تقرير- مريم أبشر
تُفيد وزارة الخارجية بأنّه صباح يوم 31 مارس 2020، تجمّع حوالي مئة شخص أمام السفارة السودانية بالقاهرة، وقاموا بكسر الباب الخارجي والدخول إلى المبنى، وحاولوا حرق المكاتب وذلك للمرة الثانية في غضون يومين. على ضوء ذلك، قام السيد القائم بالأعمال بالإنابة والسيد الملحق الفني والملحق العسكري بالاتصال بالجهات الأمنية لإبلاغهم بالأمر وطلب تعزيزات أمنية إضافية. بعد حُضور قوة من الجيش المصري خارج السفارة، أذعن المحتجون للتعليمات وخرجوا. وعلى إثر ذلك قامت الشرطة بالقبض على ثمانية أشخاص من مُحرِّكي الاحتجاج لعدم انصياعهم بالتعليمات. بعد ذلك حاول أفراد البعثة الدبلوماسية الوصول إلى مبنى السفارة، إلا أنّهم اُصطدموا بعددٍ من المُحتجين الموجودين بالشوارع المُؤدية للسفارة، الأمر الذي أعاق وُصُولهم. وقد تمّ حصب سيارتهم بالحجارة والركض خلفها لمسافةٍ طويلةٍ، مَا اضطرهم للرجوع.!
جديرٌ بالذكر أنّ غالبية الذين قاموا بهذا الفعل الشنيع والمُستنكر ليسوا من العالقين، وإنّما هم أشخاص مُقيمون بالقاهرة. وبعضهم لا تتوفّر لهم تذاكر سفر وجوازات، ممّا يُؤكِّد أنهم ليسوا عالقين. والبعض الآخر طالبو لجوء. وهؤلاء لا تنطبق عليهم شروط الاستفادة من الإعانة التي تُقدِّمها الحكومة السودانية، لأنّها قاصرة على العالقين فقط. وتُؤكِّد الوزارة أنّ مُعالجة أوضاع السودانيين العالقين في مصر تسير بصورة طيبة. وهُناك تَعاون من الجميع.
توفيق الأوضاع
واستطاعت السفارة بدعم من حكومة السودان، ونفر كريم من أعضاء الجالية والناشطين والمُهتمين، بتوفيق أوضاع 90% من العَالقين. وستصل الدفعة الأخيرة إلى القاهرة مساء اليوم، وعددها 6 بصات، بعد تحرُّكها من منطقة السباعية. ولم يَتبقَ سوى حوالي 50 شخصاً، أعربوا عن رفضهم التام للعودة إلى القاهرة. وتمسّكوا بمطلبهم المتمثل في فتح الحدود والعبور إلى الأراضي السودانية.
حريٌّ بالذكر أنّ البعثة قامت بالترتيبات اللازمة لإجلاء عددٍ كبيرٍ من العالقين في منطقة السباعية إلى أسوان. وسافر وفدٌ برئاسة القنصل العام إلى أسوان مع بعض رُمُوز الجالية. وتَمّ استئجار شقق هناك لإيواء العالقين، إلا أنّ السُّلطات المصرية رأت أن الأفضل ترحيلهم إلى القاهرة. وشرعت السفارة في ذلك، وظلّت تستقبل الواصلين للقاهرة، وتُوفِّر لهم السكن، وتقدم لهم الدعم المطلوب مادياً وعينياً طيلة الأيام الماضية.
من ناحية أخرى، اتّخذت وزارة الخارجية السودانية، قراراً بإغلاق مبنى السفارة، على أن يواصل طاقم السفارة أداء مهامه وتكثيف جهوده حتى تنجلي الأزمة تماماً بإذن الله تعالى.
هيبة الدولة
عددٌ من الخُبراء الدبلوماسيين اعتبروا الإجراء الذي اتّخذته وزارة الخارجية بإغلاق بعثتها في القاهرة بأنّه إجراءٌ اضطراريٌّ حتمته الأوضاع التي صاحبت احتجاجات العالقين.
وأكّد السفير الصادق المقلي الخبير الدبلوماسي، الناطق الرسمي السابق بوزارة الخارجية أنّ الغرض من الخطوة هو حفظ الأمن والمُمتلكات الخاصة بالسفارة، وتوقّع أن تزاول السفارة عملها قريباً، وانتقد المقلي لجوء بعض العالقين للأساليب الهمجية المُتعلِّقة بحصب الحجارة وتكسير الأبواب، ويرى أن السفارة تمثل هيبة الدولة، وأنه كان بمكانهم التعبير بعدة طرق حضارية أخرى بخلاف أسلوب التكسير والحصب كالاعتصام وبعث المذكرات وغيرها من وسائل إيصال الاحتجاجات، وقال انّءالسفارة وبعض أفراد الجاليات سعوا لتوفير مأوى للعالقين، غير أنّ الأعداد يبدو أنها كبيرة وفوق الاحتمال، ولم يستبعد محاولة استغلال بعض طالبي اللجوء للموقف واستخدامهم للعُنف، مُعتبراً الخطوة بالخطيرة، وقال ان هؤلاء أضروا بمواقفهم السياسي أكثر من كونهم تسببوا في خسائر للسفارة.
نقل الفيروس
مُراقبون يرون أنّ القرار الذي اتّخذته الحكومة بإغلاق المطارات والمعابر بالسليم، وشدّدوا على أهمية التمسك به وعدم التهاون في صحة المُواطنين، وأكدوا أن كل الحالات التي سُجِّلت بالبلاد بما فيهم الذين توفاهم الله تعالى أو الذين مازالوا تحت الحجر بمرض كورونا، لعالقين دخلوا البلاد من دول موبوءة بالفيروس.
ودعا السفير المقلي، العالقين بتغليب المصلحة العامة على الخاصة لحين انجلاء الوباء، خاصةً وأن هناك مساعٍ لتوفير حجر صحي ملائم لهم بالدول التي يتواجدون فيها حالياً، سواء مصر أو غيرها، وقال إن الأوضاع الصحية الهشّة بالبلاد لا تحمل أيّة مُغامرة بفتح الأجواء أو المعابر.