الخرطوم: سارة إبراهيم
الفروقات الناتجة عن تباين أسعار الصرف وتعدد الأسعار في السوق السوداني تمثل معادلة مختلة في جسد الاقتصاد السوداني، وهي علة لازمت الاقتصاد منذ فترة ليست بالقريبة، ومع تعاقب الحكومات والسياسات بالتالي أضحى من الضروري إعادة النظر في الأمر واستحداث مصارف إلكترونية في هذا المجال، ورهن عدد من الخبراء في المجال حل أزمة واستقرار سعر الصرف بمعالجة الأزمة السياسية في البلاد عبر المصالحة الشاملة بما يسهم في الاستقرار الاقتصادي.
وأكد الخبير الاقتصادي د. محمد زين أحمد، أن سعر الصرف في السودان أصبح يشكل هاجساً. لافتاً إلى وجود 3 أنواع من الأسواق تتمثل في السوق الرسمي والموازي والأسود، وأضاف أن السوق الأسود هو الأخطر لتوسعه بصورة مخيفة مما ساهم في تدهور الإقتصاد السوداني. وقال إن معدلات التضخم مرتبطة بسعر الصرف والذي يعتبر الأداة الرئيسية ذات التأثير المباشر على العلاقة بين الأسعار المحلية والأسعار الخارجية، وعبر عن أسفه خلال ندوة (سياسة سعر الصرف في السودان ما بين التحرير التثبيت)، التي نظمها مركز الحوار للتدريب أن كل سياسات الدولة لم تفلح في توحيد سعر الصرف منذ تطبيق برنامج الإستراتيجية القومية الشاملة. مؤكداً أنه كلما ارتفع سعر الصرف انخفضت قيمة الجنيه السوداني، مشيراً لوجود خلل كامن في سياسات سعر الصرف غير الفعالة والتي لم تستطع إيقاف الارتفاع الجامح لسعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية وخاصة الدولار مما أضعف قيمة الجنيه والقدرة التنافسية للصادرات السودانية. داعياً إلى أهمية تطبيق نظام الصرف المرن لإزالة التشوهات والاختلالات في سعر الصرف مع التحول التدريجي نحو التحرير الكامل لسعر الصرف، وأرجع عدم تثبيت السعر لإهمال الحكومة القطاعات الإنتاجية وتدهور الوضع في البلاد عقب انفصال دولة جنوب السودان، مطالبًا الدولة بالاهتمام بزيادة الإنتاجية، وأقر بتأثير زيادة الدولار الجمركي على الاقتصاد الوطني، داعياً للاهتمام بالصناعات المحلية وتقليل الواردات.
فيما اعتبر الخبير الاقتصادي د. أحمد عبد الله الميزان التجاري أهم حساب في ميزان المدفوعات، وأن التضخم المالي يؤثر على قيمة الصادرات. مشدداً على أهمية الاستقرار السياسي لتأثيره في استقرار سعر الصرف. داعياً إلى مراجعة السياسة النقدية والمالية ووضع سياسات إصلاحية في المدى القصير مع ضرورة انتهاج سياسة إصلاحية في المدى الطويل للقطاع الحقيقي، لافتا لضرورة الاهتمام بالاقتصاد الخفي الذي يحقق إيرادات كبيرة، وشدد على السيطرة على الاستيراد فضلًا عن الرقابة على سعر الصرف الأجنبي الحر في عمليات (البيع والشراء) بكل الوسائل مشددًا على الاهتمام بالقطاع الحقيقي بشقيه.
وفي الأثناء قال الخبير المصرفي د. لؤي عبد المنعم إن تحويل الرصيد سحب كل الكتلة النقدية من المصارف لشركات الاتصالات. داعياً إلى إعادة هيكلة الجهاز المصرفي والجمارك والحد من التهريب، بجانب تغيير العملة. مشيرًا للفشل في استقطاب مدخرات المغتربين، ورهن الخطوة بالضرائب الكبيرة المفروضة عليهم في ظل انعدام الخدمات المصرفية، وقال: لابد من الاستفادة من التمويل العقاري للمغتربين، وانتقد سياسة الإنقاذ في منح إنتاج وتصدير الذهب لشركات الامتياز الأجنبية مع الاحتفاظ بالعائدات بالخارج. وتابع لؤي: باحتكار الحكومة الانتقالية للذهب عبر شركة الفاخر التي انطبقت عليها الشروط دون غيرها، وقال: رغم أن الدعوة كانت موجهة لكل الشركات إلا أن الشروط لم تكن في متناول يد الجميع
مقترحاً إنشاء شركة مساهمة عامة لتصدير الذهب، وشكا من تزوير العملة في الخارج بجانب دخول الشبكات الإجرامية التي تعمل في تزوير العملة للبلاد، وحذر من مغبة شراء الدولار بالعملة المزورة لافتاً لوجود شراء من الصرافات وبيعها بسعر السوق الأسر، معيباً استغلال البعض الاستيراد دون تحويل قيمة في الإضرار بالقطاع المصرفي واستنزاف الكثير من أرصدة الاحتياطات، وطالب لؤي لإنجاح سياسة سعر الصرف لابد من خفض الإنفاق العام وإدماج المصارف في خمسة مصارف لتوفير التمويل للمشاريع ذات العائد السريع.