الخرطوم: جمعة عبد الله
فتحت زيارة مساعد وزیر الخزانة الأميركي لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب، مارشال بيلينغسلي للسودان ولقاؤه بمحافظ بنك السودان المركزي، الباب أمام القطاع المصرفي للشروع في مواكبة اشتراطات المصارف العالمية والتمهيد للاندماج في القطاع المصرفي العالمي، ولكن ذلك مرهون بتحديات ينبغي تذليلها.
الحاجة للرقابة
وخلال الزيارة، قال مساعد وزیر الخزانة الأميركي إن أي تعامـل مع المصارف في بلاده یتطلب التزاماً بقدر عالٍ من معاییر الحوكمة واقـترح على محافظ بنك السودان وممثلين عن المصارف السودانية زیارة بعض المصارف الأميركية والتحدث إليهم مباشرة، وأوصى بتنقية النظام المالي من أي شبهات لغسل الأموال إلى جانب تحويلات الأرصدة عبر الموبايل التي تفتقر للرقابة الكافية، وأكد طبقاً لبيان من بنك السودان المركزي على ضرورة تحصين تحويلات الأرصـدة إضافة لفرص الاستفادة من التقانات الأميركية في تنمية الاقتصاد السوداني، وأكد أن أي تعامـل مع المصارف الأميركية یتطلب التزاماً بقدر عالٍ من معایـیر الحوكمة. وطلب المسؤول الأميركي بإیجاد مساحة استثمارية تكون جاذبة للشراكات والمشروعات الأميركية خاصة في مجالات النفـط والذهب.
وتناول اللقاء بين محافظ المركزي ومسؤولي وفد الخزانة الأميركية تنويراً عن أوضاع السياسات النقدية وسياسات البنك المركزي، وأھمیة تعزيز استقلاليته كما ناقش اللقاء فرص التعاون بين الجانبين.
بدوره طالب محافظ بنك السودان المركزي بدر الدين عبد الرحيم بتسريع فتح قنوات المراسلات المصرفية الخارجية لاستلام التحويلات والاستثمارات وتعزيز التجارة الخارجية خـاصة استعادة سـوق الصادر الأوروبي والذي يعد أكبر الشركاء التجاريين قبل الحظر، وأعلن بنك السودان المركزي عن الفراغ من إعــداد مسودة دليل وموجهات إرشادية لرفع كفاءة المصارف والمؤسسات المالیة غیر المصرفية في مجــال مكافحة غسـل الأموال وتمويل الإرهاب تمھیداً لخوض الجولة الثانية من إجراءات التقییم المتبادل بواسطة النظراء.
وفي يناير الماضي، ألمح مساعد وزير الخارجية الأمريكي تيبور ناج خلال زيارته للسودان لإمكانية رفع القيود المصرفية، وقال حينها إن القيود المصرفية المفروضة على السودان ليست إجراءات فنية بل تتعلق بالسمعة المصرفية التي تتطلب الاستعادة من جانب الخرطوم، واستبق البنك المركزي تلك الإجراءات بمخاطبة المصارف المركزية بعدة دول والمراسلين لتنشيط علاقات المراسلة المصرفية.
مخاطر الانفتاح
ويرى الخبير المصرفي، د. خالد الفويل، أن الفرصة سانحة أمام القطاع المصرفي للتعامل مع كافة المؤسسات العالمية النظيرة، موضحاً أن الأمر يتطلب إجراءات تقنية وفنية وإصلاح السياسات بما يضمن استقرار القطاع ويقلل من حجم المخاطر التي تواجه المصارف. وقال الفويل لـ “الصيحة” إن التوقعات تشير لتحسن تدريجي للقطاع المصرفي، ومن المستبعد أن يتم الاندماج دفعة واحدة، مشيراً إلى أن العديد من العقبات ما تزال حاضرة بقوة خاصة في الجانب التقني، وزاد: لا أريد القول إن المصارف السودانية غير جاهزة تقنياً، ولكنها تحتاج لعدد من التحسينات وتطوير أنظمتها، وتقنين وضعها وأن تجتهد للمواكبة للتقنية الإلكترونية، والسعي في ترتيبات فنية وتقنية وعقد اتفاقيات تعاون مع البنوك الخارجية في التمويل والدور المصرفي عالمياً، وقال إن كل تلك الجوانب مهمة للإندماج في النظام المصرفي العالمي، وتوقع إجراء عدة تعديلات على السياسات المالية لوزارة المالية والسياسات النقدية للبنك المركزي وكذلك السياسات الضريبية لمواكبة القرار وضبط سوق النقد الأجنبي، وأن تكون بشكل عملي حتى لا يحدث تضارب بين هذه السياسات، موضحاً أن الفترة السابقة شهدت الكثير من المخاطر أمام الانفتاح المصرفي مع العالم.
الحوكمة والهيكلة
ويشير مختصون إلى ضرورة إعطاء الأولوية لإصلاح القطاع المصرفي لتشجيع الاستثمار الخاص، موضحين أن الرقابة المصرفية ما تزال ضعيفة، في ظل عدم اختبار جدي لقدرة البنك المركزي على مكافحة المخالفات التي تتم في بعض البنوك. وتحتاج المصارف السودانية إلى الحوكمة وإعادة الهيكلة حتى تطمئن المصارف الخارجية للدخول في تعاملات مع السودان دون خوف من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، لجهة أن أوضاع المصارف لا زالت كما هي عليه قبل الثورة، وأن التعامل مع المصارف العالمية يتطلب الإصلاح المؤسسي ووجود نظام وقانون وعقاب واحترام للقرارات إلى جانب عدم وجود أي عمليات للفساد فضلاً عن حفظ الحقوق، ومن المتوقع في حال الوفاء بهذه المطلوبات أن تتعامل المصارف العالمية مع السودان حتى إذا استمر الحظر. وتمنع معظم البنوك والشركات الاستثمار الخاص بسبب عدم وضوح النظام الاقتصادي بأكمله في السودان يجعل من الصعب على البنوك والشركات إجراء العناية الواجبة للعملاء على العملاء السودانيين وفهم المخاطر المحتملة تماماً في محاولة لزيادة الاستثمارات الأجنبية وجذب البنوك والشركات الدولية إلى السودان، ينبغي على القطاعين الحكومي والمصرفي إظهار قدر أكبر من الشفافية، وتطبيق قوانين وسياسات مكافحة غسل الأموال الحالية في السودان، وتحسين سياسات وممارسات الرقابة المصرفية وستسمح هذه الخطوات للمصارف الدولية والمستثمرين من القطاع الخاص بتقييم المخاطر بشكل كافٍ وربما زيادة الاستثمار في السودان.