دُرُوس كورونا.. (2)
:: بتاريخ 12 مارس، أعلن وزير الصحة د. أكرم علي التوم، عن إشراك شركات الاتّصالات في عمليات مُكافحة كورونا ووقاية الشعب من هذا الوباء، وذلك بالتفاوُض معها لتفعيل رقم الطوارئ (9090)، والمُتوقِّف عن الخدمة مُنذ عهد النظام المخلوع، لحين سداد فاتورة استهلاك.. فالرقم للتبليغ عن حالات الاشتباه، وأعلن عنه وزير الصحة في مؤتمرٍ صحفي شهيرٍ.. ومع ذلك، إلى يومنا هذا، 17 مارس، ولا يزال رقم الطوارئ – 9090 – خارج الخدمة..!!
:: حجم المَخَاطر يَستدعي أن يكون الجميع على مُستوى المَسؤولية، ولو كُنّا كذلك لما فاوض وزير الصحة، شركات الاتّصال لتفعيل أهم أرقام الطوارئ، بل لأعادت الشركات الرقم إلى الخدمة طوعاً واختياراً، وبلا تفاوُضٍ أو شروطٍ.. مُعيبٌ للغاية أن تُقاتل الحكومة وحدها – في معركة كورونا – لصالح المُواطن، بيد أنّ شركات القطاع الخاص ومُنظّمات المُجتمع المدني (تتفرّج).. هي معركة الجميع، وعلى الجميع أن يكونوا في مُقدِّمة البذل والعطاء..!!
:: رجال المال والأعمال من حولنا يتقاسمون مع حكوماتهم مسؤولية حماية شُعُوبهم من هذا الوباء، ويجودون مشافي مُجتمعاتهم بالأدوية والأجهزة والمُعدّات، ولمُجتمعاتهم بالمُطهِّرات والكَمّامات والمحاجر الصحية وغيرها من وسائل الوقاية.. ولكن في بلادنا، وبكل أسفٍ، بلغ الجشع والطمع – والقُبح – لحد استغلال الكارثة وحاجة الناس إلى الوقاية منها، بحيث تضاعفت أسعار كل وسائل الوقاية في الصيدليات – ما بين ليلةٍ وضحاها – إلى خمسة أضعاف ما كانت عليها..!!
:: لو بلغنا العام 2020، والمخلوع على سدة السُلطة، لتدافع إليه رجال المال والأعمال بأموالهم وتسابقوا، للتبرُّع بإعادة انتخابه رئيساً، أو كما كانوا يفعلون دورياً.. ولو بلغنا العام 2020، وحزب المُفسدين حاكماً، لهرولت إليه شركات السُّحت وتُجّار الحرام، واستنفروا أنفسهم، جمعوا تبرُّعاتهم المادية والعينية، وهرولوا صوب دار الحزب لتأكيد السمع والطاعة، ليس صدقاً وإخلاصاً، ولكن ليتستّروا بنفاقهم على ما ينهبون من أموال الشعب.. أين هُم الآن؟، وأين ضميرهم الوطني؟، أم أنّ الوطن عندهم مُجرّد اسم لحزبٍ فاسدٍ؟؟
:: وهناك بعض أبناء الوطن بالخارج، أنعم الله عليهم، والملياردير السوداني البريطاني محمد إبراهيم (مستر مو) نموذجاً.. ربما لشمولية نظام الحكم، لم يدعموا سُودان ما قبل الثورة حتى في كوارث الفيضان والوبائيات، وقد يتّسق هذا الموقف مع مبادئهم وأهدافهم الساعية لترسيخ قواعد الديمقراطية في كل دول أفريقيا، بما فيها بلادهم.. ونأمل أن يكونوا عَوناً لشعبهم، حتى يتجاوز الوطن هذه الكارثة، وخَاصّةً أنّ دعمهم يُعد دعماً لسُودان ما بعد الثورة والحرية والسلام والعدالة..!!
:: معركة كورونا تكشف معادن الجميع.. أغلى ما كان في بلادنا معادن الناس في (الضرّاء)، والتراحُم في المِحَن، ولكن يبدو أنّ عُقُود البطش والفَسَاد أفسدت حتى تلك المَعَادن، بحيث نرى ما يحدث بِحُزنٍ.. منذ أزمات الوقود، وحتى كارثة كورونا، فَمَا يحدث من استغلالٍ وجَشعٍ وطَمعٍ، لا يُليق بأهل السُّودان وكريم خصالهم.. فالمدينة الفاسدة التي يتجرّد فيها الإنسان من إنسانيته، وتتحوّل فيها مُجتمعات الناس إلى غابات من الذئاب الباحثة عن الغزالان، فإنّ هذه المدينة (لا تشبهنا)، فانتبهوا حتى لا نفقد أغلى ما عندنا، ونكون من الخاسرين..!!