عائدو “ووهان”.. قنابل مَوقُوتة!!
تقرير- مريم أبشر
جدلٌ كثيفٌ يمثل قدرية الوضع الذي وجد الطلاب السودانيون أنفسهم فيه، وهم الذين ساقتهم الأقدار لينالوا العلم ولو بالصين، إذ قدر لجائحة كورونا (وباء الفيروس الفتاك) الذي أرعب كل دول العالم ولم يستثن العظمى منها أو دول عالم ثالث، أن يكون أول ضحاياها بمدينة “ووهان” عاصمة مقاطعة خوبي الصينية التي قصدها معظم طلاب السودان مُبتعثين أو على النفقة الخاصه لينالوا من جامعاتها حظاً من العلم.
ملابسات كبيرة ومُعقّدة صاحبت عملية إجلاء الطلاب البالغ عددهم (143) من “ووهان” الصينية بسبب صعوبة الإجلاء عبر الطيران بعد أن أغلقت الصين أبوابها جواً وبراً وبحراً، الى ان توجت المساعي من الجهات المختصة بالخرطوم مع تحركات البعثة السودانية في بكين وعبر مبادرة كريمة من دولة الإمارات العربية المتحدة، إثر مكرمة من الشيخ محمد بن زايد بن سلطان شملت طلاب كل الدول العربية بمدينة “ووهان”، وصل الطلاب لمدينة أبو ظبي وتكلفت الإمارات بحجزهم لثلاثة أسابيع فترة حضانة الفيروس بالمدينة الإنسانية في أبوظبي، غير أن ذات الطلاب صاحب وصولهم مطار الخرطوم قادمين من الإمارات الخميس الماضي بعد قضاء فترة الحجر الصحي جدلٌ من نوع آخر، إذ أن الطلاب وذويهم رفضوا بشكل حاسم قرار السلطات السودانية، إخضاعهم مرة أخرى لحجر صحي بالخرطوم لمدة أسبوعين، بل اعتصموا داخل الطائرة وبمطار الخرطوم بعد ذلك لساعات طويلةٍ، واشترطوا خروجهم من الطائرة إلى بيوتهم.
مُلابسات بالمطار
إثر ظهور إصابات وسط مُستشفيين في “ووهان” بعد إصابتهم بالفيروس، ارتفعت المخاوف لدى السلطات والمواطن السوداني تحديداً من احتمالات أن يكون العائدون يحمل بعضهم الفيروس، وذلك بعد أن رفضوا بشكلٍ قاطعٍ خُضوعهم مرةً أخرى للحجز الصحي.
ويفيد مصدر مسؤول بمطار الخرطوم شهد المُلابسات التي حدثت بمطار الخرطوم الدولي عصر الخميس الماضي، “الصيحة” بتأكيده أن الطلاب السودانيين العائدين من مدينة أبوظبي التي قضوا فيها ثلاثة أسابيع بعد إجلائهم من “ووهان” وصلوا مطار الخرطوم على متن طائرة فلاي دبي في تمام الساعة الثالثة بعد الظهر، وحسب الإجراءات، شددت الحكومة على اتّخاذها تجاه القادمين الى السودان بمُوجب قرار استثنائي يجب إخضاعهم لفحص دقيق لفيروس كورونا المعدي، وأضاف: كل الطلاب وأسرهم المرافقة خُضعوا للفحص، بيد أن ذات الطلاب البالغ عددهم 127 رفضوا الحجز مرة أخرى بالخرطوم، مشددين على أنهم خلال بقائهم في مدينة أبوظبي الإنسانية خُضعوا لعدة فحوصات كانت نتيجتها سلبية، ويشير المصدر إلى أن الطلاب وخلفهم ذووهم الذين كانوا في استقبالهم، أصروا على موقفهم، ولم تلفح الحكومة ممثلة في مسؤولين كبار، على رأسهم وزير الصحة من إقناعهم، بل إنهم اعتصموا داخل المطار (التارمك موقف الطائرات) وبث بعضهم وذووهم عدداً من اللايفات يرفضون فيها الحجز، وبعد جدل وأخذ وعطاء لساعات طويلة امتدت من الثالثة ظهراً وحتى الحادية عشرة ليلاً، تمكنوا من إقناع السلطات بالتوجه الى منازلهم وحجز أنفسهم داخلها مدة الأسبوعين المقررة لحضانة الفيروس.
قرار اختياري
أحد العائدين فضّل حجب اسمه قال لـ”الصيحة”، إن الطلاب وبعد خضوعهم لفترة حجز صحي لثلاثة أسابيع بالإمارات اختاروا قراراً بالعزل الاختياري داخل منازلهم فور وصولهم الخرطوم، وكشف أن المجموعة فضّلت أن لا تتحدث للوسائط الإعلامية في الوقت الحالي لحين انقضاء فترة الحجز الاختياري، وأضاف ان كل المجموعة على تواصل مع بعضهم البعض للتعرف على أحوالهم وأي مستجد.
خطأٌ فادحٌ
الدكتور محمد نوح المتخصص في الوبائيات ومدير الوحدة الطبية بسجن التائبات بأم درمان، يرى انه كان من المفترض أن يحول كل الطلاب لحجز صحي باعتبار أنه قرار حكومي لكل القادمين من الخارج عبر المطار، ويضيف فى حديثه لـ”الصيحة”، أن دخولهم ورفضهم الامتثال للأوامر يمثل خطراً على كل السودانيين، لجهة أنهم برغم فترة الحجز التي قضوها بالإمارات، إلا أنهم خلال عودتهم وبالمطار خالطوا آخرين، فضلاً عن ذلك فإنه ينبغي أن يكون هنالك تقرير مفصل بأحوالهم الصحية.
وفي ذات السياق، يرى آخرون أن تكسير الطلاب للأوامر ودخولهم في اعتصام بالمطار، ورفضهم الانصياع يمثل انتهاكاً لهيبة الدولة وعدم تنفيذ لقراراتها، وأضاف المراقبون أنّ الأوضاع الصحية في البلاد هشّة حيال هذا الوباء الفتّاك ولا تحتمل التساهُل خَاصّةً وأن أعداد الطلاب كبير وينتشرون في مواقع شتى بالبلاد!!
فلاش باك
وتُشير “الصيحة” إلى أنّ 160 طالباً سودانياً وعائلاتهم في “ووهان”، كانوا قد واجهوا ظروفاً صعبة بـ”ووهان” الصينية وسعت بعض الدول لإجلاء معظم جالياتها من المدينة الموبوءة بفيروس كورونا القاتل، ورفض الطلاب البقاء رغم مُناشدات الحكومة الصينية بأنها الدولة الأقوى في مكافحة الفيروس. وفشلت كل المُحاولات لإجلاء الطلاب المُحاصرين إلى أن تم نقلهم بمُبادرة إماراتية مع بعض طلاب الدول العربية، فيما فضّل ستة منهم البقاء بإرادتهم في الصين.