الأسواق.. انعدام الرقابة
تقرير: سارة إبراهيم
بالرغم من الوعيد والتهديد من قبل وزارة الصناعة والتجارة وتكوين آلية دائمة لضبط ورقابة الأسواق الداخلية لرصد حركة الأسعار والنشاط التجار علماً بأن الآلية متخصصة في متابعة حركة الأسعار ومؤشراتها ووفرة السلع الضرورية ورصد كافة أنواع الممارسات الضارة بالتجارة بجانب الحملات التفتيشية والتأكد من مدى التزامها بالضوابط التي تنظم حركة النشاط، إلا أن أسواق الولاية تشهد انفلاتاً كبيراً في الأسعار، ارتفعت بموجبه أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية بصورة أقل ما توصف بالجنونية، حيث يقدر الارتفاع بـ ٣٠% لجميع السلع الاستهلاكية، وكشفت جولة الصحيفة في الأسواق بولاية الخرطوم عن ارتفاع كبير في أسعار السلع خاصة منتجات الشركات وعدم التزامها بتوفير احتياجات التجار وقالوا عندما نطلب كمية محددة تأتي ربع الطلبية وأرجعوا الأسباب إلى عدم وجود إنتاج جديد للشركات العاملة، وعند سؤالنا الوكلاء يتحججون بعدم معرفتهم بالذي يدور داخل تلك الشركات، في وقت شكا فيه التجار من الركود في حركة البيع والشراء، وأكد التاجر محمد الزين بسوق بحري ارتفاع أسعار السكر والدقيق والزيت حيث بلغ سعر جوال السكر زنة 50 كيلو من شركة كنانة وصل ٣٣٥٠ جنيهاً بدلاً وسعر الـ ٥٠ كيلو من السكر المستورد ٣٣٠٠ جنيه بدلاً عن ٣٠٠٠ جنيه، مشيرًا إلى أن سعر الجوال زنة 10 كيلو بلغ ٦٨٠ جنيهاً أما خمسة كيلو فبلغ ٣٥٠ جنيهاً، فيما ارتفاع سعر باكت دقيق سيقا من ٧٢٠ جنيها بدلاً عن ٥٨٣ جنيهاً بواقع ٧٥ جنيهاً للبكت الواحد والبكت من زادنا ٥٨٦ جنيهاً بواقع ٦٥ جنيهاً للبكت، فيما وصل سعر كرتونة الشعيرية والسكسكانية والمكرونة ٧٥٠ جنيهاً بدلا عن ٦٠٠ جنيه الأسبوع المنصرم بواقع ٥٠ جنيهاً للكيس الكبير، فيما شهدت أسعار الزيوت ارتفاعاً وندرة في الإنتاج، حيث بلغ سعر جركانة الزيت زنة ٣٦ رطلا ٢٩٠٠ جنيه بدلاً عن ٢٥٠٠ جنيه بواقع ١٠٠ جنيه للرطل بدلًا عن ٧٠ جنيهاً أما القارورة من الشركات صباح وشمس والطيب زنة لتر ١٨٠ جنيهاً بدلاً عن ١٥٠ جنيهاً وزنة ٤ رطل ونصف وصلت ٧٣٠ بدلاً من ٥٣٠ جنيهاً أما كرتونة الصلصة (١٢) علبة فبلغت ٨٤٠ جنيهاً بواقع ٨٠ جنيها للعلبة فيما وصل جوال الأرز زنة ٢٠ كيلو ١٢٠٠ جنيه، والكيلو منه ٨٠ جنيهاً وجوال العدس ٢٢٥٠ جنيهاً بواقع١٤٠ جنيهاً بدلاً عن ١١٥ جنيهاً للكيلو، بينما وصل رطل الشاي الأسود أبو غزالتين ٢٦٠ جنيهاً ورطل البن وصل إلى ١٦٠ جنيهاً بدلاً عن ١٣٠ جنيهاً.
وفي ذات السياق شدد الخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي على ضرورة إنشاء هيئة عامة للتعاونيات وإنشاء بنك تعاوني وشركة تعاونية عامة لتكون هناك أذرع تنظيمية ومالية واستثمارية تدعم الاقتصاد التعاوني، لافتًا إلى نجاح هذه التجربة في عدد من دول العالم يدعو إلى سرعة الإقدام على إنشاء الجمعيات ودعمها.
وقال فتحي للصيحة إن تجربة الجمعيات مفيدة، إذ تقدم الدولة أراضي للجمعية وتسهيلات جمركية وخفضا في كلفة الخدمات اللوجستية، لتحقق هذه الجمعيات الفائدة المرجوة منها فالمعروف تاريخيًا أن 80% من الاقتصاد الوطني السوداني مُحتكر.
مشيراً الى انخفاض أسعار النفط في الفترة المُمتدّة بين الأعوام 2014 إلى 2016 (أكثر من 60%!) لم ينعكس في أسعار السلع والبضائع في السودان.
وأضاف: في تقديري أن ارتفاع الأسعار مرتبط بشكل أساسي بهيكلية الاستيراد الاحتكارية (بامتياز) وارتفاع أسعار صرف الدولار الأميركي لدى السوق الموازي منادياً بضرورة حماية المستهلك وتطوير قوانين حماية المستهلك وتحرك الجهات التي دورها حماية المستهلك، وقال إن اللجوء إلى رفع الأسعار من قبل التجار يكون إما للحفاظ على مصالحهم ورأسمالهم أو لتصيّد الفرص التسويقية فارتفاع أسعار السلع في الأسواق جزء منه مبرر لأن 90% من استهلاكنا مستورد وحتى السلع المصنعة محلياً جزء كبير من موادها الأولية تأتي من الخارج، أما ارتفاع الأسعار غير المبرر فهو ناتج عن جشع بعض التجار وفوضى الشراء التي يمارسها المستهلكون، وعدم إبلاغهم (نيابة حماية المستهلك) عن أي شكاوى أو مخالفات تتعلق بالأسعار في الأسواق، لذا أخشى أن يمتنع عدد من التجار عن شراء أو بيع كميات كبيرة من البضائع خشية التقلبات اللحظية التي يشهدها السوق في ظل انعدام الأمان الاقتصادي العام مهما تكن الأسباب الكامنة وراء ارتفاع سعر الصرف وانخفاض القوة الشرائية للجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، وتأثيراتها على الأسواق والأسعار والحياة اليومية، فإن الثابت الأكيد أن الاقتصاد السوداني يعاني من خلل كبير ويبقى المواطن هو الضحية الدائمة.
وحمل مسئولية الرقابة لأجهزة الدولة وليس غيرها لأنّ الانسحاب السلبي وغير المبرر الذي نراه من جانب هذه الأجهزة الرقابية أصبحت له آثاره المدمرة على حياة المواطنين.