الخرطوم- جادين- نيازي
أوصَت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال، بالإطاحة بالمدير العام لقناة النيل الأزرق، حسن فضل المولى دفع الله “الجنرال” من منصبه، بعد جدل كبير في “حوش” القناة ومُطالبات بإقالته من بعض العاملين بالقناة، ووقتها اختلفت الآراء بين مُؤيِّدٍ ومُعارضٍ للإطاحة بالجنرال أو الإبقاء عليه في القناة التي ينسب الكثيرون نجاحها إليه ولعبقريته في الإدارة، ويمتلك رجل الأعمال وجدي ميرغني النصيب الأكبر في القناة والحكومة حوالي 20%، ما دفع لجنة إزالة التمكين للدفع بتوصية، لجهة أن غالبية أسهم القناة تتبع للقطاع الخاص.
“الجنرال”
أرجع البعض اسم “الجنرال” الذي اشتهر به فضل المولى، لقُدرته الإدارية وجديته في العمل، وأُطلق عليه اللقب عندما كان رئيساً لقسم البرامج بالتلفزيون القومي، وقيل إنّه يتميّز بنبرةٍ هادئةٍ تكاد لا تُسمع كل كلماته عندما يتحدّث ولا ينفعل بسُهُولة، صبورٌ بشكلٍ مُدهشٍ، ويمتلك رؤية متقدمة في البرامج، ويبذل جهداً جبّاراً، ولديه قدرة على اكتشاف المواهب، ويمتلك ذخيرةً كبيرةً من الأصدقاء والأحباء، غَادَرَ محطة التلفزيون القومي وقتها بعد نقله مُلحقاً إعلامياً للسفارة السودانية بالقاهرة، وعقب عودته لم يعد للتلفزيون القومي، الذي استطاع أن يكسب ثقة مُشاهديه، ورجع لوسائل الإعلام مرةً أخرى عبر بوابة “النيل الأزرق” التي ضخ دماً جديداً في شرايينها واكتشف الكثير من المواهب المُتميِّزة، ووجد مساحة الحركة والحرية أكثر اتّساعاً من القومي.
مُطالبات
عقب سُقُوط نظام الإنقاذ، ظهرت مُطالبات من داخل “النيل الأزرق” بإقالة الجنرال، بحجة أنّه من قادة النظام المخلوع، ونفّذ عددٌ من المُنتجين والمُخرجين والمُصوِّرين والعاملين، وقفة احتجاجية، وطالبوا بإزالة التمكين بالقناة والإطاحة بمديرها العام باعتباره (كوز)، ظل يُنفِّذ أجندة النظام السابق طيلة وجوده في الحكم، وما أدى لتفجُّر الأوضاع بالقناة، فصل عرفة الأمين التوم وسلوى عوض من عمليهما كمنتجتين بالقناة.
وسارعت “شبكة الصحفيين السودانيين” بإدانة الخطوة، وأصدرت بياناً شديد اللهجة، طالبت فيه صراحةً لجنة إزالة التمكين بإقالة فضل المولى، وإرجاع “عرفة وسلوى” فوراً، مع الاعتذار لهما عن سُوء صنيع إدارة القناة، والسعي الجاد لإزالة آثار التمكين.
نجاح
سهام عمر المذيعة السّابقة بالنيل الأزرق والحالية بقناة “الهلال” قالت لـ(الصيحة): اختلفنا أو اتفقنا حول انتماء الجنرال حسن فضل المولى السياسي، فإنّ نجاحه المهني وإخلاصه يشفع له، وأضافت: “لو كل الإسلاميين كانوا بنفس إخلاصه ويقودون مؤسساتهم إلى النجاح بنفس نجاح النيل الأزرق، ما كان الشعب ثار ولا كان ده حال السودان”، وأشارت إلى أنّ أبرز سمات الإنقاذيين كانت الفشل والأنانية، لذا ثار الشعب ضدهم، وتابعت: “نثق في قرارات المسؤولين ولا اعتراض لنا عليها ولكن لكل قاعدة شواذ، عموماً هي سُنة الحياة، وكل أمنياتي له بالتوفيق، فهو يظل الأب الروحي لجيلي وقدم لنا الكثير ويظل بصمة في الإعلام”.
خسارة
دافعت المذيعة بقناة النيل الأزرق نسرين نمر، عن المدير العام المُقال لقناة النيل الأزرق وكتبت على صفحتها بـ(فيسبوك)، إنّ الجنرال قاد قناة النيل الأزرق في أصعب ظروفها بمُمارسة فن العلاقات العامة الذي يبرع فيه، وقالت “لسنا مثلهم ولا للصالح العام مرة أخرى، كامل التضامُن مع شيخ العرب حسن فضل المولى عفيف الوجه واليد واللسان، الذي أفنى عُمره وهو يحاول صناعة مؤسسة إعلامية مُحترمة قريبة من الناس”.. وشددت على أن إزالة التمكين يجب أن يُوجّه لإزالة تمكين الفاسدين وليس الناجحين الشريفين العفيفين، وإلا فهو صالح عام بغيض وملئ بالحقد والأغراض وحينها لن نختلف عمّن ثرنا ضدهم، وأضافت “أشهد للأستاذ حسن فضل المولى أنه كابد معنا ورعى برنامح – حالة استفهام – الذي ضرب الفساد والفاسدين وأقال مديرين عامين ووزراء فاسدين لخمس سنوات”، وتابعت: “لمن لا يعرف ونعرف هو يقود وآخرون منذ وقت ليس بالقصير حملة تصحيحية ضد الفساد داخل جماعتهم ومؤسساتهم، وإنه كان يؤمن بالتغيير، وهذا ما سمعته منه عشرات المرات”.. ووجهت نسرين، رسالة لوزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح قالت فيها: “قلها للتاريخ، كنت ضيفاً دائماً في القناة في عهد حسن فضل المولى، وأنا حاورتك احتفاءً بنيلك جائزة القلم الذهبي للشجاعة وتم التحقيق معي لست ساعات بسبب استضافتك في برنامج حالة استفهام الذي وافقت عليه القناة في عهد حسن فضل المولى.. إذن النضال مُشترك يا السيد الوزير”.
ويرى الصحفى المُتخصِّص في الشأن الفني والاقتصادي طارق شريف أنّ الإطاحة بالجنرال حسن فضل المولى من النقاة، تُعد خسارة مُضاعفة للنيل الأزرق في زمن تعاني فيه الفضائيات من أزمات اقتصادية طاحنة، وقال شريف لـ(الصيحة)، إن حسن فضل المولى صنع قناة النيل الأزرق بجهده وفكره وعلاقاته، وقبله كانت القناة مُشفّرة وخاسرة، وأضاف: “هو زاهدٌ عن المناصب والبهارج، والآن ارتاح الجنرال من الحفر فوق الرخام، ولكن الخسارة ستكون مُضاعفة لقناة النيل الأزرق”.