الحرص على الحقوق
*أفرجت السلطات الجمعة المنصرم عن القيادي أسامة عبد الله، هذا الاسم الذي أثار جدلاً واسعاً لمسكه العديد من الملفات كان أهمها السدود وما أدراك ما السدود.
*قبل سنوات قريبة كنت قد أجريت سلسلة من التحقيقات حول المهجرين من سد مروي وأظهرت تلك التحقيقات مدى الغبن والغضب في قلوب الكثير من المواطنين تجاه وحدة السدود، خاصة أولئك الذين تحولت حياتهم من نعيم إلى جحيم في بعض قرى التهجير.
*صورة أسامة عبد الله لم تبرح ذاكرتي وربما بعض الزملاء الذين كانوا معي في زيارة سد النهضة بأثيوبيا، خاصة حينما قابلنا مدير ذاك الصرح العملاق سمنجاو بقلي الذي وجد مقتولاً في وسط العاصمة الأثيويبية قبل سنوات قريبة، ودهشنا من الفوارق الكبيرة بين الرجلين، فأسامة صنع حوله إمبراطورية ضخمة صعب اختراقها فيما كان بقلي متواضع يقود سيارته بنفسه دون حراسات أو “هليمانه”.
*سد الألفية له فوائد عديدة للسودان، ولكن يجب أن نتعامل بمبدأ المصالح لتصلنا هذه الفوائد، ولا تضيع حقوقنا كما ضاعت حين إنشاء السد العالي في الشقيقة مصر.
*في السودان برزت الآن مجموعة مناهضة للطريقة التي يفاوض بها الجانب السوداني بخصوص فوائد سد النهضة وترى هذه المجموعة أن التفاوض هو الحل الوحيد لأزمة السد، ولكن في نفس الوقت تطرح أسئلة يرون أنها مشروعة وفي مقدمتها لماذا لم يوقع السودان على اتفاقية واشنطن في ظل إشارة الخبراء والبنك الدولي لضرورة استكمال دراسات أمان السد الأثيوبي؟ وما هي المضار الحقيقية التي تمس السودان من السد؟ وما هي مصالح بلادنا من هذا السد؟
*ذات الأسئلة كانت في أذهاننا ونحن نقف على جسم السد بأثيوبيا، فالإمكانيات الكبيرة التي سخرتها تلك الديار لقيام السد وكمية المياه التى ستخزن في جسم السد تجعل كل من يراها يتساءل عن فوائد السودان من هذا الصرح العملاق، وربما الإجابة الأولى لتلك الأسئلة كانت حول استفادة بلادنا من توليد الكهرباء خاصة وأن أثيوبيا لا تحتاج للكميات الكبيرة للكهرباء المولدة من السد، فمن مصلحتها تسويق هذه الكهرباء لدول أفريقيا وغيرها من دول العالم.
*حسناً.. إن كنا فعلًا نفكر في الاستفادة من كهرباء سد النهضة حتى نسد الفجوة في التوليد الكهربائي فمن الأسئلة المشروعة والبديهية، لماذا لا يوجد ممثل من خبراء الكهرباء مع وفد التفاوض طالما أن الهدف من السد توليد الطاقة؟ ولماذا لا يتم إشراك بيوت خبرة عالمية وسودانية غير حكومية في مجال تشييد السدود ضمن وفد التفاوض أو على الأقل أن يكونوا مستشارين لوفد التفاوض لضمان عدم استفراد وفد التفاوض بتقرير مصير ما سوف يكون عليه الشعب السوداني مستقلاً؟ الكثير من الأسئلة تدور في أذهان البعض حتى لا تتكرر أخطاؤنا السابقة إن كان في تضحية السد العالي أو سد مروي الذي لم يحل مشكلة “قطوعات الكهرباء” كما كان “يخضرنا” أسامة عبد الله الذي أطلق سراحه مساء الجمعة.
*نرجو أن تكون فائدة السودان كبرى من قيام هذا السد الضخم ولكن هذه الفائدة لن تأتي إلا بتكاتف الجميع وتشاورهم حتى لا تضيع الحقوق كما ضاعت من قبل حقوق.