الخرطوم- باعو
كثيرةٌ هي المُبادرات والمُنظّمات الشبابية التي تنشط في الريف الجنوبي لمحلية أم درمان، ولكن مُبادرة حماية الريف الجنوبي من وباء “كورونا” ربما كانت هي الأكثر تجاوباً وتفاعلاً من كافة قطاعات هذا الريف الحيوي العامر بالدماء الشّابّة والعُقُول النيِّرة التي تُخطِّط وتنفِّذ كُل مَا هو مُفيدٌ لأهل هذا الريف، إلى جانب الخيِّرين الذين يَدعمون هذه الأعمال بأموالهم وجُهدهم ومُمتلكاتهم.
الأسبوع المُنصرم كان مولد مجموعة على وسائل التواصُل الاجتماعي “واتساب”، حمل اسم حماية الريف الجنوبي من “كورونا”، وبَعد سَاعاتٍ، كَانت المَجموعة قَد اختَارت لَجنة تنفيذية لتبدأ عَملها فوراً لحماية المُواطنين في الريف الجنوبي.
رئيس اللجنة التنفيذية للمُبادرة د. مُحمّد مساعد أوضح لـ”جيلي أنا”، أن الهدف من هذا العمل هو توعية أهل الريف الجنوبي بمَخاطر هذه الجائحة التي اجتاحت العالم أجمع، وقال إنّ الكثير من أبناء الريف الجنوبي تَفَاعَلُوا مع المُبادرة وقدّموا دَعمهم المَادي والمَعنوي والبدني، هذا إلى جانب التجاوُب الكَبير الذي وجدته اللجنة من محلية أم درمان ووزارة الصّحة لعلمهم وإدراكهم بخُطُورة انتشار هذا الوباء.
وأوضح مساعد لـ(الصيحة) أنّ ضربة البداية كانت بقرية “إيد الحد” الأسبوع المُنصرم، واستمرّت ليوم أمس “الجمعة”، وأكّد أنّ العمل سيتواصل في بقية الأيّام لتتم تغطية قُرى الريف الجنوبي كَافّة بحملات التوعية والإرشاد، إلى جانب توزيع مواد التعقيم في المساجد والمرافق الأخرى وللمُواطنين.
وقال مقرر اللجنة خالد محمد مصطفى، إن شباب الريف الجنوبي قاموا بعملٍ جيدٍ خلال الأيام الماضية، مؤكداً استمرار حملاتهم من أجل تبصير مُواطني الريف الجنوبي بخطورة عدوى هذا المرض، وأشار خالد إلى أنّ الفريق الطبي وشباب قرية “السليمانية غرب”، قاموا بتطهير ورشّ مسجد قرية “الحصبايا” والمنازل بحضور “مك الجموعية” المك غانم ورئيس اللجنة التنفيذية د. محمد مساعد ودكتور صديق أحمد إبراهيم ويُوسف محمد زين وعثمان الباترا.
فيما يُشير خبيرٌ في مَجال الوبائيات إلى أنّ العدوى تنتقل عن طريق المُلامسة، فإنّ غسل الأيدي بالماء والصابون يُعتبر الحل الأمثل لتفادي الإصابة، كما في حالة فيروس “كورونا” يجب غسل الأيدي بالماء والصابون جيداً وتجنُّب مُلامسة الأشياء التي تتعرّض للمس بواسطة المُواطنين مثل السلالم، ومقابض الأبواب، ومُلامسة الصراف الآلي، ويجب الاحتياط لها باستخدام منديل تضعه في مكان أي زر تُريد الضغط عليه مع التخلُّص مباشرة من المنديل في أقرب سلة، ونوّه إلى أهمية استخدام المُعقّمات، وقال: لكن أحياناً التركيب العشوائي يجعل نسب الكحول عالية ممّا يُؤثِّر سلباً على بعض الأشخاص الذين لهم تحسُّس تجاه المواد الكيمائية.
وكان قروب محاربة “كورونا” بالريف الجنوبي، قد ابتدر حملة تبرعات من أعضاء القروب وأبناء المنطقة لشراء المُعقّمات والكمّامات لتوزيعها على أهل الريف، ونجحت الحملة في جمع مبالغ مُقدّرة من أبناء الريف الجنوبي، ما أسهم في مُواصلة النشاط الشبابي والحراك المُجتمعي في تلك القُرى.
وكانت حَملات التّوعوية قد بدأت بتبصير المُواطنين بضرورة عدم التجمُّع في أماكن مُزدحمة وإيقاف حفلات الأفراح في هذه الأيام، إلى جانب الالتزام بانتهاء العزاء بمراسم الدفن في الوفيات، وعلى الرغم من صُعُوبة هذه البنود خَاصّةً وأنّ أهل الريف الجنوبي عُرفوا باجتماعياتهم المُتداخلة وترابُطهم الأسري، بيد أنهم تقبّلوا هذا الأمر حتى انجلاء الوباء بعدها تعود الحياة إلى طبيعتها، وكان شباب المجموعة قد نفّذوا حملات طافت على الأفران والمساجد وأماكن تجمُّع الأطفال وتبصيرهم بضَرُورة التّعقيم وعدم التجمهر حفاظاً على صحتهم.
ويستمر عمل المجموعة اليوم وبقية أيام الأسبوع وفق جدول مُحَدّد من اللجنة التنفيذية لتغطية قُرى الريف الجنوبي بحملات الرش في المساجد والمنازل وتوعية المُواطنين بضرورة الالتزام بحظر التجوال وعدم التجمُّعات وتعقيم الأيدي، ووجد هذا العمل الإشادة الكبيرة من حكومة المحلية ومن “مك الجموعية”، ليؤكد شباب الريف الجنوبي ريادتهم في مثل هذه المُبادرات التي تهدف للحفاظ على المُجتمع وتبصيره بالمَخَاطِر المُحدقة بالعالم أجمع والسودان على وجه الخُصُوص بهذه الجائحة.