حظر التجوال.. السودان سابقة جديدة!
تقرير: عبد الله عبد الرحيم
أعلنت الحكومة فرض حظر التجوال، من الساعة الثامنة مساء إلى السادسة صباحاً، ابتداء من أمس، في إجراء لمنع انتشار فيروس كورونا في البلاد. وإضافة لحظر التجول، أعلن السودان وقف جميع سفريات نقل الركاب البرية بين المدن السودانية اعتباراً من صباح الخميس. وتقول السلطات إنها سوف تستمر في اتخاذ إجراءات احترازية صارمة لمنع انتشار المرض، رغم عدم ظهور حالات إصابة جديدة مؤكدة بكورونا. وكان السودان قد أعلن فرض حالة الطوارئ الصحية في البلاد، بهدف الحد من تفشي “كوفيد-19″، وقررت السلطات إغلاق كل المطارات والمعابر باستثناء شحن المساعدات والشحن التجاري. وفي وقت سابق، أعلنت وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي تعليق الدراسة بمؤسسات التعليم العالي لمدة شهر.
هذا الإعلان بدأ الكل يتخوف من إنه لم يكن مألوفاً لجهة أن فرض حظر التجوال في الفترات السابقة كان يأتي بغرض سياسي غير هذه المرة، الأمر الذي جعل منه أمراً مستغرباً ويتخوف الجميع من نجاحه في وضع حد لإنتشار المرض.
إعلان وحظر
وتعرف حالات طوارئ الصحة العامة (PHEIC) بأنها هي التي تقع تحت محل الاهتمام الدولي، بأنه إعلان رسمي لأزمة صحية عامة محتمل أن يكون لها تمدد عالمي، تصدره لجنة الطوارئ التابعة لمنظمة الصحة العالمية والتي تعمل تحت لوائح الصحة الدولية. وفقاً لتعريف منظمة الصحة العالمية. كما تعرفه الصحة الدولية: بأنه حدث استثنائي يشكل خطراً على الصحة العامة للدول الأخرى من خلال انتشار المرض بين الدول، وقد يتطلب استجابة دولية مُنسَّقة. وتقول منظمة الصحة إن التعريف يحدد سمات معينة للأزمة الصحية المحتمل انتشارها دوليًا، فمن شروط الموقف أن يكون خطيراً، أو مفاجئاً، أو استثنائياً غير معتاد بما قد يتطلب تحركاً دولياً فورياً. ويعتبر الإعلان بمثابة دعوة للعمل عبر (برنامج عمل)، وتدبير أخير. ويؤدي الإعلان عن حالة طوارئ عالمية إلى تقديم توصيات إلى جميع البلدان تهدف إلى منع انتشار المرض عبر الحدود أو الحد منه، مع تجنب التدخل غير الضروري في التجارة والسفر. ويشمل الإعلان توصيات مؤقتة للسلطات الصحية الوطنية في جميع أنحاء العالم، والتي تشمل تكثيف إجراءات الرصد والتأهب والاحتواء.
ست مرات
وقال د. نوح محمد أستاذ الطب بالجامعات السودانية، إنه وبناء على تاريخ منظمة الصحة العالمية، فقد أعلنت حالة الطوارئ العامة 6 مرات أخرها في 30 يناير 2020 بعد إعلان فيروس كورونا الجديد. وقد صدر أول اعلان PHEIC في أبريل 2009 عندما كانت جائحة H1N1 (أو وباء انفلونزا الخنازير) لا يزال في المرحلة الثالثة، كوسيلة قانونية ملزمة دولياً للوقاية من الأمراض ومراقبتها والسيطرة عليها والاستجابة لها والتي اعتمدتها 194 دولة. وتم الإعلان عن أربع حالات طوارئ الصحة العامة في الفترة ما بين عامي 2009م و2016م. وظهرت الحالة الخامسة “وباء إيبولا” والمسماة بوباء “كيفو إيبولا” ما بين عامي 2018م و2019م، وتم الإعلان عنها تحديدًا في السابع عشر من يوليو لعام 2019م. كما صدر إعلان PHEIC الثاني في مايو 2014 مع عودة ظهور شلل الأطفال بعد شبه القضاء عليه، واعتُبر ذلك “حدثاً غير عادي”. وفي 8 أغسطس 2014، أعلنت منظمة الصحة العالمية ثالث حالة “طوارئ صحية عامة مثيرة للقلق الدولي” PHEIC رداً على تفشي مرض الإيبولا في غرب أفريقيا. والحالة الرابعة كانت في فبراير، 2016، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية رداً على مجموعات من صغر الرأس ومتلازمة غيلان باريه المشتبه بهم، رغم أنه لم تثبت علمياً، لتترافق مع اندلاع فيروس زيكا في الأمريكتين.
سابقة أولى
وقال د. محمد نوح محمد مدير الصحة بسجن أم درمان وأستاذ الطب لـ(الصيحة)، إنه ليست هناك حالات مشابهة في تاريخ السودان الحديث ولا القديم أن تم إعلان حظر التجوال في السودان لأمر صحي، وقال إن فرض الحظر وتطبيقه يأتي وفقاً لتقديرات مسؤولي الصحة بالبلاد، وزاد بقوله: ليس بالضرورة أن تكون هناك سوابق لاتخاذ مثل هذا القرار. وأوضح د. نوح بأن تقديرات منظمة الصحة العالمية التي أكدت أن الوضع الصحي الدولي مهدد بفايروس كورونا 19، التي فرضت على معظم دول العالم المتأثرة بهذه الجائحة إلى تطبيق فرض حظر للتجوال بشكل تام وليس جزئياً كالسودان. وقال: ولأن السودان يقع في محيط أفريقي متأثر بجائحة كورونا كان لزاماً عليه أن يفرض هو أيضاً حظراً للتجوال فهو ليس استثناء من تلك الدول التي اتخذت هذه الفرضية حتى لا يكون مؤثراً سالباً في الصحة العالمية. وتوقع نوح نجاح التجربة في تخفيف أثر انتشار الوباء في ظل الفروقات الكبيرة بينه وبين دول العالم المتقدم في وسائل المكافحة واستنباط الأدوية والمعالجات الصحية.
ونفى د. السر محمد علي الأكاديمي والمحلل السياسي أن تكون هناك حالة مشابهة لفرض حظر التجوال في السودان لأغراض الصحة العامة، ولكنه أشار إلى أن كل حالات الحظر التي اتبعت في الأنظمة السابقة كانت تحت أهداف ورايات سياسية بحتة, وقال السر لـ(الصيحة) إن هذه الحالة تعتبر الأولى في تاريخ السودان وسابقة في ظل انتشار هذا الوباء عالمياً، لكنه قال إن للسودان تجربة مع الطوارئ الصحية فيما يتعلق بانتشار مرض إيبولا الذي ضرب العديد من الدول الأفريقية، لكنه لم يتطور لمرحلة إعلان حظر التجوال كما هو الآن.