التطبيع الجوي
يدخل التطبيع الجوي بين السودان وإسرائيل اليوم الثلاثاء، مرحلة متقدمة بعبور أول طائرة من طراز “Boeing 787 Dreamliner” تتبع لشركة “لاتام” الأمريكية الجنوبية للأجواء السودانية، قادمةً من عاصمة تشيلي “سانت دييغو” في طريقها إلى مطار بن غوريون بتل أبيب.
فيما ثمّنت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية في عددها الصادر أمس، سماح السودان لأوّل مرة بتحليق رحلات طيران تجارية في مجاله الجوي متجهةً إلى إسرائيل.
واعتبرت الصحيفة أنّ الفضل في انطلاق المسار الجديد الذي سيختصر وقت التحليق من أمريكا اللاتينية إلى إسرائيل بنحو ساعتين، يَعُود للقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا في الثالث من فبراير الماضي.
وكان البرهان قد تعهّد في لقاء بمدينة عنتيبي الأوغندية، بالسماح للطائرات المُتوجِّهة إلى إسرائيل بالتحليق فوق الأجواء السودانية، باستثناء طائرات شركة “العال” الإسرائيلية.
في الوقت الذي كشف فيه نتنياهو بُعيد اللقاء، عن تحليق طائرة إسرائيلية في الأجواء السودانية أثناء رحلة مُباشرة من العاصمة الكونغولية كينشاسا إلى إسرئيل.
ويُعد تحليق طائرة “لاتام” اللاتينية المُتوجّهة إلى تل أبيب فوق أجواء السودان، ثاني اختبار جدي يؤكد أن الحكومة السودانية في طريقها لإنزال تعهدات عنتيبي إلى الأرض خطوةً خطوة.
ورغم أنّ ملف العلاقات مع إسرائيل الذي يتولاه رسمياً رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك يُدار إلى الآن على الأقل بعيداً عن الضوء، لكن الكشف المُتدرّج بين حين وآخر، عن تطبيع حركة تحليق الطيران الإسرائيلي أو القادم إليها، فوق أجواء السودان يُؤسِّس لانتقالٍ هائلٍ في علاقات البلدين.. من خانة العداء الصارخ، إلى نوعٍ من سياسة تبادُل المنافع.
ويبدو أنّ الشركة اللاتينية التي سَتُنظِّم ثلاث رحلات أسبوعية إلى إسرائيل عبر الأجواء السودانية، من شأنها أن تُعزِّز ثقة الحكومة الإسرائيلية، في أنّ الخرطوم لم تعد تستحي من علنية هذه العلاقة، من خلال هذه الخطوات العملية الجادّة، التي تجاوزت بها حالة القطيعة النفسية العميقة التي حالت بينها وتل أبيب لسنين عددا.
ويتصوّر على نطاقٍ واسعٍ أن يكون لمثل هذه الخطوات التطبيعية الأولية مع إسرائيل، انعكاسٌ إيجابيٌّ مُباشرٌ على علاقات السودان بالولايات المتحدة، التي ما زالت تُبدي تمنُّعاً غير مُبرّر حال دُون رفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، فَضْلاً عن أثرها المُتوقّع في فتح الأبواب التي ظلّت مُوصّدة بوجه حركة الاقتصاد والتجارة في السودان، بما لإسرائيل من تأثير على دوائر صنع القرار في واشنطن المُسيطرة على مُؤسّسات التمويل والإقراض الدولي.