ضرورة الإجلاء
*منذ إغلاق المعابر السودانية تحسباً لدخول كورونا ودموع التوم الصغير أيهم وبانا محمد عبد المنعم لم تجف، كلما تذكر الصغيران والديهما وهما بعيدان عنهما وشقيقهما انهمرت مقلهم دامعة شوقاً وحنيناً الى حنان والدتهم وتوجيه والدهم الذي استشفى من داء في العيون بقاهرة المعز لدين الله.
*قصة محمد وزوجته وعوضية وزوجها خليفة مثلها المئات من القصص بل الآلاف من أبناء السودان الذين توجهوا للقاهرة للعلاج فتحولت تلك المدينة المصرية الى سجن كبير وحركة محدودة خوفاً من كورونا التي انتشرت بكثافة في شمال الوادي.
*أمس كتبنا في هذه المساحة عن ضرورة إجلاء الدولة للعالقين بالمعابر وفي العاصمة المصرية خاصة وأن جلهم انتهت فترة علاجه وبعضهم نفدت أموالهم وغيرهم طرد من الشقق التي كان يسكن فيها لعدم مقدرتهم على دفع الإيجار.
*وبعد مقال الأمس اتصلت على الأخت عوضية عبد المنعم من القاهرة ووصفت لي الحالة التي يمر بها المئات من المواطنين السودانيين الذين انتهت فترة علاجهم ويشدهم الحنين بالعودة للوطن ولكن “دولتنا الموقرة” ترفض عودتهم بإغلاقها المعابر والأجواء في طريقهم.
*وفي هذه الصحيفة أمس أيضاً اتصلت الزميلة مريم أبشر بالقائم بأعمال السفارة السودانية بالقاهرة خالد الشيخ، وقال لها في حواره إن أمور السودانيين مرتبة وإن هناك ميزاينة مخصصة من الدولة لهذا الغرض، ولكن السيد خالد يبدو أنه تغاضى عن ذكر أن هناك آباء بعيدون عن أبنائهم وأمهات بعيدات عن أسرهن، ولم يذكر أيضاً أن الحالة النفسية التي يعاني منها الكثير من السودانيين بالقاهرة هذه الأيام لا يعوضها إلا شيء واحد فقط هو العودة لوطنهم.
*قلنا من قبل ونكرره مرة أخرى لماذا لا تخصص الدولة جسراً جوياً للسودانيين بالقاهرة وحجرهم في بلدهم بدلاً من البهدلة في بلاد الغربة، بلد يطرد فيها السوداني لعدم دفعه إيجار ايام معدودة في شقة قد تكون غير مستوفية للشروط الصحية ولكنها الحاجة التي تفرض على البعض البقاء فيها من أجل العلاج.
* خالد قال كذلك في حواره إن السفارة استقبلت أكثر من 100 شخص والبعض الآخر وصل بشكل فردي وتم استقبالهم وإيواؤهم وحل كل مشاكلهم، ولكن هل فكرت السفارة أن مشكلة هولاء ليس في الإيواء في بلاد”الغربة” وإنما الحل في وصولهم إلى ديارهم معززين مكرمين.
*نرجو أن تنظر “دولة حمدوك” إلى السودانيين بالقاهرة ومعابرها بعين الاعتبار وأن يضعوا في أذهانهم إلى آلاف من الأسر في انتظار أهلهم المرضى بعد التعافي وغيرهم من الأطفال في شوق وحنين إلى والديهم بعد رحلة علاج ربما تكون طويلة في الشقيقة مصر، وفي تقديري الحل في جسر جوي لإجلاء كل الراغبين في العودة بعد انتهاء فترة علاجهم وإخضاعهم لفحص وحجر للفترة الصحية المتبعة حتى لا يصاب أهلنا بهذا الوباء المنتشر بين إخوتنا في شمال الوادي.