دعم حكومة حمدوك.. نوافذ أمل الديمقراطية
ترجمة: إنصاف العوض
اشترطت صحيفة “فورن بولسي” الأمريكية، دعم الحكومات الغربية للحكومة الانتقالية السودانية للحفاظ على التحول الديمقراطي، وقالت الصحيفة إن السودان فتح نافذة للأمل وعلى الغرب ألا يغلقها، وأضافت: بالرغم من نجاح عملية التحول الديمقراطي في البلاد، فإن غياب الدعم الدولي سيؤدي إلى انهيارها، محذرة من أن يؤدى تأخر العالم في الاستجابة للأزمة الاقتصادية في السودان إلى إجهاض الديمقراطية في مهدها. وقالت الصحيفة إن الجهات المانحة تحجم عن المساعدة انتظارًا لتوضيح قادة الحكومة الانتقالية استراتيجيتهم الاقتصادية وخاصة المتعلقة برفع الدعم عن الخبز والوقود بالرغم من رفض بعض القوى السياسية والشعبية للخطوة.
إحجام دولي
وأبانت أن إحجام المانحين وتأخر العالم في الاستجابة للأزمة الاقتصادية في السودان يزيد من احتمال إجهاض التحول الديمقراطي الوليد في السودان مما يحتم عليهم إيجاد طريقة لدعم المسؤولين المدنيين وتعزيز شرعيتهم الشعبية، مشيرة إلى أن نقص الأموال، من بين أمور أخرى، يعوق عمل وزير العدل والنائب العام والتحقيق المهم في مذبحة 3 يونيو.
ربما كان أكثر التحديات إلحاحًا في السودان هو اقتصاده، الذي يعيش حالة يرثى لها بعد سنوات من فساد الحكومة السابقة، وسوء الإدارة، والإفراط في الإنفاق على القطاعين العسكري والأمني وارتفاع التضخم، وانخفاض سعر النفط الخام، مصدر الدخل الرئيسي، مما أدى إلى تمدد صفوف طويلة أمام المخابز ومحطات الوقود والتي كانت سببًا رئيسيًا في احتجاجات ديسمبر 2018 التي أطاحت بحكومة البشير، مما يحتم على الإدارة الانتقالية التوصل إلى حل سريع.
وضغطت الحكومة السودانية وبعض منظمات المجتمع المدني على الحكومة الأمريكية لرفع تصنيفها للسودان كدولة راعية للإرهاب والتي تبقي على العقوبات التجارية في مكانها، وتحد من القروض الدولية، وتثبط الاستثمار الأجنبي. وترى هذه الجهات أن الإبقاء على القائمة والعقوبات ذات الصلة يمكن أن يقوض الانتقال الديمقراطي.
مؤسسات مدنية
وانتقدت الصحيفة تأجيل تعيين الحكومة للمجلس التشريعي والنواب المدنيين. وقالت أحد الأعذار المقدمة للتأجيل هو انتظار اختتام محادثات سلام دارفور لتمثيل الجماعات المسلحة في المجلس التشريعي، على الرغم من أن المحادثات تسير ببطء. وأفضل طريقة هي إنشاء المجلس التشريعي الذي تشتد الحاجة إليه الآن، وحجز مقاعد معينة للمجموعات المتمردة لشغلها بمجرد اختتام محادثات السلام. مبينة أن الحكومة الانتقالية لم تشكل اللجان الموعودة بحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والانتخابات، فضلاً عن عدم قيامها بإصلاحات مؤسسية ذات مغزى.
وأشارت الصحيفة إلى العديد من التغييرات الإيجابية خلال عمر الفترة الانتقالية القصير، وقالت: للمرة الأولى منذ أكثر من 14 عامًا، رحبت الحكومة السودانية الشهر الماضي بوفد هيومن رايتس ووتش، الذي ترأسته، لعقد اجتماعات رسمية في الخرطوم. ويشير هذا التحول الرائع إلى انفتاح جديد نحو العالم بعد أن أجبر المتظاهرون الرئيس السابق عمر البشير على التنحي في أبريل الماضي، كما أجبر الضغط المستمر من المحتجين الجيش وحلفاءه شبه العسكريين على السماح بدرجة كبيرة من الحكم المدني.
أجواء مبهجة
وأضافت هناك أجواء مبهجة من الأمل في الخرطوم لبناء ديمقراطية تحترم الحقوق. لكن القوى القوية لا زالت تقاوم، ويتضح ذلك جلياً من محاولة اغتيال رئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك، في 9 مارس فى وقت لا تزال فيه هوية المهاجمين مجهولة، وهناك حاجة إلى دعم دولي سريع لتجنب تبديد هذه الفرصة النادرة للديمقراطية في السودان.
ولقد أحرز السودان قدراً كبيرًا من التقدم في العام الماضي. وبفضل مقاومة السكان السودانيين لأي عودة للحكم العسكري، اتفق القادة العسكريون في يوليو على تقاسم السلطة مع المدنيين وبذل كبار المسؤولين قصارى جهدهم للإعلان عن التزامهم بالإصلاح الديمقراطي، وكرر رئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء حمدوك رغبتهما في تعزيز احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، بما في ذلك التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرات توقيف بحق البشير وأربعة آخرين بتهمة توجيه فظائع في إقليم دارفور بغرب السودان. وكان هذا تحول ملحوظ بعد سنوات رفض فيها البشير الاعتراف بالمحكمة.
ويقوم وزير العدل نصر الدين عبد الباري، الذي تلقى تعليمه في جامعة جورجتاون بواشنطن، بإصدار قوانين جديدة، وتعليق قوانين النظام العام التمييزية، وحظر الجلد وهو شكل من أشكال العقاب البدني الذي ينتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان. شكل النائب العام تاج السر الحبر لجانًا للتحقيق في أخطر الفظائع الماضية، وهي خطوات مهمة يجب أن تكمل عمل المحكمة الجنائية الدولية.