أزمة الوقود والدقيق.. الوضع بالولايات!
الخرطوم: جمعة عبد الله
ما من شك في أن البلاد تواجه نقصاً وصل حد الأزمة في السلع الاستراتيجية، مما أدى لتزايد معاناة المواطنين في الحصول على الخبز والوقود، كما تأثرت المواصلات سلباً بهذا النقص، والناظر للأزمة يجدها متركزة، أن يتركز الاهتمام بها في العاصمة “مركز الثقل السكاني” لكن بنظرة من زاوية أخرى للولايات تجد ذات الأزمات أن تفوقها في الحدة، وأدى نقص الدقيق لتوقف حصص عدة مدن رئيسية لأكثر من شهر، فيما شرعت ولايات لتطبيق تجربة الخبز التجاري، مع رفع تعرفة الخبز المدعوم.
وشرعت الحكومة مؤخراً وبعد تزايد الأزمات لتكوين “آلية لإدارة الازمة” أسندت رئاستها أول الأمر لنائب رئيس المجلس السيادي، قبل أن يتولاها رئيس رئيس الوزراء بنفسه، تشمل تحديد الاحتياجات الفعلية من السلع والتوصية بتوفيرها ووضع تدابير رقابية على الأسواق والسلع، إلا أن محصلة جهود هذه اللجنة لم تتضح حتى الآن بسبب حداثة تكوينها وعدم وجود نتائج واضحة لعملها، ومن غير المعلوم أن تسهم الآلية في تغيير الحال لكون أن الأزمة أعمق وأشمل تأثيراً وحلها مرتبط بتعافي الاقتصاد القومي ككل.
5 جنيهات للخبز
وأكد رئيس اللجنة الفنية لتوزيع ومراقبة الدقيق بولاية وسط دارفور محمد خميس عبد الرحمن، أن السلطات حددت رسميًا خمسة جنيهات سعراً لرغيفة الخبز التجاري زنة 70 جراماً وجنيهين ونصف للرغيف المدعوم زنة 50 جراماً من الخبز المدعوم، وقال خميس في تصريح صحافي إن تقسيم أسعار الخبز خلق نوعاً من الوفرة وحقق رضا نسبياً، مشيراً إلى تشكيل لجنة لمراقبة المخابز بمحلية زالنجي لمراقبة المخابز وضبط الجودة والتأكد من الوزن والسعر ومراجعة الرخص والتصاديق للمخابز، في حين بلغ جوال الدقيق المدعوم بالولاية 970 جنيهاً والدقيق التجاري 2900 جنيه.
عقوبات المهربين
فيما كشف والي الولاية المكلف اللواء الركن سليمان الأمين مساعد، عن إصدار قوانين رادعة وإنشاء محكمة طوارئ فورية لمحاكمة مهربي السلع الاستراتيجية والمدعومة، مشيراً إلى انتشار القوات النظامية على المعابر لمنع التهريب، وقال إن أي مركبة يتم ضبطها محملة بالمواد المدعومة سواء كانت بترولية أو مواد غذائية تتم محاكمتها فورًا، أشار الوالي إلى سعيهم لإشراك قوى الحرية والتغيير في مراقبة توزيع الدقيق والجازولين، إلا أن الخلافات بينهم لم تمكنهم من الجلوس معهم في أمانة الحكومة، مشيراً إلى وجود لجان لضبط العربات غير المقننة، وقال إن حكومة الولاية ستقوم بتطبيق نظام البطاقات في محطات الوقود لمنع التلاعب فيه.
وفي ولاية كسلا، أدت أزمتا الخبز والوقود لخروج المواطنين في تظاهرات منذ مطلع الأسبوع، حيث شهدت عدة مناطق بالمدينة تظاهرات بسبب شح الوقود والخبز، وأبلغ مواطنون “الصيحة” أن الوضع بات أكثر صعوبة بسبب انعدام المواصلات ومضاعفة التذكرة وصعوبة الحصول على رغيف الخبز مما دفعهم للخروج في تظاهرات للفت نظر السلطات، كما أغلق مواطنون السوق الشعبي بالمدينة احتجاجاً على ارتفاع تذكرة البص بين “حلفا- كسلا” إلى 300 جنيه بدلاً من 75 جنيهاً.
وذات الأمر تكرر بولاية نهر النيل التي شهدت توقفاً لحركة البصات السفرية بين “الخرطوم ونهر النيل” بسبب الوقود، واشتكى مواطنون من الانتظار منذ صباح أمس لإيجاد مركبات تقلهم دون جدوى، فيما أكد ممثلون لمكاتب البصات السفرية بمدينة عطبرة توقف حركة البصات تماماً، وقالوا إن بعض مكاتب الحجز أغلقت ابوابها لأن البصات لم تجد الوقود.
أهم المشكلات
وبالتوازي مع هذه الأزمة خاصة في الخبز، تزايدت المعاناة أمام المواطنين بعد تطبيق بعض شركات الطحن زيادات جديدة على أسعار الدقيق التجاري، فيما ارتفع جوال السكر الكبير إلى 4 آلاف جنيه بعدد من الولايات، حيث ارتفع باكت الدقيق إلى 650 جنيهاً، مقارنة بسعره السابق 580 جنيهاً، كما تتزايد أسعار السكر والزيوت كلما بعدت الولاية عن المركز بسبب تكلفة الترحيل والنقل التي ارتفعت بدورها تزامناً مع استفحال أزمة الوقود التي تضطر بعض الشاحنات للتزود بالوقود من السوق السوداء بالولايات نسبة لعدم توفر محطات خدمة كافية خاصة في المناطق البعيدة، وهي تكلفة إضافية يتحملها في نهاية الأمر المستهلك “المواطن”. وتتمثل إحدى أهم مشكلات البلاد في التزايد السنوي لمعدل الاستهلاك وفقاً لعوامل موضوعية مع تناقص الإنتاج أو بقائه على معدل ثابت لعدة سنوات، وهو ما يتجلى بالفعل في قطاع المشتقات النفطية، حيث أثر نقص الوقود المنتج في مصافي التكرير في مشكلات، وذات المشكلة يمكن تعميمها على الدقيق وبقية الخدمات، وفي كل حين يعاني مواطنو الولايات الأمرين وهم الأكثر تأثراً بكل أزمة عارضة كانت أم مستمرة.