* لا حديث في العالم هذه الأيام سوى تناول أخبار كورونا وعدد المصابين والمشتبه فيهم، والتحذيرات المتلاحقة للوقاية من هذا المرض الخطير الذي أرهب العالم أجمع.
*في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي بدت شابة سودانية يبدو أنها ولدت في خارج السودان، وكذلك عاشت بالخارج، بدت غاضبة من عدم اهتمام واكتراث البعض بخطورة المرض في السودان، وضربت مثلاً بإيطاليا التي أهمل أهلها المرض في بداياته، ثم كانت العواقب الوخيمة بعد ذلك في مدنها الجميلة.
*وعدم اهتمام السودانيين بصفة عامة يبدو واضحاً في الكثير من المواقف التي مررنا بها والأزمات التي لاحقت العالم في سنوات سابقة، ولكن الأخطر في عدم الاهتمام حينما يكون من طبقة مستنيرة عرفوا “بملائكة الرحمة”، ومؤكد حينما نقول ذلك نقصد القليل منهم لأن جلهم من الكفاءات الكبيرة التي يشهد لها العالم أجمع والعربي على وجه الخصوص.
*لا أريد التطرق للطبيب “نائب الاختصاصي” الذي ترك زوجته في الحجر وجاء لاستلام عمله الجديد في أحد مستشفيات الخرطوم، ولكن سأتحدث عن موضوع ربما لا يقل خطورة عن فعلة هذا الطبيب.
*وبدأت القصة حينما اتصل بي الأخ محمد أحمد سليمان، وهو من الذين نثق في حديثهم، ونقل لي تفاصيل إجراء عملية لخاله في أحد مستشفيات الخرطوم المعتقة والتي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي للعاصمة “المثلثة”، وبدأت تفاصيل القصة حينما حددت إدارة المستشفى للمريض إجراء عملية جراحية مستعجلة، وتم الانتهاء من كافة الإجراءات المتعلقة بالمريض من تجهيز الدم والصيام وغيره.
*وفي اليوم المحدد لإجراء العملية تأخر حضور الممرضين لأخذ المريض لغرفة العمليات، وحينما سأل أهل المريض عن سبب التأخير كان العذر الأقبح من الذنب، حيث لا توجد “مرايل” ليرتديها المريض، علماً بأن المريض من أصحاب مرض السكر.
*اجتهدت أسرة المريض في إحضار “مريلة” بطريقتها الخاصة “شراء مريلة بقرابة الألف جنيه، وظلوا ينتظرون دورهم في العملية، وبعد انتظار طويل دخل المريض وأهله في انتظار البشرى بنجاح العملية والاطمئنان على صحة مريضهم.
*تخيلوا بعد شراء مريلة طبية من صيدلية خارجية وصوم قرابة اليوم وقلق وانتظار يخرج المريض دون أن تجرى له العملية التي أتلفت أعصاب أهله بسبب أن المخدر وقته انتهى ولن يعمل بعد هذا الزمن.
*بربكم هل توجد دولة في العالم يحدث فيها مثل هذا السيناريو؟ هل هناك وزير للصحة ووكيل ومديري مستشفيات يتابعون ما يجري داخل هذه المرافق الصحية؟ بالطبع لا يوجد في العالم دولة تفعل هذا إلا في السودان، ولن تجد فوضى طبية إلا في السودان، ولن تجد إهمالاً طبياً مثل الذي يحدث في السودان، وبعد ذلك تريد الجهات الصحية أن تحاصر كورونا التي هزمت دول العالم الثالث؟
* إن ما يحدث في المستشفيات العامة يحتاج للكثير من المراجعة والمتابعة، وما حدث في تلك المستشفى وغيرها من المستشفيات الحكومية يحتاج لثورة أقوى من التى حدثت في ديسمبر لتصحيح الأوضاع الخاطئة.
*فضلاً عدم ذكر المستشفى حتى لا تفقد بعضاً من جمالها الذي يتصوره البعض وهم بالطبع يعرفون ما حدث في بحر هذا الأسبوع، على أمل أن يصحح الوضع من وزارة الصحة والقائمين على إدارة المستشفى.