تُجّار “كورونا”… استغلال بشع للجائحة
تحقيق: محيي الدين شجر
يعشق بعض الناس وهم كثر الاصطياد في الماء العكر واستغلال الظروف القاهرة ليعيثوا فساداً.
وإذا كان (تجار الأزمات) تعودوا على وضع أسعار فلكية على سلعهم لتحقيق أكبر قدر من الربح دون أدنى اعتبار لأوضاع الناس الاقتصادية، فإن (تجار الأزمة الحالية) المتعلقة بوباء كورونا يستحقون الشنق في مكان عام كما طالب بعض من تحدثوا لـ(الصيحة) باعتبار ـ حسب رأيهم ـ أنهم استغلوا حاجة الناس للحياة، فاستثمروا فيها وعملوا على زيادة الأسعار بصورة مخيفة .. لم يراعوا مشاعر ولم يلتفتوا إلى نبضات الضمير..
زيادات خرافية
ارتفعت أسعار السلع الضرورية بنسب متفاوتة من 50% إلى 100% وبلغ كيلو السكر 70 جنيهاً كما ارتفع كيلو الدقيق إلى 70 جنيهاً.
وأصبح كيلو العدس 110 جنيهات ورطل الزيت وصل 100 جنيه.
ووصل رطل الحليب 30 جنيهاً ورطل الشاي 260 جنيهاً
وارتفعت كذلك أسعار المواد الكهربائية بنسبة 100% ومثلها أسعار الاسمنت والسيخ، حيث ارتفع طن الاسمنت من 12 ألف جنيه قبل شهر إلى 28 مليون جنيه بوجود ست مصانع اسمنت. كما شهدت أسعار المعقمات والكمامات ارتفاعاً كبيراً في الوقت الذي تتضامن شعوب العالم لتوفيرها مجاناً.
وفي جانب الفواكه، فقد شهدت ارتفاعاً كبيراً في اسعارها، وبلغ سعر دستة البرتقال 120 جنيهاً وكوم المانجو وصل إلى 100 جنيه.
وبشكل عام، فقد زادت معظم السلع منذ إعلان أول إصابة بالمرض قبل أسبوعين بنسبة 70%.
وكشفت جولة الصيحة عن اختلاف كبير في أسعار السلع بين التجار.. مستغلين عدم الرقابة الحكومي .. ومناخ كورونا السائد.
أمر مرفوض
الخبير الاقتصادي ورئيس تجمع أصحاب العمل معاوية أبايزيد، قال إن استغلال التجار لوباء كورونا أمر مرفوض وذكر لـ(الصيحة) أنهم عرضوا على وزارة الصحة مبنى فاخراً ليكون مكاناً منفصلاً لعلاج وباء كورونا لكنها لم تستلمه حتى اللحظة (مبنى الغرفة التجارية) بالخرطوم، مضيفاً: لقد أعلنا تكفلنا بكل ما يلزم ليتحول المبنى إلى مشفى صحي بعيداً عن المستشفيات، ورفضنا أن نسلم الوزارة أي أموال نقدية..
وأبان أبايزيد أن زيادة الأسعار تعود لارتفاع سعر الجازولين التجاري وبسبب سوء الإدارة في المواصفات والجمارك والموانئ ووزارة التجارة والصناعة، وعدم الرقابة الحكومية وعدم خوف التجار من عواقب أفعالهم، حيث أصبحوا يسرحون ويمرحون دون رقابة حكومية..
وأضاف قائلاً: لا أدل على ذلك من قرار مصنع اسمنت بربر وضع سعر تأشيري لطن الاسمنت 16 ألف جنيه، ومع ذلك يباع بـ 28 ألف جنيه..
عراقيل
ومضى يقول: هنالك عراقيل كثيرة تواجه التجارة في السودان متعلقة بوزارة التجارة نفسها وبالجمارك وبالتخليص وبالموانئ، وكان من الممكن أن يحقق الوارد مليارات الدولارات للحكومة، ولكنها فشلت في وضع أسس علمية لعمليات الوارد والصادر.
واستبعد أبايزيد أن يتوفر الجازولين التجاري في فترة إيقاف البصات السفرية بالولايات لعدم وجوده في الأساس ـ على حد قوله.
الدكتور أبو بكر حمد الاقتصادي المعروف، قال إن ارتفاع السلع أيام الأزمات أمر متوقع، وأشار إلى عدم دخول بواخر إلى السودان في الفترة الأخيرة بسبب تأثير وباء كورونا كما يحدث في كل العالم، مشيرًا إلى أن البضائع لابد أن تتعرض للتعقيم قبل دخولها البلاد.
وزاد بقوله: إن وزارة التجارة والصناعة عليها أن تبعد الوكلاء من السلع لأنهم سبب زيادة الأسعار، ضارباً المثل بزيادة أسعار (الويكة) بسبب تخزينها من قبل التجار لمقابلة شهر رمضان، مبيناً أنهم أقنعوا التجار ببيع إنتاج القمح للبنك الزراعي 3500 جنيه بدون وسطاء، ولكن بعض السماسرة والوكلاء عرضوا عليهم 4500 جنيه، ولهذا رفضوا البيع للبنك الزراعي، مبيناً أن على البنك الزراعي أن يضع فقط مائة جنيه على الجوال ويسلموا للمطاحن لتضع على الجوال 200 جنيه فقط، ليصل السعر إلى 3800 جنيه.
وقال: من الطبيعي في حالة الوباء أن تزيد متعلقاته من معقمات، ولابد من توفيرها بكميات كبيرة ومنع تخزينها مضيفاً حتى أسعار القرض زادت.
وطالب أبوبكر حمد بإنشاء آلية لإيقاف السماسرة عند حدهم ليتم البيع مباشرة من المنتج إلى المستهلك دون وسطاء كما نادى بتفعيل الصناعات الصغيرة لإنتاج الويكة وغيرها من المنتجات لتوفير السلع والعصائر.
وقال: في سبيل إيقاف فوضى المطهرات، قمنا بتدريب بعض الشابات على كيفية صناعة الديتول، ولكن أصبحت المشكلة في ارتفاع سعر القارورة من 15 جنيهاً إلى 85 جنيهاً.
الاحتكار
وأضاف قائلاً: منع الاحتكار يتطلب قيام جمعيات تعاونية للحرفيين (12) مليوناً لكل حرفي بتوفير كل منتجات أعمالهم اسمنت وسيخ ومعدات أخرى ووضعها تحت خدمتهم، إضافة إلى قوانين رادعة للمتلاعبين بقوت الناس عبر وزارة التجارة. وحول الزيادة الخرافية في أسعار الاسمنت قال: السبب هم وكلاء الاسمنت الذين يحتكرونه ويتحكمون في أسعاره مستغرباً من تحديد مصنع اسمنت بربر لسعر تأشيري للاسمنت يبلغ 16 ألف جنيه ويباع في السوق بـ 28 ألف جنيه في مفارقة غريبة وعجيبة لا تمت للاقتصاد بصلة..
الندرة والغلاء
من جانيه، أكد وزير الحكم الاتحادي يوسف آدم الضي في بيان له أن الظروف والأوضاع الاستثنائية المرتبطة بمكافحة جائحة كورونا لا ينبغي أن تستغل في إعاقة وحبس الناقلات الحاملة للبضائع والسلع والمحاصيل عند المعابر ونقاط المرور مما يحدث ندرة وغلاء فاحشاً..
وأشار الضي إلى أن البلاد دخلت كغيرها من دول العالم في الالتزام بمحاربة وباء كورونا، وقال إن البعض حاول استغلال هذه الأوضاع الاستثنائية للعمل على إعاقة حركة الناقلات الحاملة للبضائع والسلع والمحاصيل في المعابر ونقاط المرور ووجه بأن تطبق مراقبة صارمة لمنع مثل هذه الممارسات وأن تفتح الطرق فوراً أمام حركة البضائع والسلع من وإلى الجهات المعنية داخل وبين الولايات…
زيادات شركات ومصانع
تجار استطلعتهم الصيحة عن الزيادات الخرافية في السلع أشاروا إلى أنهم لا يعرفون السبب، لأن الزيادات من قبل المصانع وشركات السلع، وقال إنها زيادات غير مبررة تؤكد أن أصحاب بعض الشركات وأاصحاب بعض المصانع يستثمرون في وباء كورونا وتوقعوا زيادات أخرى بمرور الوقت إذا لم تتدخل الحكومة لكبح تلك الزيادات..
الدهشة
وقال صاحب بقالة لـ (الصيحة) أفاجأ يومياً بزيادات على أسعار السلع، وأعرب عن دهشته من التصاعد الجنوني في الأسعار، وقال إن الأسر أصبحت عاجزة عن الشراء بسبب تلك الزيادات، وقال: حتى الألبان طالتها تلك الزيادات..
الشنق في ميدان عام
وطالب مواطنون السلطات المختصة بالقبض على التجار والشركات والمصانع التي تلعب بقوت الشعب في زمن كورونا وإيقاع أقسى العقوبات عليهم، بل طالبوا بشنقهم في ميدان عام، وعلق المواطن عبد الله محمد طه قائلاً: ما فائدة أشخاص يستغلون حاجة الناس لتحقيق أرباح لهم دون وازع من ضمير أو أخلاق.
ومضى يقول: يبدو أن انشغال كل البلاد بكيفية مكافحة وباء كورونا شجع بعض التجار على وضع زيادات خرافية على الأسعار وبالتالي هم ارتكبوا جريمة كبرى يستحقون عليها الشنق حتى يكونوا عبرة للآخرين..
وأضاف: ألا يرى هؤلاء كيف يتدافع مواطنو الدول المحترمة من حولنا لعمل الخير ألم يشاهدوا كيف يوفر التجار السلع للمحتاجين في الطرقات.
نقطة ضوء
في الوقت الذي وصلت فيه أسعار المعقمات والكمامات إلى أسعار مرتفعة جدًا فقد انطلقت مبادرة صيادلة ضد الكورونا لتوفير معقمات وكمامات والمناديل والمحارم للمستشفيات والمراكز الصحية والأسواق ودور العبادة والأفران والأحياء السكنية ..
وقال لـ (الصيحة) الصيدلي الدكتور ياسر الصائغ الرئيس الفخري للمبادرة وأحد مؤسسيها، إن مبادرة الصيادلة هي امتداد لمبادرتها العام السابق لدرء كوارث الخريف، والآن تستهدف دعم مراكز الحجر الصحي والمساهمة في توفير الأدوية الضرورية والإسعافية والمستلزمات الطبية والمكملات الغذائية الضرورية والمساهمة كذلك في توفير الكوادر الطبية.