام للصندوق القومي للطلاب وأمناء فروعه بكافة الولايات.
وإلى ذلك قال عضو اللجنة وجدي صالح، إن اللجنة قررت إنهاء خدمة 102 من العاملين بوزارتي المالية والشباب والرياضة، وإعفاء مدير عام وزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم وعدد من مديري الإدارات بالوزارة.
مشيراً إلى أنه تم إعفاء مدير عام صندوق الإسكان والتعمير بولاية الخرطوم وعدد من مديري الإدارات التابعة له.
وأضاف وجدي أنه تم حل مجالس تنظيمات منتجي هيئة السوكي الزراعية، ومشروع الجزيرة والمناقل، ومشروع الرهد، وسكر الجنيد، مع الحجز على أموال وممتلكات هذه التنظيمات، فضلاً عن حل مجالس إدارات مشروعيْ السوكي والخياري، والحجز عليها، إضافة لتشكيل عشر لجان فرعية للتفكيك بالولايات.
كيف؟
إصلاح المنظومة العدلية
وكشف مصدر مطلع أن نقاشاً مستفيضاً جرى بين شركاء السلطة الانتقالية بمكونيْها العسكري والمدني مطلع الأسبوع المنصرم حول عمل لجنة تفكيك نظام الرئيس المعزول عمر البشير، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق على المضي قدماً في تفكيك النظام البائد، بعد إقرار كافة الأطراف أن مسؤولية تفكيكه هي مسئولية الجميع.
وقال المصدر: إن جميع الأطراف اتفقت على توفير كل الإمكانيات الممكنة للجنة تفكيك النظام لاتخاذ القرارات اللازمة في هذا الصدد، باعتبار أن القضية من أهم أهداف ثورة الشعب السوداني.
وكشف المصدر، الذي فضل حجب اسمه، عن أن المكونين «العسكري والمدني» في مؤسسات السلطة الانتقالية، توافقا كذلك على ضرورة التعجيل بمنح النيابة العامة صلاحيات أوسع والتعجيل بتفعيل دورها لمحاكمة رموز النظام السابق، إضافة إلى حسم قضايا الفساد التي وصلت النيابات، وتكوين مفوضية للعدالة الانتقالية.
يُذكر أن المجلس المركزي للحرية والتغيير كان قد ناقش في اجتماعه الخميس قبل الماضي تحركات عناصر النظام البائد التي تمثلت في أعمال التخريب الاقتصادي والسياسي والأمني، بعد أن اطّلع المجلس على عدد من التقارير التي ترصد مخططات الثورة المضادة التي قرّر على ضوئها ضرورة الاجتماع فوراً مع مؤسسات الحكومة الانتقالية لاتخاذ تدابير عاجلة تُسرّع عملية تفكيك بِنيَة التمكين وسيطرة عناصر النظام البائد على مفاصل الدولة.
وأمّن المجلس تبعاً لذلك على رؤية اللجنة القانونية الرامية لإصلاح منظومة العدالة من خلال مشروع قانون مفوضية بناء الأجهزة العدلية والحقوقية الذي ساهمت في صياغته الأجهزة العدلية والمؤسسات الحقوقية.
أين؟
“شليل” وين راح؟
ربما لا يدري الكثيرون إلى الآن من أخفى الكرة عن أعين الحكومة الانتقالية.. وأين أخفاها؟ فالدولة الموازية أو الدجاجة التي تبيض ذهباً.. أنشأها النظام الإخواني في تسعينات القرن الماضي لتحل محل دولةٍ رسمية باتت الآن خاوية على عروشها كأنها عصف مأكول .
وفي هذا يقول د. النور حمد: باختصار، ورثت حكومة ثورة ديسمبر المدنية، التي وُلدت مشلولةً، دولتين : الدولة الأصلية، الموروثة منذ الاستقلال، التي أصبحت مُفلسةً، حد الإدقاع، وتلك الأخرى الموازية، التي وضعت يدها، بتخطيط ٍ من الرئيس المخلوع البشير، على أهم موارد الثروة.
وأن تبقى تلك المنظومة الأخطبوطية من الشركات العاملة، برؤوس أموالٍ ضخمةٍ، في مختلف المجالات الاقتصادية، محجوبةً عن رادار الدولة الأصلية، المتمثل في السلطة الرقابية على المال العام.
لكي تعمل كل من الدولة العميقة، التي تمثلها منظومة الفساد في كل الدوائر الحكومية، والدولة الموازية، التي تمثلها الشركات الكبيرة المرتبطة بكبار المتنفذين وأجهزة الدولة، بدأبٍ شديدٍ، كل واحدةٍ بمفردها، لحراسة ما ورثته من الحقبة الإنقاذية المبادة.
متى؟
محاكم ثورية
يرى المفكر السياسي د. حيدر إبراهيم علي أن ما يجري لم يحدث مثله في التاريخ بأن سمحت ثورة شعبية لأعداء الشعب بأن يدعوا إلى النظام البائد ويهاجموا الشعب وثورته ويقللوا من نضاله ويُهينوا دماء الشهداء.
فالإسلامويون السودانيون يتسمون بوقاحة وقوة عين منقطعة النظير ويستغلون طيبة وتسامح السودانيين لأبعد الحدود رغم أن أمامهم مصائر الطغاه والفاسدين في الدول المجاورة وكيف تعاملت معهم شعوبهم، فعوضاً عن احترام روح التسامح في الشعب السوداني استمروا في غيّهم واستفزازهم للشعب الطيب ولكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر! فالنائب العام مطالب فوراً بتشكيل محاكم ثورية ذات صلاحيات مطلقة لمحاسبة أعداء الشعب وسارقي أمواله .
لماذا؟
يفسر د. النور حمد ظاهرة انتفاش ريش الإخوان من جديد، إلى حدٍّ باتوا فيه يتحدثون اليوم عن تصحيح مسار ثورة قامت ضدهم أصلاً، ولتقويم اعوجاج تجربة حكمهم البائسة.. بقوله: كنت أتصور أن ما يعقب ثورةً عظيمةً، مثل ثورة ديسمبر 2018، سوف يتضمن، أول ما يتضمن، نشاطًا، حثيثًا، في كشف فساد نظام الإنقاذ، وعملاً، دؤوبًا، في ملاحقة الفاسدين؛ قانونيًا، وأخلاقيًا.
كنت أتصور أن شغل الحكومة، الشاغل، وإعلامها، سيكون تمليك حقائق الفساد، المُفزعة، للشعب، بصورةٍ يومية. فهناك من ملفات الفساد، ما يمكن أن يُشغل وسائط الإعلام لسنين. لكن، مرَّت، أكثر من سبعة أشهر، منذ أن أدى السيد، رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، اليمين الدستورية.
وأكثر من ستة أشهرٍ، منذ أن أدى وزراء وزارته، اليمين الدستورية.
ولم نر، طيلة هذه المدة، شيئًا ذا بالٍ، في جهة كشف فساد الإنقاذ، أو محاكمة الفاسدين، ناهبي المال العام.
كشف الفساد بصورة جلية، فيه تعليمٌ للشعب، خاصةً البسطاء، الذين ربما لم يستبينوا، جيَّدًا، لِمَ قامت الثورة أصلاً، أو ما مبلغ إضرار الفساد، بالبلاد، والعباد.
كما أن كشف الفساد، يحمي جذوة الثورة من الخمود، بجعل ماضي الإنقاذ المظلم، حاضرًا في الأذهان.
كما أنه يضعف الروح المعنوية، لقوى الثورة المضادة، ويكسر صلفها، الذي يجعلها حاضرةً، فيما تنفثه أقلام وأفواه أبواقها، الذين ما انفكوا يشيطنون الثورة، والثوار، مادين ألسنتهم، للثورة، ولفكرة التغيير.
انكمش الإنقاذيون، بادئ الأمر، أمام قوة الثورة، وتيارها الكاسح، الذي جاوَز الآفاق.
لكن، جاءت حاضنة الثورة، المُمثلة في قوى الحرية والتغيير، وحكومة الثورة، بعد مخاضٍ عسير، شابه داء المحاصصات، وتسقُّطٍ للنجومية.
فجاء الأداء دون قامة الثورة، بكثير.
بسبب الأداء المتعثر، وعجز الحكومة عن وضع الأصابع، على مواضع فسادها، وإظهار ذلك، بجلاءٍ، للشعب، أحست قوى الثورة المضادة، أن حكومة الثورة، مجرد نمرٍ من ورق.
لقد شاهد الانقاذيون، يومًا، بعد يوم، السلحفائية القاتلة، في الأداء.
كما شاهدوا خمود روح الثورة، وسط من أُسندت لهم خدمة أهدافها.
فغياب الخطاب الإعلامي، الحار، والعجز عن تغيير البِنية المفاهيمية، والكوادر، التي تُدير المؤسسات الإعلامية، خلق فراغًا، ملأته أبواق الإنقاذيين.
فأعملوا أقلامهم، في الصحف الموروثة من عهد البشير. وساندتهم، في ذلك، كوادرهم المبثوثة، منذ عقودٍ، في القنوات الفضائية.
واصطف إلى جانبهم، ذبابهم الإلكتروني، الذي يصل ليله بنهاره في الأسافير.
لقد أيقنوا، أن من يمثلون الثورة، في الحاضنة السياسية، وفي الحكومة، مجموعةٌ من الهواة، الذين تعوزهم الدربة القيادية، والحنكة السياسية، وأيضًا، الأسنان التي تعض.
إن أمضى سلاحٍ، في قصم ظهر قوى الثورة المضادة، هو كشف فساد الانقاذ، ووضع ملفاته القذرة، على الطاولة، أمام الشعب.
لكن، هذا لم يحدث، لأن فريق الحكومة، وحاضنته السياسية، متباعد الخطوط، (بتعبير كرة القدم)، وفارغ اللب، من روح الثورة.
وإذا استمرت الأمور على هذا المنوال، فسيخسر الجميع، بمن فيهم العسكريون، الذين يلعبون على الحبلين، ويظنون أنهم يديرون بذلك، لعبةً ذكية.